كشفت تقارير إعلامية عن خطة جديدة تعدها إدارة ترامب قد تؤدي إلى رفض جماعي لمئات الآلاف من طلبات اللجوء المقدمة من مهاجرين موجودين بالفعل داخل الولايات المتحدة، ووضعهم في إجراءات ترحيل سريعة دون منحهم فرصة كاملة لعرض قضاياهم أمام قاضي هجرة. هذه السياسة، إن تم تنفيذها، ستمثل تغييراً جذرياً في كيفية تعامل أمريكا مع طالبي اللجوء، وتقويضاً لمبادئ قانونية وإنسانية راسخة منذ عقود.
تستهدف الخطة، بحسب التقارير، الأفراد الذين دخلوا الولايات المتحدة “بشكل غير قانوني” ثم تقدموا بطلبات لجوء. وبدلاً من النظر في قضاياهم، سيتم ببساطة إلغاء طلباتهم ووضعهم في ما يعرف بـ “الترحيل المعجل” (Expedited Removal). وتشير البيانات الفيدرالية إلى أن هذه السياسة قد تؤثر على ما لا يقل عن ٢٥٠ ألف شخص، حيث أن حوالي ربع طالبي اللجوء خلال العقد الماضي أبلغوا بأنفسهم عن دخولهم البلاد بطريقة غير نظامية.
شرح السياق: اللجوء مقابل الترحيل المعجل
لفهم خطورة هذه السياسة، يجب التمييز بين مفهومين أساسيين في قانون الهجرة الأمريكي:
- اللجوء (Asylum): هو حماية قانونية تُمنح للأشخاص الذين فروا من بلادهم بسبب تعرضهم للاضطهاد أو خوفهم المبرر من التعرض للاضطهاد على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الرأي السياسي أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة. وينص “قانون اللاجئين لعام ١٩٨٠” في الولايات المتحدة، تماشياً مع القانون الدولي، على أن طريقة دخول الشخص إلى البلاد (سواء كانت قانونية أو غير قانونية) لا تجعله غير مؤهل لطلب اللجوء. فالفكرة الأساسية هي أن الشخص الهارب من خطر على حياته قد لا يتمكن من الحصول على تأشيرة أو الدخول عبر منفذ رسمي.
- الترحيل المعجل (Expedited Removal): هو إجراء يسمح لمسؤولي الهجرة بترحيل بعض الأفراد من الولايات المتحدة بسرعة دون جلسة استماع أمام قاضي هجرة. هذا الإجراء يختصر العملية القانونية بشكل كبير ويحرم الفرد من العديد من حقوقه في الدفاع عن قضيته، وهو ما يعرف بـ “الإجراءات القانونية الواجبة” (Due Process).
انتهاك محتمل للقانون وتغيير دور وكالات الهجرة
يجادل خبراء الهجرة بأن هذه السياسة الجديدة من المرجح أن تنتهك “قانون اللاجئين لعام ١٩٨٠” بشكل مباشر. كما أنها تعكس تحولاً أوسع في فلسفة إدارة الهجرة، حيث يتم تحويل وكالة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية (USCIS)، التي كانت تقليدياً وكالة لتقديم الخدمات ومعالجة طلبات المزايا، إلى ذراع لإنفاذ القانون بشكل أكثر صرامة.
بالنسبة لطالبي اللجوء من الدول التي مزقتها الصراعات مثل سوريا والعراق واليمن والسودان، فإن هذه الأخبار مقلقة للغاية. فالعديد منهم ربما اضطروا لعبور الحدود بشكل غير نظامي للوصول إلى بر الأمان. هذه السياسة الجديدة تتجاهل ظروفهم الإنسانية القاسية وتضعهم في نفس سلة المخالفين العاديين لقانون الهجرة، مهددة بإعادتهم إلى نفس الخطر الذي فروا منه دون منحهم فرصة عادلة لإثبات قضيتهم.