نشر موقع “آشيان نيوزآبل”، الهندي الناطق بالإنجليزية، مقالا للمحلل السياسي جيريش لينجانا عن الغرض الأساسي من تنفيذ الموساد لعمليات اغتيال كبيرة، وهو تعزيز صورة الاستخبارات الإسرائيلية.
أبرز المحلل إعلان إسرائيل، الأسبوع الماضي، مسؤوليتها عن اغتيال قائد رفيع المستوى في حزب الله بلبنان، والاشتباه بعد ذلك بساعات قليلة فقط في تدبير تل أبيب مؤامرة معقدة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس “إسماعيل هنية” في إيران.
واستشهد المحلل الهندي برأي خبراء الأمن ومكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط الذي نشره موقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي أن الاغتيالات المفاجئة الأخيرة تسلط الضوء على انتصارين استخباراتيين رئيسيين لإسرائيل، مما يدل على قدرتها على مراقبة خصومها واستهدافهم بدقة.
ونوه لينجانا، بأنه لا تزال العواقب الأوسع نطاقًا لهذه الاغتيالات غير مؤكدة، لافتا إلى إثارة عمليتا القتل مخاوف بشأن الانتقام المحتمل واسع النطاق من إيران وحلفائها، مثل حزب الله وحماس، ما قد يؤدي إلى المزيد من القتلى الإسرائيليين ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
الهجوم على لبنان
ذكّر المحلل القراء بشن مقاتلات إسرائيلية هجومًا على بيروت عاصمة لبنان، يوم الثلاثاء الموافق 30 يوليو، ما أسفر عن مقتل قائد حزب الله فؤاد شكر، الذي كان عضوًا في مجلس الجهاد التابع لحزب الله، وهو أعلى هيئة عسكرية لحزب الله ومستشارًا كبيرًا لزعيم الجماعة حسن نصر الله.
وكانت الحكومة الأمريكية ألقت اللوم على “شكر” في تفجير ثكنات مشاة البحرية الأمريكية في بيروت عام 1983 وعرضت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يقبض عليه. كما اتهم جيش الدفاع الإسرائيلي شكر بشن هجوم صاروخي قاتل مؤخرًا على مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل وقال إنه قتله ردًا على ذلك.
جدير بالذكر، أن مرتفعات الجولان هي منطقة متنازع عليها بين إسرائيل وسوريا، احتلتها إسرائيل عام 1967. وهي ذات أهمية استراتيجية وتظل منطقة مثيرة للجدل في سياسة منطقة الشرق الأوسط.
وكان جوناثان لورد، المحلل السياسي العسكري السابق في البنتاجون، قال لبيزنس إنسايدر إن عملية قتل شكر ربما كانت تستند إلى معلومات استخباراتية قتالية، إذ حددت إسرائيل موقعه في وقت محدد وتصرفت بسرعة عندما سنحت الفرصة.
وأشاد لورد، مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد، بمهاراتهم الرائعة في تعقب الأفراد في الوقت الفعلي تقريبًا. وسلط الضوء على قدرتهم على تحديد مكان هؤلاء الأفراد وأين سيكونون، مما يمكنهم من تنفيذ ضربات دقيقة.
وقال بروس هوفمان، الخبير في مكافحة الإرهاب في مجلس العلاقات الخارجية، إن أبرز ما في هجوم بيروت هو الاستهداف الدقيق مع الحد الأدنى من الأضرار الجانبية. ومع ذلك، وردت أنباء عن مقتل ثلاثة أشخاص آخرين، بما في ذلك طفلين.
هدف الموساد من سلسلة الاغتيالات
واستكمل المحلل أنه بعد ساعات من هجوم بيروت، وقع حدث أكثر أهمية: وهو اغتيال إسماعيل هنية. وقد حدث هذا بعد وقت قصير من حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
وأكد لينجانا أن تفاصيل وفاة هنية كانت غير واضحة في البداية، حيث أشارت التقارير الأولية إلى أنه توفي في غارة جوية. ومع ذلك، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في الأول من أغسطس الجاري أنه قُتل بعبوة ناسفة تم تهريبها إلى دار الضيافة التي كان يقيم فيها في طهران قبل أشهر. وتم تفجير الجهاز عن بعد بمجرد التأكد من وجود هنية في الغرفة.
وألقت إيران وحماس اللوم على إسرائيل في اغتيال هنية وتعهدتا بالانتقام. ولم تعترف إسرائيل رسمياً بتورطها في العملية، لكن كبار المسؤولين، بما في ذلك رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد، وعدوا بملاحقة قادة حماس المسؤولين عن هجوم السابع من أكتوبر، بغض النظر عن مكان وجودهم.
وقال المحلل الهندي، إن الموساد يشتهر بتنفيذه عمليات اغتيال خارج إسرائيل. ووفقًا لموقع أكسيوس، وهو مؤسسة إعلامية مرموقة، زرع عملاء الموساد عبوة ناسفة في بيت الضيافة بطهران، كان يديره الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، وفجروه من داخل إيران.
وأشار هوفمان إلى أنه من اللافت للنظر امتلاك إسرائيل للموارد والمهارات اللازمة لاختراق ما كان ينبغي أن يكون أحد أكثر المواقع أمانًا في إيران.
وأبرز لينجانا إعلان إسرائيل يوم الخميس الماضي الموافق 1 أغسطس اغتيالها محمد ضيف، قائد الجناح العسكري لحماس، في غارة في منتصف شهر يوليو في غزة. ومن جانبها، لم تؤكد حماس بعد وفاته في الهجوم، الذي أسفر عن مقتل العشرات من الفلسطينيين.
وأشاد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت يوم الخميس بالجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الإسرائيلية قائلاً إن عمليتهم نُفذت بدقة واحترافية. واعترف المحلل السابق في البنتاغون لورد بأن دولة الاحتلال كانت جيدة جدًا في جمع المعلومات الاستخبارية التكتيكية.
ومع ذلك، أشار إلى أن هذه القوة لابد وأن تؤخذ في الاعتبار في ضوء بعض الإخفاقات الكبيرة التي أصابت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قبل هجمات 7 أكتوبر، فبعد المذبحة المأساوية، واجهت الأنظمة السياسية والاستخباراتية والأمنية في إسرائيل انتقادات شديدة.
وتسآل الإسرائيليون كيف حدث مثل هذا الاختراق الخطير لدفاعات البلاد، وهو الأسوأ منذ حرب يوم أكتوبر عام 1973.
لقد تجاهل كبار المسؤولين العديد من التحذيرات بشأن تخطيط حماس لهجوم كبير، معتقدين أنه لا يمكن أن يحدث وفشلوا في التصرف عند ظهور علامات التهديد الوشيك، بحسب المحلل الهندي.
وفي أبريل، استقال رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، معترفًا بأن دائرته “لم تفي بالمسؤوليات” الموكلة إليها.
وأشار هوفمان إلى أن سلسلة عمليات القتل المستهدفة الأخيرة التي نفذتها إسرائيل كانت بمثابة جهد لإعادة بناء السمعة القوية لمجتمع الاستخبارات لديها واستعادة قدرته على الردع، كما تهدف تلك الخطوة إلى ضمان قدرتهم على التعامل بفعالية مع التهديدات المستقبلية والظهور أقوى ضد خصوم إقليميين مثل إيران.
وأضاف أن إسرائيل تعلم أن هذه السمعة كانت حاسمة في الشرق الأوسط وأن استعادة هذه السمعة من خلال سلسلة الاعتيالات المستهدفة أمر ضروري.