كشفت صحيفة “نيويورك بوست” عن خروقات كبيرة في نظام الأمن بمحطات مترو الأنفاق في نيويورك، فبالرغم من أن هيئة النقل في نيويورك (MTA) تعاقدت مع شركة أمنية خاصة لتوفير حراس براتب يصل إلى 100 دولار في الساعة لمنع التهرب من دفع أجرة المترو، إلا أن تحقيقًا صحفيًا كشف أن بعض هؤلاء الحراس لا يقومون بمهامهم، بل يُشاهدون وهم يساعدون المتهربين من الدفع، أو ينامون أثناء نوباتهم، أو يدخنون في الخارج، بينما تتكبد الهيئة خسائر تصل إلى 800 مليون دولار سنويًا بسبب التهرب من التذاكر.
تجاوزات خطيرة داخل محطات المترو
رصدت صحيفة “نيويورك بوست” في محطة “هيرالد سكوير” قيام بعض الحراس التابعين لشركة Allied Universal Security Services بفتح أبواب الطوارئ للسماح للركاب بالدخول دون دفع الأجرة. وتكرر المشهد مرتين على الأقل، حيث اقترب عدد من الركاب من الحارس وتبادلوا معه كلمات سريعة، ثم قام بفتح الباب لهم، مما سمح لأعداد كبيرة من المتهربين بالاندفاع للدخول.
وقال الحارس روموالد زامبو، 52 عامًا، من سكان برونكس: “عندما يُفتح الباب، لا أحد يريد أن يدفع. يقولون لي: أنت لست شرطيًا، ولا يمكنك منعنا”.
أجور خيالية مقابل أداء متدنٍ
يتقاضى الحراس المسلحون في الشركة الأمنية ما يصل إلى 100 دولار في الساعة، بينما يتقاضى الحراس غير المسلحين ما يصل إلى 25 دولارًا في الساعة. وتُمنح كل نوبة استراحة لتناول الطعام لمدة 30 دقيقة.
رغم هذه الرواتب المرتفعة، رصدت الصحيفة حالات تقاعس ملحوظة؛ ففي محطة “96 ستريت”، شوهد حارسان مسلحان يمضيان أول ساعة من نوبتهما في التدخين خارج المحطة، أحدهما بسيجارة والآخر بسيجار، ثم ذهبا لشراء القهوة، فيما بقي أحد مداخل المحطة دون رقابة.
خسائر ضخمة وعقد بقيمة 35 مليون دولار
في عام 2022، أبرمت هيئة النقل عقدًا مع شركة Allied Universal بقيمة ملايين الدولارات، لتوظيف 500 حارس هدفهم ردع التهرب من الدفع. واليوم يعمل في مترو نيويورك أكثر من 1,000 حارس تابع للشركة، بين مسلحين وغير مسلحين.
وقد دفعت الهيئة حتى الآن 35 مليون دولار للشركة، رغم عدم وجود نتائج ملموسة على أرض الواقع، حيث يُقدر أن المترو يخسر ما يقرب من 800 مليون دولار سنويًا بسبب التهرب من الدفع.
سلوكيات غير مهنية ومراقبة غائبة
رصد فريق الصحيفة غياب الحراس عن مواقعهم، والنوم داخل السيارات، أو قضاء فترات طويلة في المقاهي المجاورة. وفي إحدى الحالات، شوهد ثلاثة حراس يتبادلون الحديث مع اثنين من عناصر شرطة NYPD، بينما أحد مداخل المحطة بقي مفتوحًا للمخالفين دون رقابة.
مصدر داخلي قال للصحيفة: “المديرون يعلمون بكل شيء، لكنهم لا يفعلون شيئًا… والهيئة تواصل الدفع كل شهر”.
أعذار الركاب وسهولة التحايل
قال زامبو إن الركاب غالبًا ما يتحججون بأعذار مثل: “هاتفي مكسور”، “البطاقة لا تعمل”، أو “موظف الكشك قال لي ادخل”، وبعضهم يمرر شخصين بسحبة واحدة من البطاقة.
وأضاف: “أنا لست شرطيًا، ولا أملك سلطة لإيقافهم… بمجرد فتح الباب، يندفعون”.
انتقادات سياسية ومطالب بالمحاسبة
وجه سياسيون ومسؤولون انتقادات حادة للهيئة، متهمين إياها بـ”سوء الإدارة المالية”، خصوصًا بعد طلبها دعمًا فدراليًا إضافيًا رغم أن ميزانيتها السنوية تصل إلى 20 مليار دولار. وقد أنفقت الهيئة سابقًا مليون دولار على دراسة لفهم “نفسية المتهرب من الدفع”، دون نتائج تُذكر.
وقال وزير النقل الأمريكي شون دافي إن الهيئة “لا تُحسن إدارة مواردها”، في وقت تعاني فيه من فجوة مالية هائلة.
رد هيئة النقل وصمت الشركة الأمنية
في بيان رسمي، قالت المتحدثة باسم MTA، كايلا شولتس: “فتح بوابة الخروج لتمرير الركاب دون دفع الأجرة سلوك غير قانوني وغير عادل لملايين من سكان نيويورك الذين يدفعون فعليًا”.
أما شركة Allied Universal، فلم تصدر أي تعليق حتى لحظة نشر التحقيق.