في أعقاب كارثة طبيعية كبرى، مثل إعصار أو زلزال، تتحول المناظر الطبيعية المألوفة إلى فوضى. وبينما تكافح المجتمعات للوقوف على أقدامها، تبدأ رموز غريبة بالظهور على جدران المنازل والمباني المتضررة: علامة «X» كبيرة، مرسومة عادة بطلاء رش برتقالي أو أحمر فاقع. هذه العلامة ليست عملاً تخريبياً عشوائياً، بل هي جزء من لغة بصرية موحدة ومنظمة تستخدمها فرق البحث والإنقاذ التابعة لـ«الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ» (FEMA). فهم هذه الرموز يمكن أن يقدم معلومات حيوية حول مصير السكان وحالة المبنى في أصعب الأوقات.
النظام الأساسي هو «نظام علامات تقييم البحث» (Search Assessment Marking System)، وأشهر رموزه هو علامة «X» الكبيرة، التي يتم رسمها بالقرب من مدخل المبنى لتكون واضحة للمارة وفرق الإنقاذ الأخرى. كل جزء من هذه العلامة يحمل معلومة محددة :
- الخط المائل الأول (/): يتم رسمه عند دخول فريق البحث إلى المبنى. هذا يعني أن «البحث جارٍ حالياً». هذه العلامة الأولية تمنع الفرق الأخرى من إضاعة الوقت وتكرار الجهود في نفس المكان.[9]
- إكمال علامة «X»: عند خروج الفريق، يتم رسم الخط المائل الثاني لإكمال علامة «X». هذا يعني أن «البحث قد اكتمل» في هذا المبنى.
- الجزء العلوي: يُكتب فيه تاريخ ووقت انتهاء البحث.
- الجزء الأيسر: يُكتب فيه المعرّف الخاص بفريق البحث والإنقاذ (مثلاً، «TX-TF1» لفريق عمل تكساس الأول).
- الجزء الأيمن: يُستخدم لتدوين أي مخاطر تم العثور عليها داخل المبنى، مثل «GAS» (تسرب غاز)، «HM» (مواد خطرة)، أو وجود أضرار هيكلية. إذا كان فارغاً، فهذا لا يعني بالضرورة عدم وجود مخاطر.
- الجزء السفلي: هذا هو الجزء الأكثر أهمية من الناحية الإنسانية، حيث يسجل عدد الضحايا الذين تم العثور عليهم. يتم استخدام حرف «L» للإشارة إلى الأحياء (Live) وحرف «D» للمتوفين (Deceased). على سبيل المثال، «2-L, 1-D» تعني العثور على شخصين على قيد الحياة وشخص واحد متوفى.
- صندوق حول علامة «X»: إذا تم رسم مربع حول علامة «X» المكتملة، فهذه إشارة تحذير قوية تعني أن المبنى غير آمن هيكلياً و«يمنع الدخول إليه».
إلى جانب نظام تقييم المباني، هناك نظام آخر أكثر تحديداً لتحديد مواقع الضحايا أنفسهم، يُعرف بـ«نظام تحديد مواقع الضحايا» (Victim Location Marking System). يستخدم هذا النظام حرف «V» (اختصار لكلمة Victim أي ضحية) وله دلالات مختلفة :
- حرف «V» كبير: يشير إلى موقع ضحية «محتملة». غالباً ما يكون بجانبه سهم يشير إلى المكان الدقيق.
- دائرة حول حرف «V»: تعني أنه تم التأكد من أن الضحية على «قيد الحياة».
- خط أفقي عبر حرف «V»: علامة حزينة تعني أنه تم التأكد من أن الضحية «متوفاة».
في حين أن هذه الرموز مصممة كلغة تقنية للتواصل بين فرق الإنقاذ المحترفة، إلا أنها اكتسبت معنى أعمق في الوعي العام. بعد كوارث مثل إعصار كاترينا أو حرائق ماوي، أصبحت هذه العلامات رموزاً عامة للصدمة والاستجابة المنظمة. بالنسبة للمهاجر، خاصة أولئك القادمين من مناطق شهدت حروباً أو كوارث، فإن رؤية هذه العلامات على منازل الجيران أو في حيهم قد تكون تجربة مؤلمة ومثيرة للقلق الشديد. إنها تعيد إلى الأذهان ذكريات الفقدان والدمار. لذلك، فإن فهم معناها الحقيقي ليس مجرد معرفة تقنية، بل هو أداة نفسية مهمة. فهذه العلامات، رغم قسوتها، هي دليل على أن المساعدة قد وصلت، وأن هناك نظاماً يعمل، وأن كل مبنى وكل حياة يتم أخذها في الحسبان.
في نهاية المطاف، هذه الرموز هي لغة تتحدث عن المأساة والنظام في آن واحد. إنها شهادة صامتة على الخسارة، ولكنها أيضاً شهادة على الجهود البشرية المنظمة في مواجهة الفوضى، وعلى الأمل في العثور على ناجين حتى في أحلك الظروف.
