نيويورك اليوم

«حافلة الرحم» في برونكس: مبادرة مبتكرة لمواجهة أزمة وفيات الأمهات

في مواجهة أزمة صحية مقلقة، برزت في حي برونكس بمدينة نيويورك مبادرة مجتمعية مبتكرة تعرف باسم “حافلة الرحم” (Womb Bus)، وهي عيادة صحية متنقلة تهدف إلى سد فجوة الرعاية الصحية للأمهات الحوامل والجدد في منطقة توصف بأنها “صحراء في مجال رعاية الأمومة”. تأتي هذه المبادرة كاستجابة مباشرة لمعدلات وفيات الأمهات المرتفعة بشكل مأساوي في برونكس، خاصة بين النساء من الأقليات.

تدير “حافلة الرحم” مؤسسة “ذا بيرثينغ بليس” (The Birthing Place Foundation)، وهي منظمة غير ربحية ولدت من رحم جهود مجتمعية لتحسين النتائج الصحية للمجتمعات المهمشة. الحافلة، المطلية باللون الوردي الزاهي، ليست مركزاً للولادة بحد ذاتها، بل هي مركز تواصل ودعم متنقل، يصل إلى الأحياء التي تفتقر إلى الموارد، ليربط النساء بخدمات حيوية، وعلى رأسها خدمات “الدولا” (doulas)، وهن مساعدات متخصصات في تقديم الدعم الجسدي والعاطفي والمعلوماتي للأم قبل وأثناء وبعد الولادة.

أزمة متجذرة في عدم المساواة

تستند المبادرة إلى حقيقة مؤلمة: حي برونكس يعاني من أحد أعلى معدلات وفيات الأمهات في ولاية نيويورك. وتشير بيانات وزارة الصحة في مدينة نيويورك إلى أن النساء السود، على وجه الخصوص، يواجهن مخاطر أعلى بكثير؛ فهن أكثر عرضة للوفاة بسبب مضاعفات الحمل بأربع مرات مقارنة بالنساء البيض، وبست مرات بسبب أسباب مرتبطة بالحمل مثل الانتحار بعد الولادة أو الجرعات الزائدة.

توضح ميلا فلوريس، وهي “دولا” ومؤسسة “ذا بيرثينغ بليس”، أن هذه الفوارق ليست مجرد أرقام، بل هي واقع عايشته بنفسها. وتقول: «من المعروف جداً أن برونكس هي صحراء في مجال رعاية الأمومة. في نيويورك، لدينا عدد قليل من مراكز الولادة، ولا يوجد أي منها بقيادة قابلات أو نساء من الأقليات». وتضيف أن «الرعاية المتوافقة ثقافياً تساعد في إحداث تأثير إيجابي على النتائج الصحية»، وهو ما تسعى “حافلة الرحم” إلى توفيره.

دعم يتجاوز الرعاية التقليدية

توفر “حافلة الرحم” مساحة آمنة للأمهات للتواصل وتكوين روابط خاصة. إنها تقدم أكثر من مجرد معلومات؛ إنها توفر التأكيد والدعم النفسي الذي تفتقر إليه الكثيرات في النظام الصحي التقليدي. تتحدث راجين باترسون، وهي أم جديدة، عن تجربتها قائلة: «إنها المرة الأولى التي أرضع فيها طفلي رضاعة طبيعية حصرية. بالتأكيد واجهت تحديات وشعوراً بأنني لا أقوم بذلك بشكل جيد بما فيه الكفاية، والحصول على تأكيد بأنني أقوم بعمل جيد كان مهماً جداً».

كذلك، وجدت كورتني هاريس بورنيت، وهي أم حامل، الدعم الذي كانت تبحث عنه عبر الحافلة. بعد أن حضرت دروساً افتراضية قدمتها فلوريس في عام 2020، تقول: «أشعر بأنني محظوظة بما يكفي لكسر هذه الدورة الجيلية من الولادات المؤلمة».

تعتبر “حافلة الرحم” جزءاً من رؤية أكبر. فبعد إطلاق الحافلة في عام 2022، افتتحت المؤسسة عيادة “مريم للصحة الإنجابية والعافية” في عام 2024، كخطوة نحو الهدف النهائي المتمثل في بناء مركز ولادة متكامل في برونكس. يهدف هذا المركز إلى توفير خيارات بديلة وآمنة للولادة في المستشفيات، وتقديم تجربة ولادة أكثر شمولية وإنسانية، بقيادة القابلات وعاملات الولادة المجتمعيات، لضمان ألا تضطر أي أم في برونكس إلى مواجهة رحلة الأمومة بمفردها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !