قبل ستينيات القرن العشرين، لم يكن هناك رقم موحد للطوارئ في الولايات المتحدة، وكان على المواطنين الاتصال مباشرة بأرقام هواتف أقسام الشرطة أو الإطفاء المحلية. في المدن الكبيرة، مثل لوس أنجلوس، كان هناك عشرات الأقسام ولكل منها رقم هاتف مختلف، مما جعل عملية طلب المساعدة الطارئة معقدة وبطيئة، خاصة إذا لم يكن المتصل يعرف الرقم الصحيح.
اعتمدت بعض الحالات على مشغلي الهواتف لتوجيه مكالمات الطوارئ، لكن هذا تسبب في تأخيرات إضافية عندما كان الموظفون مشغولين. كان من الواضح أن هذا النظام غير فعال في الاستجابة السريعة للحالات الطارئة، مما دفع الجمعية الوطنية لرؤساء الإطفاء عام 1957 إلى اقتراح تخصيص رقم طوارئ وطني.
البداية الرسمية لنظام 911
في عام 1967، قدمت لجنة إنفاذ القانون وإقامة العدل التابعة للرئيس ليندون جونسون تقريرًا أوصى بتخصيص رقم موحد لحالات الطوارئ على مستوى البلاد، أو على الأقل في المدن الكبرى. كما اقترح التقرير أن يكون لدى إدارات الشرطة خطان منفصلان؛ أحدهما للطوارئ والآخر للاتصالات العادية، لضمان سرعة الاستجابة للحالات الحرجة.
لتنفيذ الفكرة، تعاونت لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) مع شركة الهاتف والبرق الأمريكية (AT&T) في أواخر عام 1967 لتحديد الرقم المناسب. وفي عام 1968، اقترحت AT&T استخدام الرقم 911.
لماذا تم اختيار الرقم 911 تحديدًا؟
تم اختيار 911 لأنه قصير وسهل التذكر ويمكن طلبه بسرعة حتى على الهواتف القديمة المزودة بأقراص دوارة. بالإضافة إلى ذلك، كان الرقم مميزًا عن أرقام الهواتف العادية، مما سهل توجيهه إلى مراكز الطوارئ دون تغييرات كبيرة في الشبكة الهاتفية. وقد سبق لشركة AT&T استخدام رموز مختصرة مثل 411 للاستعلامات و611 للإصلاحات، لذا كان تنفيذ 911 خطوة منطقية وسهلة التطبيق.
وافق الكونغرس على اعتماد 911 كرقم الطوارئ الوطني، وبدأت شركات الهاتف في تحديث أنظمتها لدعمه. لضمان العدالة بين الشركات، تم دمج تكاليف التحسينات في تعرفة الاتصالات العادية للمستخدمين.
انتشار نظام 911 في الولايات المتحدة
رغم أن 911 أصبح رقم الطوارئ الرسمي، إلا أن انتشاره كان بطيئًا. بعد أكثر من عشر سنوات من تبنيه، كان 26% فقط من الأمريكيين قادرين على استخدامه للوصول إلى خدمات الطوارئ المحلية. وحتى عام 1989، لم يكن الرقم متاحًا إلا لـ50% من السكان. ومع ذلك، تسارع انتشاره خلال التسعينيات، وبحلول عام 2000، أصبح 93% من الأمريكيين يتمتعون بإمكانية الوصول إليه. واليوم، يغطي 99% من سكان الولايات المتحدة.
911 حول العالم
كان أول نظام طوارئ برقم موحد في العالم هو 999 في بريطانيا، والذي تم إنشاؤه عام 1937 بعد وفاة خمسة أشخاص في حريق. أما في الولايات المتحدة، فتم إجراء أول مكالمة 911 في 16 فبراير 1968 في مدينة هالييفيل بولاية ألاباما، حيث أجراها السيناتور رانكين فييت وردّ عليها النائب الأمريكي توم بيفيل في قسم الشرطة المحلي. وبعد ذلك بأسابيع قليلة، تبنت مدينة نومي في ألاسكا النظام أيضًا.
لاحقًا، تبنت كندا رقم 911 كرقم الطوارئ الرسمي، مما جعله رقمًا دوليًا معتمدًا في أمريكا الشمالية.
تحسينات على نظام 911
في البداية، كان يتم توجيه مكالمات 911 بناءً على موقع الهاتف المتصل، لكن هذه الطريقة لم تكن دقيقة، خاصة أن الحدود الجغرافية للبلديات لا تتطابق دائمًا مع المناطق التي تغطيها شركات الاتصالات. لذلك، تم تطوير نظام Enhanced 911 (E911)، الذي يعتمد على عناوين المتصلين بدلاً من أرقام هواتفهم لضمان دقة التوجيه وسرعة الاستجابة.
اليوم، يستمر نظام 911 في التطور، مع دمجه بتقنيات تحديد المواقع GPS والاتصالات اللاسلكية لضمان وصول خدمات الطوارئ إلى المتصلين بأسرع وقت ممكن.