الجالية العربية

«حبيبة سليمان» ابنة المتهم بهجوم كولورادو تروي كيف جاءت أسرتها إلى أمريكا وأحلامها التي تهددها الأزمة

في الأول من يونيو 2025 شهدت مدينة بولدر في ولاية كولورادو الأميركية حادثاً إرهابياً راح ضحيّته عدد من المدنيين. ففي أثناء مسيرة سلمية مؤيدة لإسرائيل، ألقيت قنابل حارقة (مولوتوف) باتجاه المشاركين، مما أسفر عن إصابة نحو اثني عشر شخصاً بحروق متفاوتة. وأعلن مكتب التحقيقات الاتحادي أن المشتبه به محمد صبري سليمان (45 عاماً)، وهو أب لخمسة أطفال من أصل مصري، استهدف الحشد أثناء الهجوم. وتم القبض على سليمان من قبل السلطات بعد فراره من موقع الحادث، ووجّهت إليه تهم متعلقة بالإرهاب والعنصرية ومحاولات القتل. وأشارت التحقيقات إلى أنه خطط للهجوم منذ حوالي عام، مؤكداً أنه كان يهدف إلى قتل جميع الصهاينة.

وأخذت التقارير الإعلامية تسلط الضوء على ابنة سليمان الكبرى، حبيبة سليمان (18 عاماً)، التي تخرجت أخيراً من المدرسة الثانوية في كولورادو سبرينغز. حظيت حبيبة بتغطية إعلامية بعد حصولها على منحة دراسية ضمن برنامج محلي مخصص للطلاب المتفوقين، وكان ذلك قبل اسابيع من ارتكاب والدها للجريمة، حيث تحدثت في طلب المنحة والمقابلات الصحفية عن حلمها بدراسة الطب في الولايات المتحدة. أشارت إلى أن انتقال عائلتها من الكويت إلى أمريكا قبل عامين منحها فرصة لتحقيق طموحها الأكاديمي، وأضافت أنها تعلمت في أمريكا التكيف مع الصعوبات والعمل تحت الضغط، مشيدة بالدعم الذي وجدته من أسرتها. وأكدت أن رؤيتها والدها يمشي مجدداً بعد خضوعه لجراحة أعادت إليه القدرة على الحركة كانت من أبرز المحفزات التي دفعتها لاختيار مجال الطب.

ومع ذلك، لم تدلّ حبيبة بأي تصريح جديد يتعلق بدور والدها في الهجوم أو طبيعة الحادث نفسه. ولم تشر وسائل الإعلام إلى أي تصريحات مباشرة عن الحادث أو تقييم شخصي من جانبها حول القضية.

اقرأ أيضًا  نشطاء عرب أمريكيون يشاركون في احتجاجات ضد سياسات الهجرة الصارمة في نيويورك

وفي أعقاب الحادث أعلنت السلطات الأميركية احتجاز زوجة سليمان وأطفاله الخمسة (ثلاث بنات وولدان) لدى مكاتب الهجرة. وأوضح بيان لوزارة الأمن الداخلي أن الأسرة ستُعامل وفق إجراءات الترحيل السريع المخصصة للمقيمين بشكل غير قانوني. من جهتها، استنكرت جهات قانونية محلية هذه الخطوة، واعتبروها معاقبة جماعية للأسرة بسبب جرائم أحد أفرادها. وقدم محامو الأسرة طعوناً قضائية في قرارات الترحيل، معتبرين أن معاقبة الأقارب على ذنب لم يرتكبوه ينتهك مبادئ العدالة الأساسية.

ولاحقًا أصدر قاضٍ فيدرالي أمريكي يوم الأربعاء 4 يونيو 2025 أمراً قضائياً لمنع ترحيل زوجة وأطفال الرجل المصري محمد صبري سليمان. وقد وافق القاضي الفيدرالي غوردون غالاغر من المحكمة الجزئية الأمريكية على طلب مقدم من عائلة سليمان لوقف إجراءات الترحيل لزوجته وأطفاله الخمسة الذين اعتقلتهم السلطات الفيدرالية للهجرة يوم الثلاثاء.

