تتحدث مصادر عدة عن ارتفاع محسوس بالأسعار يطال العديد من الوقود إلى الأغذية فيما تتباين التوقعات بشأن نهاية الظاهرة المزعجة.
وفي الولايات المتحدة، مثلت التوقعات الاقتصادية الجديدة، التي أشارت إلى ارتفاع آخر مقبل في الأسعار، نتيجة لتزايد التضخم، صدمة غير سارة للكثير من الأميركيين الذي كانوا يأملون بانخفاض تلك الأسعار خلال العام المقبل.
ورجح بنك “غولدمان ساكس”، الأحد، أن التضخم قد يزداد سوءا، قبل أن يتحسن.
وخلال الأشهر السابقة، توقعت الكثير من المؤسسات المالية في الولايات المتحدة عودة الأسعار إلى طبيعتها بسرعة، بعد تحرر البلاد نسبيا من القيود التي فرضها فيروس كورونا، لكن في الوقت الذي يكافح فيه المعروض من السلع والخدمات لمواكبة الطلب المتزايد، ثمة إدراك أن “التضخم سيبقى لفترة”، بحسب تقرير لشبكة CNN الأميركية.
واعترف “غولدمان ساكس” بأنه، وبسبب الاختلالات “المطولة” بين العرض والطلب، وارتفاع الأجور، وزيادة الإيجارات وسط ازدهار قطاع الإسكان، فإن مقاييس التضخم ستظل “مرتفعة للغاية خلال معظم العام المقبل”.
واعتبرت شبكة CNN أن هذه أخبار سيئة للأميركيين، الذين يكافحون مع ارتفاع تكاليف المعيشة، فضلا عن شركات تقلصت أعمالها من جراء ارتفاع الأسعار، في وقت كانت الأسر ذات الدخل المنخفض، وتلك التي تعيش بميزانية ثابتة، هي الأكثر إضرارا بارتفاع أسعار ضروريات، مثل الغاز والغذاء والملابس.
وتمثل توقعات التضخم “نكسة” للإدارة الأميركية، لأن ارتفاع الأسعار، ومشكلات سلاسل التوريد تؤدي إلى تبدل وجهات نظر الأميركيين بشأن الاقتصاد في بلادهم، والذي كان من المتوقع أن يكون نقطة قوة للرئيس جو بايدن هذا العام، بحسب سي إن إن.
وأضافت الشبكة أن أكثر من نصف الأميركيين توقعوا أن يزداد الاقتصاد تراجعا العام المقبل، في استطلاع للرأي نشر الاسبوع الماضي. ويتوقع ما يقرب من النصف أن
وذكرت وزارة التجارة أن التضخم السنوى ارتفع بأسرع وتيرة خلال أكثر من 30 عاما خلال سبتمبر، وهذا يعتمد على زيادة بنسبة 4.4% في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي.
وباستثناء الغذاء والطاقة، ارتفع مؤشر التضخم الأساسي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، بنسبة 3.6% في أغسطس وسبتمبر، وهي أسرع وتيرة منذ مايو 1991.
وصرح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، للصحفيين خلال مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي، “نرى نقصا واختناقات مستمرة حتى العام المقبل، ونرى أن التضخم سيستمر بالارتفاع حتى العام المقبل”.
ويتوقع المستهلكون أن ترتفع الأسعار بنسبة 5.7% خلال العام المقبل، وفقا لمسح صدر يوم الاثنين عن “الاحتياطي الفيدرالي” في نيويورك.
ويمثل ذلك أعلى مستوى منذ بدء المسح في يونيو 2013، والزيادة الشهرية الثانية عشرة على التوالي.
ويراقب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذه الدراسات الاستقصائية عن كثب، لأن توقعات ارتفاع التضخم يمكن أن تغير سلوك المستهلكين والأعمال.
وكتب خبراء الاقتصاد في “غولدمان ساكس” في التقرير: “نعتقد أن الارتفاع سيثبت، في نهاية المطاف، أنه مؤقت”.
ويعني ذلك أنه من المرجح ألا يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى كبح جماح الاقتصاد لمكافحة التضخم، من خلال رفع أسعار الفائدة.
ونقل بيان بنك الاحتياطي الفيدرالي، عن نائب رئيسه ريتشارد كلاريدا، قوله إنه بينما يظل البنك المركزي الأميركي “بعيدًا عن التفكير في رفع أسعار الفائدة” فإنه إذا ثبتت صحة توقعاته الحالية للاقتصاد، فإن “الشروط الضرورية لرفع النطاق المستهدف لسعر الفائدة الفيدرالية سوف تكون مستوفاة بحلول نهاية عام 2022”.
وقال كلاريدا إن التضخم، حتى الآن، يمثل بالفعل “أكثر بكثير من مجرد تجاوز معتدل” لهدف التضخم على المدى الطويل، مضيفا “لن اعتبر تكرار الأداء العام المقبل نجاحًا في السياسة”.
وأوضح أن “النمو الاقتصادي يجب أن يدفع معدل البطالة إلى 3.8% بحلول نهاية العام المقبل، مما يسمح بالقضاء على “4.2 مليون فجوة في التوظيف”، مقارنة بـ”الأشهر التي سبقت الوباء”.
وقال كلاريدا، إن الركود الذي بدأ في مارس من العام الماضي، وانتهى في أبريل، لم يكن فقط الأقصر الذي أصاب الولايات المتحدة، ولكن أيضا الأعمق.
وأضاف إن السياسات النقدية قدمت دعمًا أساسيًا وهامًا للانتعاش الاقتصادي.
ويتوقع بنك “غولدمان ساكس” أن يرتفع التضخم الأساسي في أسعار الفائدة من أعلى مستوى له منذ 30 عاما عند 3.6%، إلى 4.4% بحلول نهاية عام 2021. ومن المتوقع أن يهدأ مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نهاية المطاف إلى 2.3% في نهاية عام 2022 و2.1% في نهاية عام 2023.
وبالمثل، من المتوقع أن تظل أسعار المستهلكين الأساسية في حدود منتصف 5% “بمعظم فصل الشتاء”، قبل أن تتراجع إلى 4% في الصيف المقبل و3.2% في نهاية عام 2022، بحسب غولدمان ساكس.