تتجه الولايات المتحدة الأمريكية نحو تغيير جذري في برنامج الهجرة العشوائية المعروف بـ”اللوتري”، بعد أن أقر مجلس النواب مشروع قانون جديد يفرض رسوماً مالية على المتقدمين لأول مرة في تاريخ البرنامج. هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعاً بين خبراء الهجرة ومنظمات حقوق الإنسان، وسط مخاوف من أن يتحول البرنامج من فرصة متاحة للجميع إلى امتياز للأثرياء فقط، خاصة في الدول النامية. في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل مشروع القانون، تأثيراته المحتملة، وردود الفعل حوله.
مشروع القانون الجديد وتفاصيله
في 22 مايو 2025، أقر مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ضئيلة مشروع قانون بعنوان “قانون الحدود الجميل الكبير”. يتضمن المشروع فرض رسوم جديدة على برنامج الهجرة العشوائية (Diversity Visa Lottery) قدرها 250 دولاراً أمريكياً لكل متقدم فقط لدخول السحب.
ينص البند 70015 من مشروع القانون على أن الرسوم ستكون 250 دولاراً على الأقل بدءاً من السنة المالية 2025، مع زيادة رسوم معالجة الطلبات للفائزين من 330 دولاراً إلى 400 دولار. كما يربط المشروع هذه الرسوم بمؤشر التضخم، ما يعني إمكانية زيادتها سنوياً.
يشمل المشروع أيضاً رسوماً جديدة على خدمات الهجرة الأخرى، مثل رسم 1000 دولار لطلبات اللجوء، ورسم 24 دولاراً لنموذج I-94، ورسم سنوي للجوء لا يقل عن 100 دولار.
الوضع الحالي لبرنامج اللوتري
حالياً، التقديم على برنامج الهجرة العشوائية مجاني بالكامل عبر الموقع الرسمي، ولا يدفع المتقدم أي رسوم إلا إذا فاز في السحب، حيث يدفع فقط رسوم معالجة قدرها 330 دولاراً ورسم هجرة بقيمة 220 دولاراً. يشارك سنوياً ما بين 10 إلى 20 مليون متقدم من مختلف دول العالم، يتنافسون على 55,000 تأشيرة هجرة يتم توزيعها عشوائياً.
احتمالات الفوز منخفضة للغاية، إذ تقل عن 0.025% في معظم السنوات.
التأثير المتوقع على المتقدمين
يحذر خبراء الهجرة من أن فرض رسم 250 دولار سيؤثر بشكل كبير على المتقدمين من الدول النامية، خاصة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وأشار ناثان براون، استراتيجي الهجرة، إلى أن الرسوم الجديدة ستحول البرنامج إلى أداة ردع مقصودة، وستحرم الفئات الأكثر احتياجاً من فرصة الهجرة.
ويؤكد محامو الهجرة أن كثيراً من المتقدمين لا يملكون حتى تكاليف الفحص الطبي ورسوم التأشيرة، فكيف سيكون الحال مع رسوم تسجيل مرتفعة؟ بالنسبة لكثيرين في الدول الفقيرة، يمثل المبلغ نصف دخلهم السنوي تقريباً.
مخاوف من تحويل البرنامج إلى لوتري الأثرياء
تتزايد المخاوف من أن الرسوم الجديدة ستجعل برنامج الهجرة العشوائية حكراً على الأثرياء، حتى في الدول الأوروبية حيث احتمالات الفوز أعلى نسبياً. من المتوقع أن يؤدي هذا التغيير إلى انخفاض كبير في عدد المتقدمين من الدول النامية، مما قد يقوض الهدف الأساسي للبرنامج وهو تعزيز التنوع في الهجرة الأمريكية.
المسار التشريعي والتوقيتات المحتملة
بعد إقراره في مجلس النواب، ينتقل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون. إذا أقر مجلس الشيوخ المشروع ووقعه الرئيس، فمن غير الواضح متى ستدخل الرسوم الجديدة حيز التنفيذ. من المرجح أن تؤثر على دورة التقديم لعام 2028 إذا تم إقرارها قريباً.
ردود الفعل والانتقادات
واجه مشروع القانون انتقادات واسعة من منظمات حقوق المهاجرين والخبراء القانونيين، الذين يرون أن فرض رسوم على برنامج صُمم لتعزيز التنوع يتناقض مع أهدافه. في المقابل، يدافع مؤيدو المشروع عنه باعتباره وسيلة لتمويل تعزيز أمن الحدود وإنفاذ قوانين الهجرة.
التوصيات للمتقدمين الحاليين
ينصح الخبراء الفائزين في دورة 2026 بالإسراع في تقديم نموذج DS-260 لتجنب زيادة الرسوم. كما يُنصح الراغبون في التقديم للدورات القادمة بمتابعة التطورات التشريعية عن كثب.
يواجه برنامج الهجرة العشوائية الأمريكي تهديداً جدياً بفرض رسوم قد تحرم ملايين المتقدمين من الدول النامية من المشاركة. وبينما لا يزال مشروع القانون في مراحله الأولى، تشير التطورات إلى احتمالية كبيرة لتغيير جذري في طبيعة البرنامج الذي استفاد منه مئات الآلاف من المهاجرين على مدى العقود الماضية.