قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، تشير إلى أن قطاعات واسعة من الأميركيين ترفض الحصول على لقاح كورونا أو تفضل تأجيله، وفي دراسة حديثة أبدى بين 40 و50% عدم رغبتهم بالتطعيم، عندما يصبح متاحاً لهم لأول مرة، ما يمثّل تحدياً خطيراً على الصحة العامة والاقتصاد.
وفي ظل عدم وجود قوانين ملزمة بتناول اللقاح، تدور تساؤلات في الأوساط الأميركية حول قدرة الشركات – أو رغبتها – على فرض التطعيم على موظفيها، إذ حتى على مستوى العاملين في الخطوط الأمامية، هناك تردد في الموافقة على اللقاح، وهو ما أظهرته دراسة استقصائية لرجال الإطفاء بمدينة نيويورك، قال 55% إنهم لا ينوون أخذ اللقاح إذا عرضته إداراتهم.
يقول الدكتور أنطوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، إنه حتى يتم تطعيم 75% من الناس، يجب على الجميع، حتى لو أخذوا اللقاح، الاستمرار في ارتداء الكمامات والحفاظ على التباعد الاجتماعي، وهذا يعني أن دور السينما، وتناول الطعام في الأماكن المغلقة، والأحداث الرياضية والسفر، ستظل تواجه تحديات.
ويعوّل المسؤولون وأصحاب الأعمال على التطعيمات لدورها في إنعاش الاقتصاد، لكن، بحسب الصحيفة، فإنه إذا لم يتم تطعيم 75% من سكان الولايات المتحدة، فإن محرك الاقتصاد لن ينطلق بالطريقة التي يأملها الكثيرون، بل ستستمر المناقشات حول القيود الصحية وخطط التحفيز الاقتصادي، ويتمثل التحدي في أنه إذا تُرك قرار أخذ اللقاح للناس، فقد يكون معدل إقبال 75% بعيد المنال. وهكذا قد يضطر أصحاب الشركات والمصانع إلى إلزام موظفيهم بأخذ اللقاح، من خلال التلويح بفقدان العمل.
ولا تقتصر فوائد أخذ اللقاح وفق “نيويورك تايمز” على الوقاية من المرض، بل تتعدى ذلك إلى شعور الموظفين بالراحة لوجودهم في محيط آمن بحكم حصول الجميع على اللقاح، كما يمكن أن يخلق الأمر حالة تنافسية في الأسواق، وعلى سبيل المثال، إذا قامت شركة “أوبر” بتطعيم سائقيها، ستكون أكثر جاذبية للعملاء، والأمر ذاته قد يحصل في المطاعم والمقاهي.
ومن الممكن أيضاً أن تطلب بعض الشركات حتى من عملائها أن يأخذوا اللقاح، فإذا فرضت شركة طيران مثلاً على العملاء شرط التطعيم حى يستطيعوا السفر في رحلاتها، ستصبح الشركة الأكثر أماناً، وسيجعل العملاء يشعرون بمزيد من الأمان أيضاً.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن القانون الأميركي يمنح القطاعين العام والخاص الحق في أن يطلبا من الموظفين، تلقي اللقاح، وأوصت نقابة المحامين في ولاية نيويورك مؤخراً بأن تنظر الدولة في جعل اللقاحات إلزامية على المستوى الوطني.
وقال عدد من المديرين التنفيذيين إنهم يخططون لطلب اللقاحات لشركاتهم، لكنهم لا يريدون جعلها إلزامية، إذ اعتبر بعضهم أن محاولة إجبار الموظفين على أخذ التطعيمات سيؤدي إلى تقويض الثقة داخل الشركات، في حين أبدى آخرون مخاوف من المسؤولية القانونية في حال عانى الموظف من آثار جانبية سلبية بعد الحصول على اللقاح.
وبعد أن طلبت شركة الطيران الأسترالية، تطعيم المسافرين على خطوطها، القادمين من دول أخرى والمغادرين خارجها، توقفت وكالة سفر بريطانية عن حجز رحلات مع الشركة الأسترالية، مبررة ذلك بأن التطعيم خيار شخصي لا يجب فرضه على الناس.
وتقول “نيويورك تايمز” إن معظم الناس سيحتاجون إلى عدة أشهر للحصول على اللقاح، وتضيف “لكن بمجرد توفر لقاح واحد أو أكثر، بعد التأكد من سلامتها وإقرارها رسمياً، سيكون من غير الصائب عدم استخدامها لحماية الاقتصاد وصحة المجتمع”.