شهدت مدينة فانكوفر الكندية حادثاً مأساوياً مساء أمس السبت، حيث اقتحمت سيارة دفع رباعي شارعاً مغلقاً كان يعج بالمحتفلين في مهرجان “لابو لابو” الفلبيني، مما أسفر عن مقتل عدة أشخاص وإصابة العشرات بجروح متفاوتة. ألقت السلطات القبض على السائق فوراً، بينما ما زالت التحقيقات جارية لمعرفة دوافع الحادث الذي وقع قبل يوم واحد من الانتخابات الفيدرالية الكندية المقررة غداً الاثنين. وقد أثار هذا الحادث موجة من الصدمة والحزن في كندا، حيث سارع المسؤولون الكنديون إلى إدانته والتعبير عن تضامنهم مع ضحاياه وأسرهم.
تفاصيل الهجوم وشهادات شهود العيان
أعلنت شرطة فانكوفر عبر منصة “إكس” (تويتر سابقاً) أن “عدداً من الأشخاص قُتلوا وأصيب آخرون بجروح”، مؤكدة أن “السائق قيد الاعتقال”. وقع الهجوم بعد الساعة الثامنة مساءً بالتوقيت المحلي في محيط شارع “إي 41 أفينيو” و”فريزر”، حيث كان آلاف الأشخاص يحتفلون بمهرجان “لابو لابو” الذي يحتفي بالتراث والثقافة الفلبينية.
أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد مروعة من موقع الحادث، حيث شوهدت جثث متناثرة في الشارع، بينما كان المسعفون وشهود عيان يحاولون تقديم المساعدة للمصابين. أفادت التقارير الأولية أن سيارة دفع رباعي سوداء اقتحمت الشارع الذي كان مغلقاً لإقامة الاحتفالات، ودهست العديد من المحتفلين قبل أن تتوقف.
وصل عدد كبير من سيارات الشرطة وفرق الطوارئ إلى موقع الحادث فوراً، حيث شوهد انتشار أمني مكثف أثناء استجابة فرق الطوارئ للحادث. وبحسب التقارير الأولية، فإن عدد القتلى يقدر بـ 8 أشخاص على الأقل، فيما أصيب أكثر من 12 آخرين بجروح متفاوتة.
ردود الفعل الرسمية والسياسية
أعرب عدد من المسؤولين الكنديين عن صدمتهم وحزنهم إزاء الحادث المأساوي. وقال عمدة فانكوفر، كين سيم، في تغريدة: “سنعمل على توفير المزيد من المعلومات في أقرب وقت ممكن، لكن في هذا الوقت أكدت شرطة فانكوفر وجود عدد من الوفيات وإصابات متعددة”، مضيفاً: “أفكارنا مع جميع المتضررين ومع المجتمع الفلبيني في فانكوفر خلال هذا الوقت العصيب للغاية”.
كما أعرب رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، عن حزنه للحادث، قائلاً: “أنا حزين لسماع الأخبار المروعة من مهرجان لابو لابو في فانكوفر هذا المساء”. فيما أعرب دايفيد إيبي، رئيس وزراء مقاطعة كولومبيا البريطانية، عن صدمته وحزنه في تغريدة على منصة “إكس”.
من جانبه، قال النائب الكندي دون ديفيس، الذي يمثل المنطقة، إنه يشعر بحزن عميق لما حدث، مؤكداً أن استجابة الصحة العامة جارية. كما أبدى زعيم الحزب الديمقراطي الجديد الكندي، جاغميت سينغ، تعازيه لأسر الضحايا وللمجتمع الفلبيني، حيث كان متواجداً في المهرجان قبل وقوع الحادث بلحظات.
السياق التاريخي والسياسي للحادث
يأتي هذا الحادث المأساوي قبل يوم واحد من الانتخابات الفيدرالية الكندية المقررة غداً الاثنين، حيث يتوجه الكنديون إلى صناديق الاقتراع في سباق انتخابي محموم تمحورت قضاياه حول الرسوم الجمركية الأمريكية وارتفاع تكاليف المعيشة.
