تمر اليوم الذكرى الخامسة والسبعين على إعلان الرئيس الأمريكى هارى ترومان عن سياسته الخاصة بمحاربة الشيوعية، وذلك فى 22 مايو عام 1945، وكان مبدأ ترومان الذى غدا سياسة خارجية أمريكية هدفها صيانة المصالح القومية الأمريكية والنفوذ الأمريكى عن طريق محاربة امتداد الشيوعية فى جنوب شرق أوروبا وغيرها من المناطق.
وبحسب عدد من الباحثين مع نهاية الأربعينيات قامت ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻫﺎﺭى ﺘﺭﻭﻤﺎﻥ ﺘﺒنى ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍلإﺠﺭءات: ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ، ﺍﻟﺘى ﺍﺴﺘﻬﺩﻓﺕ ﺍﺤﺘواء ﺍﻟﻤﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘى، ﻓﻘﺩ ﺘﺯﻋﻤﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴة ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، وأخذت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻘﻬﺎ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ، ﻭﺃﻋﻠﻨﺕ ﻋﻥ ﺇﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1947م، ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻤﻴﺕ ﺒﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء لمواجهة الاتحاد ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ؛ حيث قدم ونظر لها الدبلوماسي الأمريكى جورج كينان من ﺨﻼل ﻤﻘﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻭﺭﺓ “ﺒﻭﺍﻋﺙ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺴﻭفيتى” ﺍﻟﺘﻲ كتبها ﻓﻲ يوليو 1947م، ﻭﺘﻜﻤﻥ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻤﻘﺎﻟﺔ كينان، في أنها قدمت أقوى مبرر لسياسة احتواء ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﻭﺘطويقه .
كانت ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء ﺃﻭﻟﻰ ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ التي جاءت نتيجة، ﻟﻠﺘﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ، وكان الردع ﺍﻟﻨﻭﻭﻱ ﻭﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻫﻲ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ، ﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء ﺍﻟﺘﻲ كاﻥ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﺎ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﻭﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﻀﻡ ﺃﺭﺍض ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻬﻴﻤﻨﺘﻪ ﻭﺍﻟﻀﻐﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻨﺫﺍﺭﻩ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ﻟﻠﺘﺨﻠﻲ ﻋﻥ ﺴﻴﺎﺴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻭﺴﻌﻴﺔ ﺒﺎﻟﺭﺩﻉ ﺍﻟﻨﻭﻭﻱ، ﻭﻗﺩ ﺩﺨلت ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜية ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ﻋﺒﺭ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء في ﻋﻬﺩ الرئيس “ﺘﺭﻭﻤﺎﻥ”، ﻭﺫﻟﻙ من خلال محور ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻨﻁﻘﺔ، وذلك في ﺇﻴﺭﺍﻥ ﻭﺘﺭكيا ﻭﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ، ﻻﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘى فى ﺃﺫﺭﺒﻴﺠﺎﻥ ﻀﻤﻥ ﻤﺤﺎﻭﻻﺘﻬﺎ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ على ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ.
وذكرت عدد من التقاير أنه لم يكن تأسيس “وكالة المخابرات المركزية” إلا تنفيذاً لسياسة محاربة الشيوعية، وفي قرارات وقعها هارى ترومان، عملت الوكالة على تمويل كل الأحزاب المناهضة للشيوعية والاشتراكية حول العالم، حتى في دول أوروبا الغربية الديموقراطية مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا الغربية، أى إن الحكومة الأميركية التي أصمت آذان العالم بحمد الديموقراطية في سنوات الحرب الباردة لم تحترم إرادة أى شعب في الاختيار الحر وكانت تتدخل بالمال والسلاح والتخريب في العمليّة الانتخابيّة من أجل تعطيلها أو إفشال خصومها أو إيصال وكلائها إلى السلطة.