شاهد ملايين الأشخاص، أمس الاثنين، ظاهرة فلكية نادرة وهي كسوف كلي شمسي في سماء أمريكا الشمالية، كما شمل المكسيك وكندا، وأغرق مناطق عدة بهم بالظلام في وضح النهار.
بالتزامن مع حدوث الكسوف؛ شهدت هذه المناطق ظواهر غريبة بعضها مرعب حدث، حيث ظهرت ظلال الأشجار والأجسام بشكل دوائر صغيرة. ونشرت “ديلي ميل” فيديو لهذه الظاهرة، نقلا عن سكان أمريكا الشمالية، حيث شاهدوا الكسوف.
وبحسب العلم فإن هذه الظاهرة تعرف ما يسمى بتأثير الثقب، والتي تحدث في حالتي الكسوف الكلي والجزئي. كما تسمى الحالة بنطاقات الظل والتي حيرت العلماء ولا تزال لغزا.
ومن ضمن هذه الظاهرة، رؤية خطوط متموجة من الظلام والضوء على الأسطح تشبه انعكاس الضوء في حوض السباحة.
ومن مدينة إلى أخرى، تتالت صيحات الاندهاش بين الحشود الذين تجمهروا في مناطق أمريكية مختلفة، وفق ما بيّنه نقل حيّ بالفيديو لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بُثّ من مواقع متعددة على طول مسار الكسوف.
بدأ الحدث عند الساعة 18,07 ت.غ على ساحل المحيط الهادئ في المكسيك. وزار الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور مدينة مازاتلان الساحلية، حيث تحدّث عن “يوم لا يُنسى”.
ثم تنقّل الحدث عابراً أولى الولايات الأمريكية، الخمس عشرة، في المسار- من تكساس إلى ماين – قبل أن يتجه نحو شرق كندا، حيث ينهي مساره. وتبلغ المدة الإجمالية التي يعبر خلالها ظلّ القمر فوق البلدان الثلاثة في أمريكا الشمالية خلال هذه الظاهرة ساعة ونصف ساعة تقريباً.
وفي الولايات المتحدة وحدها، يعيش أكثر من 30 مليون شخص في المنطقة التي شهدت الكسوف، لبضع دقائق على الأكثر، بحسب وكالة الفضاء الأميركية.
ويمثّل هذا الحدث أيضاً فرصة اقتصادية لمناطق كثيرة شهدت تدفقاً كبيراً للسياح، وللعلماء المهتمّين بالظواهر الفلكية.
وكتبت عالمة الفلك في “ناسا” جين ريغبي “الكسوف الكلي هو أحد أكثر الأحداث العاطفية التي يمكن للمرء تجربتها”، مضيفة “كونوا حاضرين. انسوا أجهزتكم. لا تحاولوا تسجيل المشهد. فقط كونوا حاضرين. استمتعوا. ابكوا. اضحكوا”.
وتنشر السلطات الأمريكية منذ أسابيع تعليمات سلامة خاصة بهذه الظاهرة، بما يشمل خصوصاً ضرورة وضع نظارات خاصة للنظر إلى الشمس، تحت طائلة تعرّض العين لأذى جسيم.
وعلى الرغم من الغيوم في الموقع، تمكّن الزوار من رؤية الكسوف لبضع لحظات.
وفي مونتريال، كان الطقس مثالياً، وقد تجمّع عشرات آلاف الأشخاص في إحدى الحدائق.
زوار من حول العالم
ويحدث الكسوف الكلي عندما يتموضع القمر تماماً بين الأرض والشمس، ما يحجب ضوء الشمس مؤقتاً في وضح النهار.
والشمس أكبر بنحو 400 مرة من القمر وأبعد بـ400 مرة أيضاً عن الأرض، فيظهر النجمان تالياً وكأنهما يتمتعان بالحجم نفسه.
وقالت جينيث بيترسون، وهي مسؤولة عن تنظيم فعاليات في منطقة شمال سان أنطونيو بولاية تكساس “لدينا أشخاص توافدوا من جميع الولايات الخمسين، حتى من ألاسكا وهاواي. وهناك أيضاً سياح من هولندا وفنلندا وألمانيا وإسرائيل ونيوزيلاندا”.
ومن بين الأماكن الرمزية التي كان الكسوف مرئياً فيها أيضاً، شلالات نياغارا.
كما كان الكسوف مرئياً من الجوّ أيضاً، إذ نظمت شركات طيران رحلات جوية في سماء مناطق الكسوف، استُنفدت تذاكرها بالكامل.
حتى دونالد ترامب حاول الاستفادة من هذا الحدث: فقد نشر الرئيس الأميركي السابق مقطع فيديو لا تظهر فيه الشمس مغطاة بظل القمر، بل بوجهه.
أهمية علمية
وينطوي الحدث على أهمية علمية أيضاً. فقد تضمّن برنامج الفعاليات المرتبطة بالحدث إطلاق وكالة ناسا من ولاية فيرجينيا في شرق الولايات المتحدة ثلاثة صواريخ تجارب قبل الكسوف وخلاله وبعده، بهدف قياس التغيرات الناجمة عن الظلام في الجزء العلوي من الغلاف الجوي للأرض والغلاف الأيوني، حيث يمر قسم كبير من إشارات الاتصالات.