ولم توجه تهم لأفراد العائلة في الهجوم. ويواجه سليمان تهماً فيدرالية لجرائم الكراهية وتهماً على مستوى الولاية بمحاولة القتل في الهجوم الذي وقع يوم الأحد في وسط مدينة بولدر. وقالت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكي كريستي نويم يوم الأربعاء إنهم يخضعون لإجراءات الإزالة، مشيرة إلى أنه من النادر أن يتم احتجاز أفراد عائلة شخص متهم بجريمة وتهديدهم بالترحيل.

وتشمل عائلة سليمان زوجته وابنتهما البالغة من العمر 18 عاماً وابنين قاصرين وابنتين قاصرتين، وجميعهم مواطنون مصريون وفقاً لبيان صادر عن وزارة الأمن الداخلي. وقالت نويم في بيان: “نحن نحقق في مدى علم عائلته بهذا الهجوم الشنيع، إذا كان لديهم علم به، أو إذا قدموا دعماً له”. كما أعلنت نويم أن السلطات الفيدرالية ستشدد فوراً إجراءاتها ضد الأشخاص الذين يتجاوزون مدة تأشيراتهم رداً على هجوم بولدر.

اقرأ أيضًا  ‎قاضٍ فيدرالي يوقف مؤقتاً ترحيل عائلة المصري محمد صبري سليمان المشتبه به في هجوم بولدر

وبحسب الوثائق القضائية، أخبر سليمان السلطات أن لا أحد، بما في ذلك عائلته، كان يعلم بهجومه المخطط له. وفي وقت سابق يوم الأربعاء، رفعت السلطات عدد ضحايا الهجوم من 12 إلى 15 شخصاً بالإضافة إلى كلب. وأفاد مسؤولو مقاطعة بولدر في بيان صحفي أن الضحايا يشملون ثماني نساء وسبعة رجال تتراوح أعمارهم بين 25 و88 عاماً. وقد خطط سليمان البالغ من العمر 45 عاماً لقتل جميع المشاركين العشرين تقريباً في المظاهرة يوم الأحد في مول بيرل ستريت الشعبي للمشاة، لكنه ألقى اثنتين فقط من قنابله الحارقة الـ18 وهو يصرخ “فلسطين حرة”.

وأصبحت قصة حبيبة سليمان محط انتباه في التغطية الإعلامية للقضية، حيث نشرت بعض الصحف الأمريكية مؤخراً تقريراً عن الطالبة التي كانت تحلم بدراسة الطب قبل أن يتغير مسار حياتها. ركزت عناوين تلك التقارير على أحلامها الأكاديمية ومصيرها المهدد بالترحيل، وأعادت إلى الواجهة النقاش حول تعامل الإعلام مع مثل هذه المواضيع. فقد لاقى هذا التوجه ردود فعل متباينة، إذ رأى البعض أنه يسلط الضوء على الجانب الإنساني للحدث ويدلّ على تداعياته على أسرة مهاجرة، بينما حذّر آخرون من أن التركيز الإعلامي على حبيبة قد يُشتّت الانتباه عن الضحايا ويفقد الحادث بُعده الأساسي كجريمة كراهية. وتعكس هذه التفاعلات النقاش الدائر في الولايات المتحدة حول قضايا الأمن والهجرة والعدالة.

ومع استمرار التحقيق والمحاكمات المقبلة، تظل حبيبة سليمان شخصية بارزة في هذه القضية من زاوية إنسانية. وبينما يواجه والدها تهم الإرهاب الجسيمة أمام القضاء، يبقى مصيرها ومستقبلها رهن ما ستسفر عنه الإجراءات القانونية. ويعلق الشارع الأميركي آماله على أن العدالة ستأخذ مجراها مع الحفاظ على مبادئ العدالة وعدم معاقبة الأبرياء على ذنب غيرهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !