شهدت مدينة نيويورك يوم الثلاثاء الماضي احتجاجات حاشدة مناهضة لوكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، حيث تجمع الآلاف في ساحة فولي بمانهاتن السفلى للتعبير عن رفضهم لسياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب المتشددة في مجال الهجرة والترحيل. وقد أسفرت هذه الاحتجاجات عن اعتقال 86 شخصاً، من بينهم طلاب جامعيون ومحرضون وشخصيات من عائلات ثرية.
تفاصيل الاحتجاجات والاعتقالات
بدأت الاحتجاجات في ساحة فولي بشكل سلمي، لكنها تصاعدت إلى أعمال عنف حوالي الساعة الخامسة مساءً، حيث قام المتظاهرون بإلقاء الزجاجات على رجال الشرطة وإلقاء مخاريط المرور والقمامة في الشوارع. وأكدت مفوضة شرطة نيويورك جيسيكا تيش أن “الغالبية العظمى من الحاضرين البالغ عددهم 2,500 شخص كانوا هناك للتظاهر بشكل سلمي، لكن كانت هناك مجموعة أصغر من عدة مئات من الأفراد الذين تسببوا في الاعتقالات، وكان بعضهم يسعى بوضوح للصدام”.
من بين الـ 86 شخصاً الذين تم اعتقالهم، تلقى 52 منهم استدعاءات بتهم السلوك غير المنظم ومخالفات بسيطة أخرى، بينما تم توجيه تهم أكثر خطورة لـ 34 شخصاً، بما في ذلك الاعتداء من الدرجة الثانية.
أبرز المعتقلين
من بين المعتقلين البارزين:
- فيغا غوليت (19 عاماً): طالبة في كلية سارة لورانس في يونكرز، تعرّف عن نفسها بأنها “مغربية-أمريكية، فنانة وعاشقة للخردة”. تواجه تهم الاعتداء من الدرجة الثانية والسلوك غير المنظم، وهي ابنة الممثل شون غوليت، المعروف بعمله في أفلام المخرج دارين أرونوفسكي مثل “ريكويم فور أدريم” و”باي”.
- راشيل شرايبر (22 عاماً): من بروكلين، تواجه تهم مقاومة الاعتقال والتعريض للخطر بتهور ومحاولة الاعتداء. تشير السجلات إلى أن عائلتها تمتلك عقاراً بقيمة 3 ملايين دولار في ويستهامبتون بيتش، وقد رفضت والدتها التعليق على الحادثة عندما تواصلت معها صحيفة “ذا بوست”.
- روبرت ميلز (40 عاماً): واجه تهم التعريض للخطر بتهور وتلقى استدعاءً للسلوك غير المنظم. كان قد اتُهم سابقاً بعرقلة الإدارة الحكومية في أبريل خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل في بروكلين.
- تابيثا هاول (40 عاماً): تلقت استدعاءً للسلوك غير المنظم، وكانت قد أصيبت في عام 2020 عندما قامت امرأة من كوينز بدهس متظاهرين في حركة “حياة السود مهمة” في مانهاتن.
خلفية الاحتجاجات وسياقها الأوسع
تأتي هذه الاحتجاجات في سياق موجة من المظاهرات المناهضة لوكالة الهجرة والجمارك في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وخاصة بعد أحداث العنف التي شهدتها مدينة لوس أنجلوس، حيث أرسل الرئيس ترامب الحرس الوطني للسيطرة على الوضع.
بدأت الاحتجاجات في نيويورك بعد قيام وكالة الهجرة والجمارك بتنفيذ مداهمات واعتقالات للمهاجرين غير الشرعيين، بما في ذلك اعتقال طالب من مدرسة جروفر كليفلاند الثانوية في ريدجوود، كوينز، الذي تم احتجازه أثناء حضوره جلسة قانونية للحصول على اللجوء.
موقف السلطات المحلية
أكد عمدة نيويورك إريك آدامز أن المدينة لن تسمح بأعمال العنف والفوضى التي شهدتها لوس أنجلوس. وقال آدامز: “تصعيد الاحتجاجات في لوس أنجلوس خلال الأيام القليلة الماضية أمر غير مقبول ولن يتم التسامح معه إذا تمت محاولته في مدينتنا. الاحتجاج السلمي سيكون محمياً دائماً، لكننا لن نسمح أبداً بالعنف أو الفوضى”.
من جانبها، شددت مفوضة شرطة نيويورك جيسيكا تيش على أن الشرطة لديها القدرة على التعامل مع أي احتجاجات واسعة النطاق دون الحاجة إلى مساعدة فيدرالية، بما في ذلك نشر قوات الحرس الوطني. وقالت: “دعوني أكون واضحة تماماً – ليس لدينا أي تسامح مع العنف أو إتلاف الممتلكات أو إعاقة حركة السيارات أو مداخل المباني. أي هجوم على رجال إنفاذ القانون سيواجه برد سريع وحاسم من شرطة نيويورك”.
خلفية أوسع
تأتي هذه الاحتجاجات في ظل تصاعد التوترات بين المجتمعات المهاجرة والسلطات الفيدرالية في الولايات المتحدة، حيث تسعى إدارة ترامب إلى تشديد إجراءات الهجرة وزيادة عمليات الترحيل. وقد أدى ذلك إلى موجة من الاحتجاجات في مدن أمريكية عديدة، بما في ذلك لوس أنجلوس وسياتل وبورتلاند وأوستن وشيكاغو وأتلانتا.
في لوس أنجلوس، تصاعدت الأمور إلى درجة أن الرئيس ترامب أرسل أكثر من 4,000 جندي من الحرس الوطني و700 من مشاة البحرية النشطين للمساعدة في السيطرة على الوضع، رغم اعتراض حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم. وقد رفض قاضٍ فيدرالي في سان فرانسيسكو طلباً طارئاً من نيوسوم لمنع ترامب من عسكرة المدينة.
في نيويورك، أكدت السلطات المحلية أنها قادرة على التعامل مع الاحتجاجات دون الحاجة إلى تدخل فيدرالي، مع التشديد على أن شرطة نيويورك لا تشارك في تنفيذ قوانين الهجرة المدنية، وإنما تتعاون مع الوكالات الفيدرالية فقط في التحقيقات الجنائية.