تستعد مليارات من حشرات الزيز الصاخبة لغزو الغابات الأمريكية وضواحيها. وقال مكتب شرطة نيوبيري في ولاية كارولينا الجنوبية (جنوب شرق)، في منشور عبر فيسبوك هذا الأسبوع، “تلقينا مكالمات عدة بخصوص صوت يشبه صفارة الإنذار أو العويل أو الزئير”.
وتضم عائلة الزيز أكثر من 3000 نوع من الحشرات في العالم. ومعظمها يقضي حياته تحت الأرض، على شكل يرقات. ثم تخرج من الأرض عندما تصبح بالغة لتتكاثر.
وبينما يظهر بعضها كل عام، تخرج أخرى تُسمى الزيز “الدوري” من الأرض، كل 13 أو 17 عاما.
وهذا العام، تُعنى بالظاهرة مجموعتان من حشرات الزيز: المجموعة التاسعة عشرة التي تظهر كل 13 عاما، وقد بدأت بالظهور في شمال كارولينا وجنوبها، ثم ستليها في الغرب الأوسط (ميدويست) المجموعة الثالثة عشرة التي تظهر كل 17 عاما. وفي وسط إلينوي في الشمال، قد تتواجد المجموعتان في المكان نفسه.
ويقول عالم الحشرات جين كريتسكي من جامعة ماونت سانت جوزف والذي ابتكر تطبيقا يمكّن الجميع من جمع بيانات عن هذه الحشرات ذات العيون الحمراء، إنّ الزيز “يخرج من الأرض بأعداد كبيرة، مما يثير اهتمام الآباء والأطفال”.
وتبقى هذه الظاهرة في الأذهان وتتناقل تفاصيلها الأجيال، على غرار مشاهدة الكسوف مثلاً.
ويقول كريتسكي “إنّ هذا ما يفعله العلم: توضع فرضيات تقود إلى تنبؤات، ويتم التحقق من هذه التنبؤات، وهذا ينطوي على قيمة في وقت يسعى بعض الناس إلى الإساءة للعلم”.
تعتمد حشرات الزيز “الدورية” على أعدادها من أجل استمرار النوع وعدم انقراضه: وبفضل الجحافل التي تتزايد في الوقت نفسه، يتم إشباع الطيور والثعالب والراكون والسلاحف وغيرها من الحيوانات التي يعتمد نظامها الغذائي على هذه الحشرات، على ما يوضح لوكالة فرانس برس الأستاذ في علم الأحياء بجامعة جورج واشنطن جون ليل.
وفي دراسة نشرت أخيرا في مجلة “ساينس”، أظهر جون ليل وزملاؤه أن مجموعة من الزيزان ظهرت في واشنطن عام 2021 تسببت في زيادة عدد اليرقات التي أهملتها الطيور لتنقض بدل ذلك على الزيزان.
أما النتيجة فكانت في زيادة استهلاك شتلات أشجار البلوط الصغيرة.
تظهر أبحاث أخرى أن السنوات التي تنتج خلالها أشجار البلوط معظم ثمارها تأتي دائما بعد عامين من ظهور الزيز. وكلما زاد عدد الثمار، يرتفع عدد الثدييات التي تتغذى عليها، مما يعزّز من خطر الإصابة بمرض لايم لدى البشر.
يضيف ليل أن هذه الظاهرة “تؤكد وجود تأثيرات بيئية محتملة طويلة الأمد تبقى لسنوات بعد ظهور حشرات الزيز”.
وتتميز ذكور الزيز بإصدارها صوتا صاخبا عند التزاوج.
وترى الباحثة في جامعة كنيتيكت كريس سايمن أن التغير المناخي يعطل الساعات البيولوجية لحشرات الزيز.
وفي ظل الاحترار المناخي بالولايات المتحدة، توفّر الإطالة في موسم نمو النباتات مزيدا من الغذاء وتسرّع نمو الزيز. وتقول سايمن: “أتوقع أن أعدادا إضافية من حشرات الزيز البالغة 17 عاما ستتحول إلى أخرى عمرها 13 عاما، وفي النهاية ستصبح هذه السمة جينية”. ويشير ليل إلى أنّ التوصل إلى معلومات بشأن أثر ذلك على الزيز على المدى البعيد، مسألة صعبة.