الولايات المتحدةهجرة ولجوء

سياسة جديدة لإدارة ترامب: تسريع سحب الجنسية الأمريكية و10 فئات مهددة بفقدانها

تكثف إدارة الرئيس دونالد ترامب من جهودها لإلغاء الجنسية الأمريكية من بعض المواطنين المتجنسين، حيث أصدرت وزارة العدل مذكرة داخلية في ١١ يونيو ٢٠٢٥ توجه المحامين الفيدراليين إلى إعطاء الأولوية لإجراءات إلغاء الجنسية للأشخاص الذين حصلوا عليها بطريقة غير قانونية أو عبر إخفاء معلومات مهمة.

جاء في المذكرة التي أرسلها مساعد المدعي العام بريت شوميت إلى جميع موظفي القسم المدني في وزارة العدل أن «القسم المدني يجب أن يعطي الأولوية ويسعى إلى أقصى حد لمتابعة إجراءات إلغاء الجنسية في جميع الحالات المسموح بها قانونياً والمدعومة بالأدلة».

عشر فئات لإلغاء الجنسية
تحدد السياسة الجديدة عشر فئات من الأشخاص الذين يمكن استهدافهم بإجراءات إلغاء الجنسية:

الفئات الأمنية والجنائية الخطيرة:
الأشخاص الذين يشكلون خطراً محتملاً على الأمن القومي، بما في ذلك من لهم علاقة بالإرهاب أو التجسس أو التصدير غير القانوني للمعلومات الحساسة. من شاركوا في التعذيب أو جرائم الحرب أو انتهاكات حقوق الإنسان. من شاركوا في أنشطة العصابات الإجرامية أو المنظمات الإجرامية عبر القارات أو كارتلات المخدرات.

الجرائم المالية والجنائية:
من ارتكبوا جرائم جنائية لم يكشفوا عنها أثناء عملية التجنس. من ارتكبوا جرائم الاتجار بالبشر أو الجرائم الجنسية أو العنيفة. من شاركوا في الاحتيال المالي ضد الولايات المتحدة، بما في ذلك احتيال قروض برنامج حماية الراتب واحتيال برامج الرعاية الصحية.

فئات إضافية:
من شاركوا في الاحتيال ضد الأفراد أو الشركات الخاصة. من حصلوا على الجنسية عبر الفساد الحكومي أو الاحتيال أو التحريف . الحالات المحالة من مكاتب المدعين الأمريكيين أو المرتبطة بتهم جنائية قائمة. أي حالات أخرى يراها القسم المدني مهمة بما فيه الكفاية للمتابعة.

التحول نحو الإجراءات المدنية
أحد أبرز التغييرات في السياسة الجديدة هو التركيز على استخدام الإجراءات المدنية بدلاً من الجنائية لإلغاء الجنسية، وهو تحول يثير قلق خبراء القانون بشكل كبير.

في الإجراءات المدنية، لا يحق للأشخاص المستهدفين الحصول على محامٍ معين من الحكومة، كما أن عبء الإثبات على الحكومة أقل بكثير من القضايا الجنائية. بينما تتطلب القضايا الجنائية إثبات الذنب «بما لا يدع مجالاً للشك المعقول»، تحتاج الإجراءات المدنية فقط لإثبات أن الشخص «على الأرجح» ارتكب السلوك المخالف.

تقول كاساندرا روبرتسون، أستاذة القانون في جامعة كيس ويسترن ريزيرف: «إن سلب الأمريكيين من جنسيتهم عبر التقاضي المدني ينتهك الإجراءات القانونية الواجبة وينتهك الحقوق التي يضمنها التعديل الرابع عشر».

قضية إليوت ديوك: سابقة عملية
في ١٣ يونيو ٢٠٢٥، أمر قاضٍ فيدرالي بإلغاء جنسية إليوت ديوك، وهو مواطن أمريكي متجنس من أصل بريطاني ومحارب قديم في الجيش الأمريكي، بعد أن كشف أنه أخفى سجلاً جنائياً متعلقاً بمواد إساءة معاملة الأطفال جنسياً أثناء تقديم طلب التجنس.

هذه القضية تُعتبر سابقة مهمة تُظهر كيف ستطبق الإدارة سياستها الجديدة، حيث استُخدمت الإجراءات المدنية رغم أن ديوك لم يواجه اتهامات جنائية جديدة.

الهجوم على حق المواطنة بالولادة
بالتوازي مع جهود إلغاء الجنسية، تسعى إدارة ترامب أيضاً لإنهاء حق المواطنة بالولادة المضمون بالتعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي.

