منذ كنت صغيرا بمجرد أن تعلمت قراءة الصحف أونا مولع بالقراءة عن الدول والشعوب الأخرى وكنت أول كل شهر أجلس بجانب كشك الصحف الصغير بجوار منزلنا قبل الفجر أنتظر بشغف وصول عربة الصحف محملة بمجلة الشباب الشهرية لأتابع باهتمام رحلات الصحفيين إلى الخارج لأعرف ماذا فعلوا وماذا رأووا وما هي الصور التي التقطوها والأماكن التي زاروها. إلى أن تخرجت من قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس وبدأت العمل في الصحافة وأصبحت أسافر وأكتب للقراء عن رحلاتي الخارجية في الدول التي زرتها.. وها أنا الآن مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية اسمحوا لي أن أحكي لكم هذه المرة عن زيارتي لتمثال الحرية الشهير بنيورك أو في الحقيقه هما زيارتان وكيف كانت الأولى صادمة محبطة لي وكيف كانت الثانية أكثر من رائعة.
في البداية زرت نيورك مع أسرتي عام 1987 وكان عمري وقتها سبع سنوات مكثنا شهرا في نيورك ولكن للأسف لم أتمكن من زيارة التمثال الشهير ولكن نظرت إليه من خلال منظار معدني على مرفأ نيورك يمكنك من الرؤية عن بعد. ولكن ظل حلم الزياره يطاردني إلى أن عدت إلى نيورك ثانية 2015. أول مكان قررت زيارته كان التمثال.. ذهبت إلى مانهاتن في نيورك وكان هناك مكاتب لحجز التذاكر لتستقل بعدها البواخر التي تنقلك إلى جزيرة الحرية التي يقف بها التمثال شامخا بكتابه الفخم وشعلته الأثيرة.
كان أحد أصدقائي أخبرني بسعر التذكره ثم قابلني رجل أمريكي ظريف يرتدي زي التمثال ومعه تذاكر للزيارة وأخبرني بسعر نصف السعر الذي أخبرني صديقي! وكمصري يحمل إرث كبير من وجود المحتالين في الشوارع توجست منه خيفة ثم طمأنني بأنه لن يتركني إلى بعد المرور من الحاجز وركوب الباخرة. وبالفعل ظللت ممسكا به حتى تأكدت من صحة التذاكر وتركته بعد أن أصبحت على متن الباخرة مجتمعة لدي كل مشاعر الحنين والشغف للزيارة وبمجرد قدومنا بالقرب من الجزيرة واستعدادي لأن تطأ قدماي أرضها وجدت القبطان ينحرف عن الجزيره ملتفا حولها! ومن هول ذهولي بدأت تطاردني مخاوف الغرق وتذكرت تيتانك ثم العبارة سالم، والقبطان يقول “اطلب ضمان” والمساعد يقول “المركب بتغرق يا قبطان”. ثم انتبهت من غفوتي عندما سألت أحدهم أخبرني بأن المركب تقوم برحله بحريه فقط ولا نزول لجزيرة التمثال!
تعملت الدرس جيدا وكانت هذه المرة الرحلة لولاية نيو جيرسي التي من خلالها قمت برحلة أرخص لتمثال الحرية اشتريت التذاكر من مكتب الرحلات بعد أن تأكدت منهم أن الزيارة داخل الجزيرة بل كانت تمر بجزيرة أخرى بها متحف الهجرة ثم وصلنا للتمثال وكانت هناك تذكرة أخرى للصعود لتاج التمثال! فنظرت إلى تذكرتي ووجدت أنها جزئين واعطيت الجزء الثاني منها للموظف المسئول وصعدت للتاج لأرى منظر بديع لولاية نيورك بمبانيها الساحرة ومرفأها وشوارعها الرائعه!.