هل سمعت من قبل عن ساحرات سالم؟ إنها قضية كبرى وقعت في أمريكا في القرن السابع عشر، تكشف عن انحطاط التفكير وسقطه في الخرافات بسبب التمادى في البعد عن العقل، حيث تم إعدام نحو 20 شخصا بدعوى “السحر”.
نشرت صفحة Lindsey Fitzharris على موقع التواصل الاجتماعى “تويتر” الشهادة الأصلية لأبيجيل ويليامز من محاكمات سالم الساحرة، 1692. وهى معروضة الآن فى متحف بيبودى إسيكس فى سالم، ماساتشوستس.
وساحرات “سالم” حسبما يذكر موقع ossaymajanou.blogspot هن ساحرات نصبت لهن محاكمات عاصفة فى القرن السابع عشر وأصبحت جزءا من التراث الثقافى الأمريكي.
كانت البداية مع ظهور طائفة دينية متعصبة تسمى (الأنقياء) أو (البيوريتاريون) كان أفرادها قد هاجروا من أوروبا إلى أمريكا! فى أوائل القرن السابع عشر هربا بمعتقداتهم التي تنادى بالعودة للمسيحية بصورتها الأولى النقية وبالالتزام الحرفى بالنص الإنجيلى والخوف من الخطيئة! وعرف عنهم العزلة والاهتمام بالعمل والجدية ومواجهة الحياة القاسية فى العالم الجديد! واعتنقوا مبدأ (من ليس معنا فهو ضدنا)! وعاشوا فى ولاية “ماسوشيشتس” التى كانت ماتزال مستعمرة للبيض آنذاك بعد أن استولوا عليها من سكان البلاد الأصليين .
بدأت الحكاية حين فاجأ قس قرية تسمى “سالم” مجموعة من المراهقات الصغيرات وهن يرقصن سرا فى الغابة ويلعبن لعبة السحر الأسود والاتصال بالشيطان لتحقيق أحلامهن فى جو لهو خالص. وكان بينهن ابنة القس نفسه وكان عمرها 9 سنوات التى وقعت مغشيا عليها لشدة الفزع حينما رأته، وطالت فترة إغمائها حتى شك القس فى الأمر فبدأ استجواب الخادمة “تيبوا” التى كانت من الهنود الحمر ! وإحدى الفتيات من قريبات ابنته وتسمى “أباجيل”وعمرها حوالى 11 سنة، والتى كانت ماكرة لدرجة أنها أنكرت حكاية الرقص واللعب و رجحت أن إصابة “بيتى” ابنة القس كانت من المس الشيطانى والسحر الأسود .واتفقت الفتيات على التمادى فى هذه القصة وحين استدعى طبيب القرية لم يقف على أى داء فقرر أن تكرر حالات إغماء الفتاة نتيجة لقوة غير عادية ربما (شيطانية) !
واستغلالا للصراع الذى كان على أشده آنذاك بين المستعمرين البيض الجدد والسكان الأصليين، رأت الفتاتان أن تتهما الخادمة “تيبوا” بممارسة السحر وبدأت موجة الاتهامات والمحاكمات وساد القرية ما يشبه الجنون !بدأت الهيستيريا الجماعية حين خافت الفتاتان من عائلة قس القرية، من انكشاف كذبهما فاتهمتا الخادمة (الهندية الحمراء) “تيبوا” بممارسة السحر وزعمتا أنها تطير فى الهواء وأنها تذهب للقاء الشيطان! وصدق أهل القرية سالم الرواية، وكان السحر يعتبر لدى طائفة (الأنقياء) من الكبائر !
وانتشر الخبر وقام القس بتعذيب الخادمة فاضطرت للاعتراف بأنها تلتقى بالشيطان وأنها تحضر اجتماعات السحرة ليلا فى مكان سرى بالغابة! وألقى القبض على المتسولة “سارة جود” التى اتهمت معها طفلتها التى لا تتجاوز الرابعة من عمرها بممارسة السحر الأسود وسجنت الطفلة 8 شهور وشهدت إعدام أمها! وبدأ الناس الاعترافات على بعضهم البعض بشهادات زور، وتورط الصغار بالشهادات بتحريض من الكبار، خاصة مع وجود صراع شديد بين عائلتين كبيرتين كانتا تتنازعان الزعامة فى القرية، وساد القرية ما يشبه الجنون!
وشهدت الفترة بين يونيه وسبتمبر من عام 1692 إعدام 19 رجلا وامرأة على تلة “جالوز” فى “سالم” وهناك سيق رجل فى الثمانين لمعارضته هذه الأحكام الغريبة وجرد من ملابسه وألقيت عليه أحجار ضخمة سحق تحتها بين صراخ الناس الهيستيرى! وانتهى الأمر بأن قامت إحدى الفتاتين، وهى “أباجيل” بسرقة عمها القس وهربت لتعمل فى الدعارة فى نيويورك، فأدركت المحكمة أنها فى أزمة و فى أكتوبر قام حاكم الولاية بحل المحكمة واستبدالها بمحكمة العدل العليا التى حظرت الشهادات التى لا تبنى على أدلة فعلية! وأطلق سراح باقى المتهمين واعترف القضاة بالخطأ وببراءة معظم من تم شنقهم !