الولايات المتحدة

حملات ICE على العمال الزراعيين تهدد الإمدادات الغذائية بعد تراجع إدارة ترامب عن وعودها

في تراجع مفاجئ عن سياسة سابقة، استأنفت إدارة الرئيس ترامب حملات المداهمة التي تشنها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) على أماكن العمل، مستهدفة بشكل خاص القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمال المهاجرين مثل المزارع ومصانع تجهيز الأغذية والمطاعم. ويأتي هذا القرار بعد أيام قليلة فقط من تعليق مؤقت لهذه المداهمات، مما أثار حالة من الفوضى والخوف الشديد في أوساط العمال وأصحاب الأعمال على حد سواء.

شرح النظام: ما هي وكالة ICE ومداهمات أماكن العمل؟

وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (Immigration and Customs Enforcement)، المعروفة اختصاراً بـ ICE، هي الذراع التنفيذية لوزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن تطبيق قوانين الهجرة داخل الولايات المتحدة. إحدى تكتيكاتها الأكثر إثارة للجدل هي “مداهمات أماكن العمل” (workplace raids)، حيث يقوم عملاء الوكالة بدخول الشركات والمصانع والمزارع بشكل مفاجئ للقبض على العمال الذين لا يحملون وثائق قانونية. هذه العمليات لا تؤدي فقط إلى اعتقال العمال، بل تخلق أيضاً مناخاً من الرعب يدفع الكثيرين إلى التغيب عن العمل خوفاً من الاعتقال.

تناقض السياسات: “التقلب” الحكومي

ما يجعل هذا القرار الأخير محيراً هو “التقلب” الذي أظهرته الإدارة. فقبل أيام، كانت الإدارة قد استجابت لمناشدات قادة القطاع الزراعي والغذائي الذين حذروا من أن المداهمات تسبب نقصاً حاداً في العمالة وتهدد الأمن الغذائي للبلاد. وبناءً على ذلك، تم تعليق المداهمات مؤقتاً. لكن سرعان ما تم التراجع عن هذا القرار، وأعلنت الإدارة عن استئناف “إنفاذ قوانين الهجرة على نطاق واسع وبحصص محددة”، مع تحديد هدف يومي باعتقال ٣٠٠٠ شخص، حتى لو كان ذلك يعني استهداف صناعات حيوية.

الأثر على المجتمعات المهاجرة

تداعيات هذه السياسة مدمرة. في ولايات مثل كاليفورنيا، حيث يشكل المهاجرون غير الشرعيين نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية، تُترك المحاصيل لتتعفن في الحقول بسبب نقص العمال. ويقول أصحاب المزارع إنهم لا يستطيعون ببساطة “إيقاف الأبقار عن إنتاج الحليب”، مشيرين إلى أن العمليات الزراعية تتطلب وجوداً مستمراً للعمال. بالنسبة للمجتمعات المهاجرة، بما في ذلك العديد من العرب الذين يعملون في قطاع المطاعم والمتاجر الغذائية، فإن هذه السياسة تعني العيش في خوف دائم. إنها تسلط الضوء على مفارقة أساسية في النظام الأمريكي: اقتصاد يعتمد بشكل حيوي على العمالة المهاجرة، وحكومة تتبع سياسة عقابية تجاه هؤلاء العمال أنفسهم، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي والإنساني.

وأفادت دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية باعتقال أكثر من ١٠٠ شخص في تالاهاسي بولاية فلوريدا خلال مداهمة في ٢٩ مايو. وقعت المداهمة في موقع بناء حيث تم اعتقال مهاجرين من نيكاراغوا والسلفادور وغواتيمالا والمكسيك وفنزويلا وكولومبيا وهندوراس. هذه العمليات تؤثر بشكل مباشر على المجتمعات العربية والمهاجرة التي تعمل في القطاعات الزراعية والإنشائية عبر الولايات المتحدة.

تأثير على سلاسل التوريد والاقتصاد

قال نيكولاس إنجيغنو، المساعد الخاص للوكيل مع تحقيقات الأمن الداخلي التابعة لدائرة الهجرة والجمارك، في بيان: « هذه الأنواع من إجراءات الإنفاذ تهدف إلى القضاء على التوظيف غير القانوني، ومحاسبة أصحاب العمل وحماية فرص العمل للقوى العاملة القانونية في أمريكا ». هذا التبرير الرسمي لا يأخذ في الاعتبار التعقيدات الاقتصادية والإنسانية للمسألة.

نبراسكا واجهت أيضاً مداهمات كبيرة، بما في ذلك مداهمة مصنع تعبئة اللحوم في أوماها حيث تم اعتقال أكثر من ٧٠ شخصاً. قال تحالف نبراسكا للمجتمعات المزدهرة في بيان إن سياسة الاعتقال والإبعاد التي تتبعها إدارة ترامب قد « أرسلت تأثيرات ضارة » عبر الولاية. « من وجهات نظرنا العديدة وآلاف المحادثات عبر الولاية، نعلم أن الوضع الحالي غير مستدام. لدينا عشرات الآلاف من الوظائف الشاغرة من جميع الأنواع في ولايتنا ».

قالت كارمن مارتينيز، نائبة مدير السياسات في مركز حقوق المهاجرين المحدودة، لـ UPI إن المداهمات يمكن أن يكون لها تأثير مثبط على العمال الذين يبلغون عن إساءة المعاملة في مكان العمل، مثل سرقة الأجور والتمييز وبيئات العمل غير الآمنة. هذا الخوف يؤثر بشكل خاص على العمال العرب والمسلمين الذين قد يكونون أكثر عرضة للتمييز والاستغلال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !