تواجه سيدة تبلغ من العمر أكثر من خمسين عامًا في الولايات المتحدة، وتحمل البطاقة الخضراء (Green Card)، خطر الترحيل بعد أن احتجزتها سلطات الهجرة والجمارك (ICE) في مركز الاحتجاز بمدينة تاكوما بولاية واشنطن، على خلفية إدانة جنائية غير عنيفة تعود إلى أكثر من عشرين عامًا.
وقالت ميلانيا مادرياغا، ابنة شقيقة السيدة المحتجزة وتُدعى ديكسون، إن خالتها بدت “خائفة جدًا” خلال مكالمتهما الأخيرة، وأضافت: “كل ما تريده الآن هو الخروج.”
ووفقًا لمادرياغا، تعود الإدانة إلى عام 2001 بتهمة الاختلاس، ولم تتسبب في أي مشاكل سابقة، بل إن العائلة لم تكن تعلم بوجودها حتى وقوع هذا الحادث الأخير. وأكدت أن ديكسون “سافرت عدة مرات دوليًا دون أي مشاكل”، كما أنها “قامت بتجديد بطاقة إقامتها مرتين، وكانت تشغل وظيفة بشكل طبيعي”.
وأوضح المحامي بنجامين أوسوريو، الذي يتولى الدفاع عن ديكسون، أن موكلته لم تتلق حكمًا بالسجن الفعلي ولم تُدان بأي جريمة أخرى منذ ذلك الحين. لكنه أشار إلى أن الجريمة التي أُدينت بها قد تُعتبر من الجرائم المتعلقة بـ”الخلل الأخلاقي” (moral turpitude)، والتي يمكن أن تؤدي إلى رفض دخول البلاد أو الترحيل.
وأضاف: “لو لم تكن قد سافرت خارج البلاد، لما وُوجهت بأي مشكلة.”
وكشفت مادرياغا أن العائلة اكتشفت مؤخرًا فقط أن ديكسون لم تكن مواطنة أميركية، إذ كانت ترفض التقدّم بطلب التجنيس وفاءً بوعد قطعته لوالدها بالبقاء على جنسيتها الفلبينية للاحتفاظ بحقوقها في ممتلكات الأسرة هناك، خاصةً وأن القانون آنذاك لم يكن يسمح بازدواج الجنسية.
وفي محاولة لفهم الموقف القانوني، أوضح المحامي براندون جيلين أن سلطات الجمارك وحماية الحدود (CBP) تُراجع دائمًا أهلية دخول المقيمين الدائمين عند عودتهم من الخارج، وأن بعض الإدانات الجنائية قد تجعل الشخص “غير مقبول”، وهو ما يعتبر أمرًا معتادًا، لكن الفارق في السنوات الأخيرة هو أن السلطات أصبحت تتعامل مع هذه الحالات بصرامة أكبر، حتى مع الإدانات القديمة أو حتى الاتهامات التي لم تُفضِ إلى إدانات.
من جهتها، قالت المحامية إيرين ولفكار من شركة “فيشر فيليبس” إن “أمورًا لم تكن تُشكّل مشكلة قبل 20 أو 30 عامًا أصبحت اليوم تثير القلق”، مرجعة ذلك إلى تطور التنسيق بين الوكالات الحكومية وتغييرات في تصنيف بعض الجرائم، بحيث أصبحت تُعتبر ضمن جرائم الخلل الأخلاقي.
ونصحت ولفكار حاملي البطاقة الخضراء الذين لديهم إدانات أو مخالفات سابقة بأن يكونوا “حذرين جدًا” قبل السفر خارج البلاد، بينما طمأنت الآخرين بعدم القلق المفرط إذا لم يكن لديهم سجل جنائي.
من ناحيته، دعا المحامي أوسوريو جميع موكليه إلى الإسراع في التقدّم بطلبات التجنيس، مشيرًا إلى أن جرائم بسيطة مثل حيازة الماريجوانا، حتى لو كانت منذ أكثر من عقدين، قد تؤدي إلى رفض دخول البلاد أو الترحيل، رغم أن الماريجوانا أصبحت قانونية في العديد من الولايات.
ورغم هذه التطورات، عبّر أوسوريو عن تفاؤله بإمكانية حصول ديكسون على إعفاء قانوني وإكمال طريقها نحو الحصول على الجنسية الأميركية، مؤكدًا أن قضيتها ستُعرض أمام المحكمة في شهر يوليو، لكنها ستبقى محتجزة حتى ذلك الحين، إذ لا يسمح القانون بمنحها كفالة للخروج المؤقت.
هذه الواقعة تثير مجددًا الجدل حول مدى عدالة نظام الهجرة الأميركي، وضرورة تحديث معايير القبول والترحيل بما يتماشى مع الظروف الإنسانية وسنوات الإقامة الطويلة، خاصة لحاملي البطاقة الخضراء الذين بنوا حياتهم في الولايات المتحدة لعقود.