في مشهد مؤلم يعكس تداعيات السياسات المتشددة في ملف الهجرة، أقدمت سلطات الهجرة الأمريكية على اعتقال سيدة من أصول غواتيمالية، تُدعى “هايدي سيفوينتيس”، خلال موعد اعتيادي مع مسؤولي الهجرة في مدينة كانساس سيتي، مما أثار موجة من القلق حول مصير أطفالها الثلاثة — خاصة ابنتها البالغة من العمر خمس سنوات والمصابة بالتوحد.
أم لثلاثة مواطنين أمريكيين تواجه الترحيل
كانت سيفوينتيس، التي دخلت الولايات المتحدة قبل 17 عامًا، تواظب على مواعيدها السنوية مع دائرة الهجرة والجهات الفيدرالية منذ صدور أمر ترحيل ضدها عام 2010. وعلى الرغم من عدم امتلاكها وضعًا قانونيًا، فإنها كانت تعمل بشكل قانوني وتحمل رقم ضمان اجتماعي وتصريح عمل، دون أن تسجل ضدها أي سوابق جنائية.
لكن هذا العام، وعند ذهابها لموعدها السنوي، تم اعتقالها دون سابق إنذار، ونُقلت إلى مركز احتجاز في ولاية كنساس تمهيدًا لترحيلها إلى غواتيمالا.
ابنتها المصابة بالتوحد مهددة بفقدان رعايتها
تقول المحامية أنجيلا مارتينيز، التي تتولى قضية سيفوينتيس، إن موكلتها تقدمت بطلب “وقف ترحيل لأسباب إنسانية”، نظرًا لأن ابنتها “ياريتزي”، البالغة من العمر 5 سنوات، تعاني من اضطراب طيف التوحد، ولا يمكن لأي شخص غير والدتها التواصل معها أو تهدئتها.
وأضافت المحامية: “ياريتزي لا تتحدث كثيرًا، وتعتمد بشكل كامل على والدتها في الرعاية والتواصل، خاصة خلال نوبات التوتر والانهيار. الأم هي الشخص الوحيد الذي يمنح الطفلة الشعور بالأمان”.
قلق متصاعد ومناشدات إنسانية
الوالد، الذي لا يحمل أوراق إقامة هو الآخر، يخشى بدوره من الاعتقال، مما يضع مستقبل الأطفال الثلاثة — وجميعهم مواطنون أمريكيون — على المحك.
وفي الوقت ذاته، خرجت مظاهرات في مدينة كانساس للاحتجاج على سياسة “الترحيل السريع” التي تعتمدها إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي طالت آلاف المهاجرين، بمن فيهم طلاب وأمهات وأشخاص ذوو سجلات قانونية نظيفة.
اتهامات بتمزيق العائلات وانتهاك حقوق الأطفال
قال هامبرتو ميريدا، شقيق زوج سيفوينتيس، إن الطفلة “ياريتزي” لم تتوقف عن البكاء منذ غياب والدتها، مؤكدًا أن العائلة لا تعرف كيف ستتمكن من رعايتها في حال تم ترحيل الأم.
وأضاف: “الحكومة تمزق العائلات… هؤلاء ليسوا مجرمين، بل آباء وأمهات يعملون بجد ويدفعون الضرائب ويبنون مجتمعاتنا”.
في ظل تصاعد حالات الترحيل السريع وتزايد الانتقادات الحقوقية، يظل مصير هايدي سيفوينتيس معلقًا بقرار قد يُحدث شرخًا لا يُرمم في حياة أطفالها، خصوصًا تلك الطفلة الصغيرة التي لا تعرف معنى الحدود لكنها تعرف أن حضن أمها هو عالمها الوحيد.