في تصعيد غير مسبوق للصراع بين الإدارة الفيدرالية وولاية نيويورك، أصدرت وزارة العدل الأمريكية مذكرات استدعاء رسمية للمدعية العامة لولاية نيويورك، ليتيسيا جيمس، في إطار تحقيق يهدف إلى تحديد ما إذا كانت قد انتهكت الحقوق المدنية للرئيس دونالد ترامب. ويمثل هذا الإجراء، الذي استهدف أعلى مسؤولة قانونية في الولاية، نقطة تحول خطيرة في العلاقة المتوترة بالفعل بين واشنطن وألباني، عاصمة ولاية نيويورك.
وفقًا لمصادر مطلعة على الأمر، تسعى مذكرات الاستدعاء للحصول على سجلات تتعلق بدعويين قضائيتين رفعتهما جيمس، وهما الدعوى التي استهدفت منظمة ترامب بتهمة الاحتيال المالي، والدعوى الأخرى المتعلقة بالجمعية الوطنية للأسلحة (NRA). وأكدت المصادر أن التحقيق الفيدرالي يندرج تحت إطار التحقيقات في انتهاكات الحقوق المدنية، وهو ما يثير تساؤلات حول دوافع الإدارة الفيدرالية.
خلفية الصراع وشرح النظام الفيدرالي
لفهم أبعاد هذا الخبر، من الضروري شرح طبيعة النظام السياسي الأمريكي القائم على «الفيدرالية»، وهو مبدأ دستوري يقسم السلطات بين الحكومة الوطنية (الفيدرالية) وحكومات الولايات. لكل ولاية مدعٍ عام خاص بها، يُعتبر كبير مسؤولي إنفاذ القانون فيها، ويعمل بشكل مستقل عن وزارة العدل الفيدرالية. إن قيام وزارة العدل بالتحقيق مع مدعٍ عام لولاية هو أمر نادر للغاية ويُنظر إليه بحذر شديد، حيث يمكن أن يُفسر على أنه تدخل في سيادة الولاية.
ليتيسيا جيمس، وهي ديمقراطية، بنت مسيرتها السياسية جزئيًا على مواجهة إدارة ترامب وسياساته. وقد رفعت عشرات الدعاوى القضائية ضد إدارته خلال فترة رئاسته الأولى، كما حققت نجاحًا كبيرًا في دعوى قضائية مدنية زعمت فيها أن ترامب وشركاته قاموا بالاحتيال على البنوك والمقرضين من خلال تضخيم قيمة ممتلكاته بشكل مصطنع. وقد أسفرت هذه الدعوى عن حكم قضائي يلزم ترامب بدفع غرامة قدرها 454 مليون دولار، وهو حكم لا يزال قيد الاستئناف.
اتهامات بـ «تسليح القضاء»
أثار تحرك وزارة العدل ردود فعل غاضبة من مكتب المدعية العامة ومحاميها. وفي بيان رسمي، قال جيف بورغان، المتحدث باسم مكتب جيمس، دون تأكيد مباشر لتلقي مذكرات الاستدعاء: «إن أي محاولة لتسليح نظام العدالة يجب أن تقلق كل أمريكي. نحن نقف بقوة خلف دعوانا القضائية الناجحة ضد منظمة ترامب والجمعية الوطنية للأسلحة، وسنواصل الدفاع عن حقوق سكان نيويورك».
من جانبه، كان آبي دي. لويل، المحامي الشخصي لجيمس، أكثر حدة في تصريحاته، حيث وصف التحقيق بأنه «المثال الأكثر فظاظة ويأسًا على قيام هذه الإدارة بتنفيذ حملة انتقام سياسي للرئيس». وأضاف: «إن تسليح وزارة العدل لمحاولة معاقبة مسؤولة منتخبة لقيامها بعملها هو هجوم على سيادة القانون وتصعيد خطير من قبل هذه الإدارة». وتمثل هذه الاتهامات جوهر القلق العام، حيث يُخشى أن يتم استخدام سلطة الحكومة الفيدرالية لمعاقبة الخصوم السياسيين، مما يقوض ثقة الجمهور في نزاهة النظام القانوني.