في ٢٧ يونيو ٢٠٢٥، أصدرت المحكمة العليا قراراً يحد من قدرة القضاة الفيدراليين على إصدار أوامر قضائية شاملة على المستوى الوطني، مما يعطي إدارة ترامب انتصاراً جزئياً في قضية المواطنة بالولادة.

كتبت القاضية آمي كوني باريت نيابة عن الأغلبية: «المحاكم الفيدرالية لا تمارس رقابة عامة على السلطة التنفيذية؛ بل تحل القضايا والخلافات بما يتماشى مع السلطة التي منحها لها الكونغرس».

الجدل حول زهران ممداني
تصاعد الجدل حول سياسة إلغاء الجنسية مع مطالبة النائب الجمهوري أندي أوغلز من تينيسي بإلغاء جنسية زهران ممداني، المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك والذي فاز مؤخراً في الانتخابات الأولية الديمقراطية.

في رسالة أرسلها أوغلز إلى المدعية العامة بام بوندي، اتهم ممداني بإظهار الدعم لأشخاص أدينوا بجرائم متعلقة بالإرهاب قبل حصوله على الجنسية الأمريكية، مستشهداً بكلمات راب قديمة قال فيها ممداني «أطلقوا سراح الخمسة من الأرض المقدسة».

يشير أوغلز إلى مؤسسة الأرض المقدسة، وهي منظمة خيرية إسلامية أمريكية أُدين خمسة من قادتها عام ٢٠٠٨ بإرسال أموال إلى حماس لدعم فلسطين.

ردت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت بأن الاتهامات «إذا كانت صحيحة، فهي شيء يجب التحقيق فيه».

القلق في المجتمعات المهاجرة
تثير هذه السياسات قلقاً عميقاً بين المجتمعات العربية والمسلمة والمهاجرة في الولايات المتحدة. مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (CAIR) أرسل رسالة إلى وزارة العدل يطالب فيها برفض مطالب النائب أوغلز «العنصرية والمعادية للإسلام» ضد ممداني.

كتب روبرت مكاو، مدير الشؤون الحكومية في المجلس: «استهداف مواطن أمريكي لإلغاء جنسيته بناءً على معتقداته السياسية أو إيمانه الديني أو خلفيته العرقية سينتهك التعديلين الأول والخامس للدستور الأمريكي».

السياق التاريخي والقانوني
تاريخياً، كانت إجراءات إلغاء الجنسية نادرة جداً، حيث بلغ متوسطها ١١ حالة سنوياً من ١٩٩٠ إلى ٢٠١٧. لكن في عهد ترامب الأول، أحالت وزارة الأمن الداخلي ٩٥ حالة لإلغاء الجنسية إلى وزارة العدل منذ يناير ٢٠١٧.

في يناير ٢٠١٨، أعلنت خدمات الجنسية والهجرة الأمريكية عن نيتها إحالة حوالي ١٦٠٠ مواطن إضافي إلى وزارة العدل للمحاكمة، وفي طلب الميزانية لعام ٢٠١٩، كشفت خدمات الهجرة والجمارك عن نيتها مراجعة ملفات ٧٠٠ ألف مواطن أمريكي.

التداعيات القانونية والدستورية
يشير خبراء القانون إلى أن هذه السياسات تنتهك مبادئ دستورية أساسية. التعديل الرابع عشر للدستور الأمريكي ينص على أن «جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة والخاضعين لسلطتها القضائية هم مواطنون في الولايات المتحدة».

كما أن التعديلين الخامس والرابع عشر يضمنان حق الإجراءات القانونية الواجبة لكل شخص داخل الحدود الأمريكية بغض النظر عن وضعه في الهجرة.

تمثل سياسة إدارة ترامب الجديدة لإلغاء الجنسية تحولاً جذرياً في النهج الأمريكي تجاه المواطنة، حيث تستهدف حوالي ٢٥ مليون مواطن أمريكي متجنس. استخدام الإجراءات المدنية بدلاً من الجنائية، مع عبء الإثبات المنخفض وعدم ضمان الحق في محامٍ، يثير مخاوف جدية حول العدالة الإجرائية وحقوق الإنسان.

هذه السياسات، إلى جانب الهجوم على حق المواطنة بالولادة، تشكل تهديداً مباشراً للمجتمعات المهاجرة والعربية والمسلمة في الولايات المتحدة، وتثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل الهوية الأمريكية ومفهوم المواطنة في البلاد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !