تسعى وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) إلى تعزيز قدراتها في مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي لمتابعة التعليقات السلبية والتهديدات المحتملة ضد موظفيها ومنشآتها، وفقًا لوثائق رسمية نُشرت على موقع حكومي للعقود الفيدرالية.
وأشارت الوكالة في بيان أهداف مكوّن من 15 صفحة، إلى أن هناك “زيادة ملحوظة في الأنشطة التهديدية الخارجية” التي تستهدف كبار مسؤوليها وموظفيها ومقراتها عبر منصات الإنترنت، مما دفعها إلى البحث عن شركات متخصصة يمكنها رصد هذه التهديدات وتحديد مواقعها باستخدام تقنيات متطورة تشمل التعرف على الوجوه، التحليل النفسي، وتحديد المواقع الجغرافية.
ووفقًا للبيان، تسعى ICE إلى التعاقد مع شركة قادرة على مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وقواعد البيانات المفتوحة، والشبكة العميقة (Deep Web)، والشبكة المظلمة (Dark Web)، لرصد أي تهديدات محتملة ضد الوكالة أو موظفيها. ومن المتوقع أن يشمل هذا الرصد الأفراد الذين يعبرون عن آراء سلبية مستمرة تجاه ICE أو يذكرون موظفي الهجرة بالاسم في منشوراتهم.
عقد جديد لتعزيز المراقبة الرقمية
في الوقت الحالي، تمتلك ICE عقدًا بقيمة 5.5 مليون دولار مع شركة الاستخبارات الأمنية “Barbaricum”، التي تتخذ من واشنطن العاصمة مقرًا لها، إلا أن هذا العقد سينتهي في مارس القادم، ما يفتح المجال أمام اتفاق جديد لتعزيز المراقبة الرقمية.
ويأتي هذا التطور في أعقاب فوز الرئيس السابق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، والذي تعهد بتنفيذ خطة واسعة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، مما أثار قلقًا واسعًا بين المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق المهاجرين. وقد طلبت ICE تقديم عروض الشركات المهتمة بالعقد الجديد قبل السادس من يناير 2025، أي قبل أسبوعين فقط من تولي ترامب منصبه رسميًا.
مراقبة الإنترنت: ممارسة قديمة في ظل إدارة جديدة
ليس من غير المعتاد أن تلجأ الحكومة الأمريكية إلى مراقبة الإنترنت لرصد الخطابات التي قد تحمل تهديدات أمنية. فقد سبق لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في عام 2020 أن نشر طلبًا مشابهًا للبحث عن شركات يمكنها مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي لرصد التهديدات. ومع ذلك، فإن الخطوة الجديدة لـ ICE تأتي في وقت حساس، حيث تزامنت مع إعلان ترامب عن سياسات صارمة في مجال الهجرة، شملت تقييد طلبات اللجوء، وتوجيه القوات الفيدرالية لتنفيذ حملات اعتقال في المدن الكبرى، ونشر الجيش لدعم حرس الحدود على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وحتى إرسال بعض المهاجرين إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في خليج غوانتانامو.
وقد أثارت هذه السياسات موجة احتجاجات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، حيث نُظمت مسيرات حاشدة رفضًا للإجراءات المشددة التي تنفذها الإدارة الجديدة بحق المهاجرين غير الشرعيين.
استهداف المعارضين ومراقبة النشاط الإلكتروني
وفقًا للوثائق، فإن العقد الجديد المحتمل قد يسمح باستخدام أدوات مراقبة أكثر تقدمًا لتعقب الأصوات المعارضة لسياسات الهجرة التي ينتهجها ترامب. كما يتضمن تحليلًا لنقاط الضعف التي قد تعرّض كبار مسؤولي ICE للتهديدات الإلكترونية، فضلًا عن متابعة الآراء العامة حول الوكالة وإرسال تنبيهات فورية عند رصد أي تهديدات محتملة.
وقد أوضحت الإدارة الجديدة أنها لا تتسامح مع المسؤولين المحليين والولايات الذين يعارضون سياسات الهجرة الصارمة التي يفرضها ترامب، مهددة باتخاذ إجراءات قانونية ضدهم أو بقطع التمويل الفيدرالي عن المدن التي ترفض التعاون مع سلطات الهجرة.
مخاوف حقوقية وتحذيرات من انتهاك الحريات
يثير توسع ICE في مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي مخاوف متزايدة بين جماعات حقوق الإنسان والمدافعين عن الحريات المدنية، الذين يحذرون من أن هذه الإجراءات قد تستخدم لاستهداف المعارضين السياسيين والناشطين الحقوقيين، وليس فقط التهديدات الأمنية المباشرة.
وفي ظل المناخ السياسي المتوتر، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى تأثير هذه السياسات على حرية التعبير في الولايات المتحدة، وما إذا كانت ستشكل سابقة لمزيد من التدخل الحكومي في الفضاء الرقمي.