يُذكر أن الحادث ليس الأول من نوعه في كندا، فقد وقعت حوادث مشابهة في السنوات الأخيرة، أبرزها قضية المواطن الكندي ناثانيل فيلتمان الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة قبل عام بعد إدانته بدهس عائلة مسلمة بشاحنته في مدينة لندن بمقاطعة أونتاريو عام 2021. وكان ذلك الحكم هو الأول في كندا الذي يربط بين تفوق العرق الأبيض والإرهاب في قضية قتل.
وفي حين أن المسؤولين المحليين لم يؤكدوا بعد الدافع وراء الحادث الأخير، إلا أن أسلوب تنفيذه يشبه نمطاً ظهر في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، حيث استُخدمت المركبات لاستهداف أشخاص في أماكن مزدحمة. وقد شهدت مدن مثل برلين ولندن ونيويورك هجمات مماثلة في السنوات الأخيرة، مما أثار مخاوف واسعة ودفع السلطات إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في الأحداث والمهرجانات العامة.
نبذة عن مهرجان “لابو لابو”
مهرجان “لابو لابو” هو احتفال سنوي بالتراث والثقافة الفلبينية، ويقام تكريماً لزعيم أصلي يدعى “لابولابو”، الذي قاد رجاله لهزيمة المستكشف البرتغالي فرديناند ماجلان في معركة عام 1521. تضمن المهرجان هذا العام عروضاً للفنون والثقافة الفلبينية، بما في ذلك عرض للأزياء وعرض فيلم ورقص وحفل موسيقي، بمشاركة عدد من الفنانين البارزين.
يعتبر هذا المهرجان من أهم الفعاليات الثقافية للجالية الفلبينية في فانكوفر، حيث تشارك فيه آلاف العائلات والأطفال سنوياً للاحتفال بتراثهم وثقافتهم، مما يجعل الحادث أكثر مأساوية نظراً لاستهدافه لتجمع عائلي سلمي.
تواصل التحقيقات والبحث عن الأجوبة
لم تكشف السلطات حتى الآن عن هوية السائق أو دوافعه المحتملة، كما لم يتم تحديد العدد الدقيق للضحايا حتى كتابة هذا التقرير. وتتواصل التحقيقات لمعرفة ملابسات الحادث وتحديد ما إذا كان عملاً إرهابياً أو حادثاً عرضياً أو له دوافع أخرى.
أكدت شرطة فانكوفر أنها ستقدم تحديثاً للرأي العام حول الحادث في وقت لاحق، مشيرة إلى أن المزيد من المعلومات ستتوفر مع تقدم التحقيقات. وفي الوقت نفسه، تواصل فرق الطوارئ تقديم المساعدة للمصابين والعمل على تحديد هويات الضحايا وإبلاغ ذويهم.
يمثل هذا الحادث المأساوي الذي استهدف مهرجان “لابو لابو” الفلبيني في فانكوفر صدمة كبيرة للمجتمع الكندي عموماً والجالية الفلبينية خصوصاً. وبينما تتواصل التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم ودوافعه، يبقى السؤال المطروح حول ما إذا كان هذا العمل يندرج ضمن سلسلة الهجمات التي استهدفت تجمعات مدنية بواسطة مركبات في العديد من دول العالم خلال السنوات الماضية.
تأتي هذه المأساة في توقيت حساس قبل يوم واحد من الانتخابات الفيدرالية الكندية، مما قد يلقي بظلاله على المشهد السياسي في البلاد. ويبقى الأمل معقوداً على أن تسفر التحقيقات الجارية عن تحديد المسؤولين عن هذا العمل الإجرامي وتقديمهم للعدالة، لتوفير بعض العزاء لأسر الضحايا والمتضررين من هذا الحادث المروع.