وكالات
أفادت وكالة “رويترز” نقلا عن مصادر مطلعة في السعودية حسب قولها، بأن المملكة تهدد ببيع النفط بعملات أخرى غير الدولار، في حال أقرت واشنطن قانون “نوبك”.
وتسعى بعض الجهات في الولايات المتحدة إلى تحريك تشريع يعرف باسم “نوبك”، يجعل الدول الأعضاء في منظمة “أوبك” عرضة لدعاوى قضائية لمكافحة الاحتكارفي الولايات المتحدة وهو تشريع ظل مجمدا لفترة طويلة، إذ ألمح رؤساء أمريكان سابقون إلى أنهم سيعترضون على أي تحرك لتحويله إلى قانون.
الرواية ليست رسمية
يقول المستشار الاقتصادي والنفطي محمد سرور الصبان حول هذه التقارير: ما نقلته “رويترز” ليس تصريح رسمي، إنما هي نقلته عن بعض المصادر، وما لم يصدر تصريح رسمي، فإن المملكة السعودية في حل من هذا التصريح، صحيح أن هناك تهديدات من قانون نوبك، لكنها ليست المرة الأولى التي يمرر فيها هذا القانون، وتم إلغاء القضايا التي رفعت على أوبك بسبب هذا القانون، وبالتالي لو تمريره مرة أخرى، صحيح أنه قد يزيد من الضغوط على أوبك والمملكة العربية السعودية، لكن يمكن مواجهته قضائيا وقانونيا.
التخلي عن الدولار ليس من مصلحة السعودية
أعتقد أن المملكة لا تفكر حاليا في التخلي عن الدولار كعملة، لأن المملكة لديها احتياطات نقدية كبيرة جدا بالدولار، موجودة في الخزينة الأمريكية على شكل سندات، وحتما بتحولها عن الدولار ستتأثر قيمة هذه الاحتياطات ما لم تسحبها المملكة، كما وأعتقد أن من المبكر جدا القول بهذه العملية، وهناك العديد من التهديدات من قبل الولايات المتحدة، التي تزعج دول أوبك، عن طريق التغريدات التي يكتبها الرئيس الأمريكي ترامب، لكن أوبك لم تعط آذانا صاغية لهذه التهديدات، سواء من ناحية زيادة الإنتاج أو الامتناع عن التصرفات الاحتكارية، وغيرها من المطالب التي طالب بها ترامب، وتجاهلهتا أوبك تماما واستمرت في تخفيض الإنتاج، وهذه التهديدات في الواقع لا تلقى الكثير من الاهتمام.
أود التذكير بأن المملكة تملك الحق في البيع بأي عملة تريدها، لكن لا بد من أن تحسب المخاطر العديدة المالية والسياسية لهذا الانتقال من الدولار إلى العملات الأخرى.
وختم الدكتور محمد بقوله: لكن هذه النقطة مهمة جدا فيما لو فكرت المملكة طرح أرامكو للاكتتاب العام دوليا، ويجب الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المحيطة بالأسواق الأمريكية، ما اذا تم الطرح دوليا، أو يتم اختصارها على السوق المحلية، أو لا يتم طرح أي أسهم، كل هذا يجب أن يكون في ميزان التقييم بالنسبة للمملكة.
هل تطبق الولايات المتحدة قانون “نوبك”
وحول هذا الموضوع تحدث الخبير الإقتصادي قصي جاموس مدير مؤسسة “بوليشماركس” للاستشارات الاقتصادية لوكالة “سبوتنيك”، وقال: في الدوائر الأمريكية هناك شد باتجاه محاسبة أوبك، لكن هذا الموضوع سيكون صعبا إلى حد كبير، خصوصا وأن هناك أراء متباينة بين السلطات السياسية والتجارية الأمريكية، وهذا التباين قد يؤجل أو يلغي إمكانية محاسبة أوبك أو خروج قرار “نوبك”، خصوصا أن الرئيس ترامب داعم لبعض الأطراف في أوبك وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، وبالتالي سيكون هناك نوع من عدم الراحة لدى ترامب في التوقيع على قرار يحاسب أوبك، أو حتى تطبيق هكذا قرار.
تهديد أم خلاف
يؤكد الأستاذ قصي بأن الخبر هو ضغط سياسي وليس لأمر اقتصادي، ويبين: هو نوع من الرد السياسي، لأن موضوع نوبك استجد اليوم، بالإضافة إلى عامل السياسات الأمريكية غير المتوقعة، خصوصا بعد قدوم الرئيس ترامب، حيث لا يمكن التنبؤ بقراراته، ولا أعتقد أن من مصلحة الدول الآن التصعيد في هذا الموضوع، لأنه صعب التحقيق عمليا.
القرار السعودي ليس جديدا
ويتابع الخبير قصي: ومن ناحية استغناء السعودية أو أي من دول أوبك عن الدولار، هذا الحديث ليس جديدا، بل حصل قبل ذلك عند الأزمة المالية العالمية، بسبب انخفاض قيمة الدولار آنذاك، والصين أيضا كانت ترغب خلال العامين الماضيين بالتخلي عن الدولار في تجارة البترول تحديدا، وأنشأت سوقا للعقود الآجلة مقومة باليوان الصيني، لكن اليوان نفسه ظل مرتبطا بالدولار.
تطبيق هذا القرار
يوضح الخبير الاقتصادي كيف يمكن لدول أوبك التخلي عن التعامل بالدولار: إمكانية تطبيق هذا الأمر يحتاج إلى أمرين أساسيين، الأول إيجاد عملة بديلة للدولار، وحتى الآن لا توجد هكذا عملة، فالدولار هو العملة المهيمنة وجميع الدول تقريبا تجري عملياتها التجارية من خلاله، والأمر الثاني في حال وجود سلة من العملات لتقييم العقود، يجب تحديد هذه العملات وإيجاد من يراقبها ويحددها، وهو ما يؤدي إلى الحاجة إلى بنك مركزي، وهذا صعب جدا، حيث سيؤدي إلى إشكال كبير بين الدول النفطية، لوجود اختلاف كبير بين شركاء أوبك نفسها، فكيف سيتم الاتفاق مثلا بين إيران والسعودية، لذلك هذا الأمر صعب جدا.
التأثير على الاقتصاد العالمي
على الرغم من أن الفرضية مستحيلة التحقق، لكن لو فرضنا أن دول أوبك استطاعت الاتفاق على استبدال الدولار بعملة أخرى، ولو حدث ذلك فعلا فإن قيمة الدولار ستتداعى وتنخفض، وتقل الثقة فيه ويصبح عملة ثانوية، وهذا سيكون مشكلة للاقتصاد العالمي، لأن معظم الدول تملك احتياطات بالدولار، ما يشكل صفعة لكثير من الأقتصادات العالمية، لان أصولها ستفقد الكثير من قيمتها، وأعتقد أن هذه النظرية كارثية على العالم من الناحية الاقتصادية، وسيكون ذلك تصعيدا كبيرا مع الولايات المتحدة، لأن ذلك يضعف السلطة السياسية الأمريكية والدور الأمريكي، وعندها ستحاول الولايات المتحدة بكل ما أوتيت من قوة لاحباط هذه المبادرة، بأي شكل كان، ودون تردد.