يصنف جسر بروكلين كواحد من أهم معالم نيويورك، حيث يمر فوق النهر الشرقي ليربط بين منطقتي مانهاتن وبروكلين بمدينة نيويورك.
وافتتح هذا الجسر لأول يوم 24 مايو 1883، أي منذ نحو 136 سنة، بعد أشغال استمرت لسنوات وأدت لسقوط العشرات من القتلى.
ويقدر طول جسر بروكلين بأكثر من 1800 متر، وقد عمل عليه ما يزيد عن 600 عامل ونجحوا في إنجاز هذا المشروع، الذي بلغت تكلفته ما يزيد عن 15 مليون دولار، أي ما يعادل 325 مليون دولار في يومنا الحاضر.
في الأثناء، ظهر تصميم جسر بروكلين عن طريق المهندس المدني الألماني الأصل، جون أغسطس روبلينج (John Augustus Roebling)، الذي ولد يوم 12 يونيو 1806 بمدينة مولهاوزن الألمانية، ودرس الهندسة الصناعية بموطنه الأم قبل أن يهاجر وهو في الخامسة والعشرين من عمره نحو غرب بنسيلفانيا.
وهنالك، فشل روبلينج في العيش كمزارع، فانتقل نحو مدينة هاريسبورج (Harrisburg) بنفس الولاية وحصل على وظيفة مهندس مدني.
ومنذ البداية، شجع جون أغسطس روبلينج على استخدام كابلات الأسلاك بدلا من الحبال لبناء الجسور وأنشأ معملا ناجحا اختص في صناعتها. كما كسب شهرة عالمية كأحد أهم مصممي الجسور المعلقة.
وصمم العديد منها بكل من أوهايو وبنسيلفانيا ونيويورك وشلالات النياغرا. وبفضل كل هذه الإنجازات، وافق المسؤولون بمدينة نيويورك سنة 1867 على خطة المهندس المدني روبلينغ لإنشاء جسر معلق للربط بين جزأين هامين من المدينة، حيث كان من المقرر أن يمر الجسر فوق النهر الشرقي ليسهّل المواصلات بين بروكلين ومانهاتن.
واستمرت أشغال بناء جسر بروكلين 14 عاما سقط خلالها العديد من القتلى. ولسوء حظّه، صنّف المهندس جون أغسطس روبلينغ كأول ضحايا هذا الجسر الذي صممه. في يوم 28 يونيو 1869، تواجد المهندس المعماري الألماني الأصل قبل أشهر من بداية الأشغال على متن قارب لتأمل الموقع المحدد لجسر بروكلين ووضع بعض اللمسات على التصميم.
ومن دون قصد، علقت قدمه بأحد الحبال لتسحق بعد لحظات من قبل قارب آخر تواجد على مقربة منه. وقد أدت هذه الحادثة لبتر إصبعين من قدم جون أغسطس روبلينغ المصابة. وخلال الفترة التالية، رفض الأخير الخضوع لأي علاج إضافي مفضلا الاكتفاء بغسل مكان الجرح بالماء.
وبعد 24 يوما فقط من الحادثة، فارق جون أغسطس روبلينغ الحياة يوم 22 يوليو 1869 عن عمر يناهز 63 سنة عقب إصابته بمرض الكزاز المعروف أيضا بالتيتانوس، تاركا بذلك مهمة الاعتناء بإنشاء جسر بروكلين وتنفيذ تصاميمه لابنه الأكبر واشنطن روبلينج (Washington Roebling) البالغ من العمر 32 عاما.
في الأثناء، بدأت الحوادث المميتة بين العاملين على هذا الجسر يوم 23 أكتوبر 1871 حيث وقعت رافعتان استخدمتا لنقل الغرانيت لأعلى برج الجسر على عدد من العمال لتتسبب في وفاة 4 منهم.
ولإنشاء قواعد أبراج الجسر، أغرق المسؤولون نوعاً من الغرف المصنوعة من الحديد والخشب، المعروفة بالقيسونات، عند حافة النهر وضخوا المياه خارجها. وبهذه الغرف تواجد العمال الذين واصلوا الحفر واستخراج التراب مستخدمين المعاول والمتفجرات متحملين درجات الحرارة والضغط الجوي المرتفع الذي جعل عملية تنفسهم صعبة.
وقد أسفرت هذه القيسونات المعتمدة عن وفاة العديد من العمال وإصابة آخرين بأمراض مزمنة. وبسبب عمله داخل القيسونات وتفقّده للعمال، أصيب واشنطن روبلينغ بدوره بمرض التحنّي فأصبح طريح الفراش، واضطر للاعتماد على زوجته للإشراف على إنجاز المشروع، بينما اكتفى هو بمراقبة تقدم الأشغال عن بعد عن طريق تليسكوب.