نيويورك اليوم

مدارس مدينة نيويورك تحظر برنامج “شات جي بي تي” وسط مخاوف من الغش وتأثيره على المهارات النقدية للطلاب

أعلنت إدارة التعليم في مدينة نيويورك، التي تشرف على أكبر منطقة تعليمية في الولايات المتحدة، عن قرارها بحظر الوصول إلى أداة الذكاء الاصطناعي المثيرة للجدل “شات جي بي تي” (ChatGPT) على جميع شبكاتها وأجهزتها المدرسية. يأتي هذا القرار استجابة لمخاوف متزايدة بين التربويين حول التأثيرات السلبية المحتملة للبرنامج على عملية تعلم الطلاب، بالإضافة إلى شكوك حول دقة وسلامة المحتوى الذي يولده.

وقد برزت هذه المخاوف بعد أن أظهر البرنامج قدرة فائقة على إنشاء نصوص شبيهة بالكتابة البشرية حول أي موضوع تقريبًا وفي غضون ثوانٍ معدودة، مما أثار قلقًا من إمكانية استخدامه من قبل الطلاب للغش في الواجبات المدرسية وكتابة المقالات دون بذل أي مجهود فكري حقيقي. وفي بيان رسمي، أوضحت جينا لايل، المتحدثة باسم إدارة التعليم في المدينة، أن القرار يهدف إلى حماية النزاهة الأكاديمية وتشجيع التفكير الأصيل.

وقالت لايل: «على الرغم من أن هذه الأداة قد تكون قادرة على تقديم إجابات سريعة وسهلة للأسئلة، إلا أنها لا تبني مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، والتي تعتبر ضرورية للنجاح الأكاديمي والنجاح في الحياة». وأضافت أن الإدارة لديها “مخاوف بشأن سلامة ودقة المحتوى” الذي يقدمه البرنامج، والذي لا يمكن التحقق من صحته دائمًا.

خلفية القرار وتحديات التطبيق

يمثل هذا الحظر تحديًا جديدًا للمناطق التعليمية في جميع أنحاء البلاد، التي تجد نفسها في سباق مع الزمن لوضع سياسات واضحة حول كيفية التعامل مع هذه التكنولوجيا الناشئة. فبينما يمكن للمدارس تقييد الوصول إلى الموقع على أجهزتها وشبكاتها، يظل من المستحيل منع الطلاب من استخدام “شات جي بي تي” على هواتفهم الشخصية أو أجهزة الكمبيوتر المنزلية، مما يجعل تطبيق الحظر بشكل كامل أمرًا صعبًا.

ويعكس هذا الإجراء القلق العميق لدى المعلمين من أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تآكل المهارات الأساسية التي تسعى المدارس إلى غرسها في الطلاب. فالقدرة على البحث وتحليل المعلومات وصياغة الحجج هي جوهر العملية التعليمية، ويرى الكثيرون أن أدوات مثل “شات جي بي تي” تختصر هذه العملية بشكل خطير، وتقدم منتجًا نهائيًا دون أن يمر الطالب بالمراحل الفكرية الضرورية للتعلم الحقيقي.

شرح للنظام التعليمي الأمريكي وأهميته للجاليات المهاجرة

بالنسبة للعائلات المهاجرة والجديدة على النظام الأمريكي، من المهم فهم أن نظام التعليم العام في الولايات المتحدة يتميز بدرجة عالية من اللامركزية. فكل ولاية تضع معاييرها الخاصة، وداخل كل ولاية، تتمتع المناطق التعليمية المحلية (School Districts)، مثل إدارة التعليم في مدينة نيويورك، بسلطة واسعة في تحديد سياساتها التشغيلية والمناهج الدراسية والقواعد السلوكية. هذا يعني أن قرار حظر “شات جي بي تي” هو قرار محلي يعكس أولويات وقيم المجتمع التعليمي في نيويورك، وقد تتبنى مناطق أخرى سياسات مختلفة.

يثير هذا القرار تساؤلات مهمة لدى أولياء الأمور في الجالية العربية، الذين يحرصون على توفير أفضل تعليم لأبنائهم. فمن ناحية، هناك قلق من تخلف أبنائهم عن مواكبة التطورات التكنولوجية، ومن ناحية أخرى، هناك خوف مشروع من تأثير هذه الأدوات على النزاهة الأكاديمية وتنمية المهارات الفكرية. ويُنصح أولياء الأمور بفتح حوار مع أبنائهم حول أهمية الأمانة في الدراسة، وشرح الفرق بين استخدام التكنولوجيا كأداة مساعدة للبحث والفهم، وبين استخدامها للغش الذي يقوض الهدف الأساسي من التعليم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !