توقع خبراء الأرصاد الجوية والمناخ موسم أعاصير أطلسي نشط فوق المعدل الطبيعي في 2025، مما يستدعي استعداداً خاصاً من سكان الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بما في ذلك نيويورك والولايات المجاورة، حيث تشير التوقعات إلى احتمالية وصول عدة أعاصير إلى الساحل الأمريكي خلال الموسم المقبل.
توقعات موسم الأعاصير 2025: نشاط مرتفع متوقع
تشير التقارير الصادرة عن مؤسسات الأرصاد الجوية المختلفة إلى احتمالية موسم أعاصير نشط في المحيط الأطلسي لعام 2025. فقد أعلنت جامعة كولورادو ستيت في توقعاتها الصادرة في 3 أبريل 2025 عن توقعات بتشكل 17 عاصفة مسماة، منها 9 أعاصير، و4 منها ستصل إلى فئة 3 أو أعلى (أعاصير كبرى). وجاءت توقعات شركة الطقس والغلاف الجوي G2 متسقة مع هذه التقديرات، حيث توقعت 19 عاصفة، منها 9 أعاصير، و4 أعاصير كبرى.
ويبدأ موسم الأعاصير رسمياً في 1 يونيو 2025 ويستمر حتى 30 نوفمبر 2025، وهي الفترة التي تشهد أكثر من 97% من نشاط الأعاصير في المحيط الأطلسي. ومن المتوقع أن تصدر الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) توقعاتها الرسمية لموسم أعاصير 2025 في 22 مايو الجاري.
من الجدير بالذكر أن موسم 2025 قد لا يكون نشطاً مثل موسم 2024 الذي شهد 11 إعصاراً، ولكن الخبراء يؤكدون أن احتمالية وصول الأعاصير إلى الساحل الأمريكي لا تزال أعلى من المتوسط. وتشير التوقعات إلى احتمالية وصول ثلاثة أعاصير إلى الأراضي الأمريكية في 2025.
تأثير الأعاصير على نيويورك والولايات المجاورة
تعتبر نيويورك والولايات الشرقية المجاورة معرضة لخطر الأعاصير، حيث تسببت هذه الظواهر المناخية في أضرار هائلة في الماضي. وفقاً للسجلات، فإن نيويورك تأثرت بـ 84 إعصاراً أو عاصفة استوائية منذ القرن السابع عشر.
ولعل أبرز مثال في التاريخ الحديث هو إعصار ساندي الذي ضرب المنطقة في أكتوبر 2012، وتسبب في ارتفاع منسوب المياه في نيويورك بمقدار 9.4 أقدام فوق المستويات الطبيعية في جنوب مانهاتن، و12.65 قدماً في كينغز بوينت على الطرف الغربي من لونغ آيلاند ساوند. وقد قُدرت الأضرار الناتجة عن إعصار ساندي بنحو 50 مليار دولار، مما يجعله ثاني أكثر الأعاصير تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
وبحسب المركز الوطني للمعلومات البيئية، فإن نيويورك تأثرت منذ عام 1980 وحتى 2024 بـ 95 كارثة طقس ومناخ تجاوزت خسائر كل منها مليار دولار، بما في ذلك 16 إعصاراً استوائياً. ويبلغ متوسط الخسائر السنوية للسنوات الخمس الأخيرة (2020-2024) حوالي 6.2 حدث مناخي كبير سنوياً، مما يؤكد ضرورة الاستعداد الجيد لمثل هذه الكوارث.
فهم نظام تصنيف الأعاصير
لمساعدة حديثي العهد بالولايات المتحدة على فهم تصنيفات الأعاصير، من المهم معرفة أن الإعصار هو نوع من العواصف الاستوائية الدورانية التي تتشكل فوق المياه الاستوائية أو شبه الاستوائية. وتُصنف العواصف الاستوائية على النحو التالي:
- الاكتئاب الاستوائي: رياح مستدامة أقل من 39 ميلاً في الساعة.
- العاصفة الاستوائية: رياح مستدامة بين 39 و73 ميلاً في الساعة.
- الإعصار: رياح مستدامة تبلغ 74 ميلاً في الساعة أو أكثر.
ويستخدم مقياس سافير-سيمبسون لتصنيف قوة الأعاصير بناءً على سرعة الرياح المستدامة إلى 5 فئات:
- الفئة 1: 74-95 ميلاً في الساعة – رياح خطيرة جداً تسبب بعض الأضرار.
- الفئة 2: 96-110 ميلاً في الساعة – رياح خطيرة للغاية تسبب أضراراً واسعة.
- الفئة 3: 111-129 ميلاً في الساعة – أضرار مدمرة.
- الفئة 4: 130-156 ميلاً في الساعة – أضرار كارثية.
- الفئة 5: أكثر من 157 ميلاً في الساعة – تدمير كارثي واسع النطاق.
تُعرف الأعاصير من الفئة 3 وما فوقها بـ “الأعاصير الكبرى” وهي التي تسبب أضراراً مدمرة والتي يجب على السكان أخذ تدابير وقائية مشددة عند اقترابها.
العوامل المؤثرة في توقعات موسم 2025
يرجع توقع نشاط فوق المتوسط في موسم أعاصير 2025 إلى عدة عوامل رئيسية:
ظاهرة النينيو-نينيا
تشير التوقعات إلى أن المحيط الهادئ حالياً في حالة محايدة بين ظاهرتي النينيو ولا نينيا، مع احتمال 74% لاستمرار هذه الحالة خلال صيف 2025، وهناك احتمالية قريبة لظهور ظاهرة لا نينيا في وقت لاحق. عادة ما يرتبط وجود لا نينيا بزيادة نشاط الأعاصير في حوض الأطلسي.
درجة حرارة سطح البحر
خليج المكسيك والبحر الكاريبي أكثر دفئاً من المتوسط، ولكنها أبرد مما كانت عليه في نفس الوقت من العام الماضي. ومع ذلك، فإن المحيط الأطلسي الاستوائي أكثر دفئاً من المعتاد، مما يوفر بيئة مناسبة لتشكل الأعاصير وتكثيفها.
أنماط الرياح العليا
تشير النماذج المناخية طويلة المدى إلى أن أنماط الرياح في طبقات الجو العليا التي توجه الأعاصير قد توجهها نحو الساحل مرة أخرى في 2025، مما يزيد من خطر وصولها إلى الأراضي الأمريكية.
نصائح للاستعداد لموسم الأعاصير، خاصة للمقيمين الجدد في أمريكا
مع اقتراب موسم الأعاصير، هناك عدة خطوات يجب على سكان نيويورك والمناطق الساحلية الشرقية اتخاذها للاستعداد:
- إعداد خطة طوارئ: تحديد مكان آمن للاحتماء به، وتخطيط مسارات الإخلاء، والاتفاق على نقطة التقاء في حالة انفصال أفراد العائلة.
- تجهيز مستلزمات الطوارئ: تشمل مياه وطعام يكفي لمدة 3-7 أيام، أدوية أساسية، مصباح يدوي، راديو يعمل بالبطاريات، شواحن هواتف، ومستندات مهمة في حاوية مقاومة للماء.
- تأمين المنزل: تقوية النوافذ والأبواب، تنظيف المزاريب، إزالة الفروع الميتة من الأشجار، وتثبيت أي أغراض قد تتطاير.
- مراجعة تأمين الممتلكات: التأكد من شمول بوليصة التأمين للأضرار الناجمة عن العواصف والفيضانات، خاصة أن تأمين أضرار الفيضانات يتطلب عادة بوليصة منفصلة.
- البقاء على اطلاع: متابعة التحديثات من المركز الوطني للأعاصير ووسائل الإعلام المحلية، والاشتراك في نظام التنبيه الطارئ للمدينة.
متابعة تحديثات الأعاصير
يمكن لسكان نيويورك والمناطق المعرضة للأعاصير متابعة تحديثات الطقس من خلال:
- موقع المركز الوطني للأعاصير: www.nhc.noaa.gov
- تطبيقات الطقس الرسمية مثل تطبيق NOAA Weather
- متابعة الإذاعات المحلية والتلفزيون خلال فترات التحذير
- خدمة الرسائل النصية للطوارئ التي توفرها مدينة نيويورك والمدن الأخرى
العلم يتقدم: دقة توقعات الأعاصير في تحسن مستمر
من الجدير بالذكر أن دقة التوقعات الخاصة بمسارات الأعاصير قد تحسنت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث باتت أكثر دقة بنسبة تصل إلى 75% مقارنة بعام 1990. وقد أعلن المركز الوطني للأعاصير أن مخروط التوقع لمسارات الأعاصير في حوض الأطلسي لعام 2025 سيكون أصغر بنسبة 3-5% مقارنة بعام 2024، مما يعكس زيادة الدقة في التوقعات.
توقع صادر عن المركز الوطني للأعاصير يبلغ عمره ثلاثة أيام اليوم أصبح دقيقاً تقريباً مثل توقع عمره يوم واحد في عام 2002، مما يمنح السكان المزيد من الوقت للاستعداد والإخلاء عند الضرورة.
استنتاج: الاستعداد حتى مع عدم اليقين
رغم أن التوقعات تشير إلى موسم أعاصير نشط في 2025، إلا أن خبراء الأرصاد الجوية يؤكدون على أن العبرة ليست فقط بعدد العواصف المتوقعة، وإنما بالاستعداد لها، حيث يكفي إعصار واحد يضرب منطقة سكنية ليجعل الموسم كارثياً لتلك المنطقة.
وينصح المركز الوطني للأعاصير السكان بالاستعداد لكل موسم، بغض النظر عن مستوى النشاط المتوقع، وأن يتذكروا أن الأعاصير تسبب مخاطر متعددة تشمل ارتفاع منسوب المياه، والرياح الشديدة، والفيضانات، والأعاصير الدوامية، وليس فقط قوة الرياح التي تستخدم في تصنيفها.
مع اقتراب الصيف، تتجه الأنظار إلى سماء المحيط الأطلسي، حيث سيبدأ رسمياً موسم الأعاصير في الأول من يونيو، وسيراقب الخبراء والسكان على حدٍ سواء تطورات الموسم الذي يمكن أن يكون مؤثراً بشكل خاص على ساحل الشرق الأمريكي، بما في ذلك نيويورك والمناطق المحيطة.