تحولت زيارة قصيرة إلى متجر «وولمارت» في ولاية جورجيا لشراء دواء مسكن إلى قضية جنائية ثقيلة انتهت برجل يقضي أكثر من شهر خلف القضبان، قبل أن تُسقط النيابة التهم نهائيًا. بطل القصة هو ماهيندرا «ميك» باتيل (57 عامًا) من مدينة كينيساو، الذي قال إنه مدّ يده فقط لمنع طفل صغير من السقوط، بينما اعتبرت الأم أن ما حدث كان محاولة خطف.
كيف بدأت الواقعة داخل المتجر؟
وقعت الحادثة يوم 18 مارس 2025 داخل «وولمارت» في مدينة أكوورث بولاية جورجيا، عندما اقترب باتيل من سيدة تُدعى كارولاين ميلر (26 عامًا) ليسألها عن مكان دواء «تايلينول» (Tylenol = مسكن وخافض حرارة). كانت ميلر تجلس على «سكوتر/عربة كهربائية للتنقل داخل المتجر» (Mobility scooter = عربة كهربائية تُستخدم عادةً لمساعدة من لديهم صعوبة في الحركة) وعلى حجرها طفل عمره عامان، ومعها طفل أكبر سنًا.
روايتان متناقضتان في ثوانٍ
بحسب رواية باتيل، اصطدمت العربة بأحد العروض داخل الممر، فلاحظ أن الطفل بدا وكأنه على وشك السقوط من حضن أمه، فمد يده سريعًا لتثبيته. أما ميلر فقالت إن الرجل حاول سحب طفلها من حضنها، ووصفت ما جرى بأنه «شدّ وجذب» بينها وبينه. بعد الواقعة، غادر باتيل المتجر بعد شراء الدواء، قبل أن يفاجأ بعد أيام بوجود مذكرة توقيف بحقه.
من متجر إلى توقيف: ما التهم التي وُجهت إليه؟
أُلقي القبض على باتيل بعد نحو ثلاثة أيام من الواقعة، وواجه اتهامات بينها «محاولة ارتكاب خطف» (Criminal attempt to commit kidnapping = اتهام يعني أن السلطات ترى أن هناك شروعًا في الخطف حتى لو لم يكتمل الفعل)، إلى جانب اتهامات بالاعتداء. وفي النظام الأميركي، قد تُرفع القضية لاحقًا إلى «هيئة محلفين كبرى» (Grand jury = هيئة من مواطنين تنظر في الأدلة وتقرر ما إذا كانت هناك أسباب كافية لتوجيه الاتهام رسميًا).
الكفالة.. ولماذا بقي في السجن أسابيع؟
قال باتيل إنه قضى أكثر من ستة أسابيع محتجزًا قبل حصوله على كفالة. والكفالة (Bond = مبلغ أو ضمان يُدفع للإفراج المؤقت عن المتهم لحين المحاكمة) لا تعني تبرئة الشخص، لكنها تسمح له بانتظار إجراءات القضية خارج السجن مع التزامه بالحضور للمحكمة. وفي 6 مايو 2025، قرر القاضي الإفراج عنه بكفالة قدرها 10 آلاف دولار، بعد عرض مقاطع من كاميرات المراقبة داخل المتجر خلال جلسة أمام المحكمة.
فيديو المراقبة قلب مسار القضية
محامية باتيل، آشليغ ميرشانت، قالت إن لقطات الكاميرات كانت حاسمة لأنها أظهرت أن التفاعل كان سريعًا ومحدودًا، وأن باتيل لم يهرب من المكان، بل اشترى «تايلينول» وغادر بشكل طبيعي. وأشارت تقارير محلية إلى أن الفيديو أثار شكوكًا واسعة حول وصف الواقعة باعتبارها «محاولة خطف»، وهو ما زاد الضغط العام على السلطات لإعادة تقييم الملف.
إسقاط التهم نهائيًا: ماذا حدث في أغسطس؟
في 6 أغسطس 2025، قدمت نيابة مقاطعة كوب (Cobb County) طلبًا لإسقاط القضية (Motion to dismiss = طلب رسمي من الادعاء أو الدفاع لإنهاء الدعوى)، وقبل القاضي غريغوري بول هذا الطلب، لتنتهي القضية من الناحية الجنائية. كما أصدرت المدعية العامة في المقاطعة سونيا ألين بيانًا قالت فيه إن قرار إسقاط التهم جاء بعد اجتماع «بنّاء» بين الأطراف، وإن الطرفين عبّرا عن رغبة مشتركة في تجاوز الواقعة.
الضرر بعد إسقاط القضية: السمعة والعمل والقلق
رغم إسقاط التهم، قال باتيل إن الضرر لم يتوقف عند حدود السجن، إذ تعرض لحملة اتهامات على الإنترنت، وتأثر نشاطه وعلاقاته داخل مجتمعه، وتحدث عن خسائر مادية وضغط نفسي على أسرته. كما أشار إلى أنه يسعى لمحو السجل المرتبط بالقضية (Expungement = إجراء قانوني لمحو/إخفاء سجل قضية من بعض قواعد البيانات وفق شروط الولاية)، لكنه يؤكد أن «الأثر الرقمي» قد يبقى حتى بعد ذلك.
خطوة نحو دعوى مدنية بـ25 مليون دولار.. ما معنى الإخطار المسبق؟
وفق تقارير أميركية، اتجه باتيل لاحقًا إلى مسار الدعوى المدنية، مطالبًا بتعويض قدره 25 مليون دولار من مدينة أكوورث، متهمًا السلطات بأضرار مثل التشهير (Libel/Slander = تشهير مكتوب/شفهي)، والإهمال، والاحتجاز غير المبرر، والضرر النفسي. وفي جورجيا، غالبًا ما يُلزم القانون من يريد مقاضاة جهة حكومية بتقديم «إخطار مسبق» (Ante litem notice = إخطار قانوني يُرسل للجهة قبل رفع الدعوى خلال مهلة محددة)، وهو ما قال باتيل إنه فعله في سبتمبر 2025 قبل اتخاذ خطوات التقاضي.






