في واحدة من أكثر القصص قسوة وتأثيراً التي تكشفت في ظل الحملة المشددة لإنفاذ قوانين الهجرة، تعرض طفل يبلغ من العمر ست سنوات فقط ومصاب بسرطان الدم (اللوكيميا) لتجربة مروعة عندما تم اعتقاله هو وعائلته من قبل عملاء وكالة الهجرة والجمارك (ICE) خارج قاعة محكمة الهجرة في نيويورك. هذه الحادثة، التي تمثل تطبيقاً وحشياً لتكتيك “الاعتقال في المحاكم”، أثارت غضباً واسعاً وسلطت الضوء على غياب أي استثناءات إنسانية في سياسات الاعتقال الحالية.
كانت العائلة، التي تسعى للحصول على اللجوء، تحضر جلسة استماع إلزامية في المحكمة، وهو إجراء قانوني روتيني. ولكن عند خروجهم، كان بانتظارهم عملاء يرتدون ملابس مدنية. ووفقاً للمحامية التي تمثل العائلة، إلورا موخيرجي من كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، كانت التجربة مرعبة للطفلين ووالدتهما. قالت موخيرجي: «كانوا يبكون من الخوف. وفي لحظة ما، رفع أحد العملاء قميصه ليُظهر المسدس الذي كان يحمله. أصيب الطفل البالغ من العمر ست سنوات برعب شديد لدرجة أنه تبول على نفسه وتبللت كل ملابسه، ولم يقدم له أحد ملابس بديلة لعدة ساعات».
من اللعب في الحديقة إلى زنزانة الاحتجاز
قبل هذه الحادثة، كانت العائلة تحاول بناء حياة طبيعية. كان الطفلان ملتحقين بمدرسة عامة محلية، وكانا يحبان الرسم، وكان الطفل الصغير يستمتع بلعب كرة القدم في الحديقة. كانت الأسرة تذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد. لكن في لحظة واحدة، تحولت حياتهم إلى كابوس. وقد رفعت المحامية دعوى قضائية عاجلة تطالب بالإفراج الفوري عن العائلة، بحجة أن الاعتقال ينتهك حقوقهم الدستورية الأساسية بموجب التعديلين الرابع والخامس، اللذين يضمنان الإجراءات القانونية الواجبة ويحظران الاعتقالات غير القانونية.
رمز لأزمة إنسانية
تعتبر هذه القصة مثالاً صارخاً على العواقب الإنسانية الوخيمة لسياسة “الترحيل السريع” والاعتقالات التي تتم دون سابق إنذار أو فرصة للشخص لشرح ظروفه. تقول المحامية موخيرجي: «استهداف الأطفال بموجب هذه السياسة هو ببساطة أمر غير معقول». إنها تحول قضية الهجرة من نقاش سياسي مجرد إلى واقع إنساني مؤلم، وتطرح سؤالاً جوهرياً على المجتمع الأمريكي: هل هناك أي حدود إنسانية لا يجب تجاوزها في السعي لإنفاذ قوانين الهجرة؟ بالنسبة للمجتمعات المهاجرة، هذه القصة ليست مجرد خبر، بل هي تأكيد لمخاوفهم العميقة من أن النظام الحالي لا يرى أطفالهم كأطفال، بل كأرقام في إحصائيات الترحيل.