منيرة الجمل
في خطوة أثارت اهتمام العلماء والمتابعين على حد سواء، كشف تقرير جديد هذا الأسبوع عن اكتشاف خط صدع جيولوجي لم يكن مرسومًا على الخرائط من قبل في ولاية نيوجيرسي، ويمتد عبر مقاطعة ساسكس. جاء هذا الاكتشاف بعد أن شهدت المنطقة زلزالًا نادرًا بقوة 4.8 درجة ضرب مدينة نيويورك في 5 أبريل. وقد حدد مرصد لامونت دوهيرتي للأرض، التابع لجامعة كولومبيا، هذا الصدع خلال الدراسة التي أجراها حول الزلزال، مما سلط الضوء على بنية جيولوجية غير معروفة سابقًا.
ما علاقة هذا الاكتشاف بتاريخ نيوجيرسي البركاني؟
تعود جيولوجيا نيوجيرسي إلى ملايين السنين حين كانت المنطقة موطنًا لبركان ضخم يُعرف ببركان بيمرفيل، الذي يُعتقد أنه امتد لمسافة تتراوح بين 10 إلى 20 ميلاً وأطلق الحمم البركانية والرماد لملايين السنين قبل أن ينطفئ وينقرض. اليوم، لم يبق من هذا البركان سوى تلة “روتان” في مقاطعة ساسكس وبنية تعرف بـ”الرقبة البركانية” أو “السدادة”، وهي بقايا صلبة تمثل القناة التي كانت تنقل الحمم من قلب الأرض إلى السطح.
ورغم أن هذا البركان منقرض تمامًا، إلا أن النشاط الجيولوجي الذي يحدث اليوم قد يكون مرتبطًا بوجود صدوع متشكلة بفعل النشاط البركاني القديم. هذا الارتباط يُظهر كيف أن القوى الجيولوجية العميقة قد تستمر في التأثير على استقرار الأرض، حتى بعد انقضاء النشاط البركاني بوقت طويل.
ماذا يعني هذا الاكتشاف للمنطقة؟
يمتد خط الصدع المكتشف حديثًا من الجنوب إلى الشمال وينحدر في الأرض بزاوية 45 درجة، ما يعني أن التصدعات تتجه إلى الأسفل بدلًا من السطح. ويفسر العلماء هذه الزاوية بأنها تعكس نمطًا من النشاط الزلزالي قد يكون خطيرًا. وعلى الرغم من أن مركز الزلزال في تيوزكبري لم يشهد هزات قوية، فإن شدته سُجلت بقوة 4 درجات في مدينة نيويورك، وهو ما أثار دهشة الباحثين.
ووفقًا للبروفيسور وون يونج كيم، أحد مؤلفي الدراسة وأستاذ في جامعة كولومبيا، فإن الاهتزازات القوية التي وصلت إلى نيويورك رغم بُعدها نسبيًا، تثير تساؤلات حول مدى استقرار المنطقة وتأثيرات النشاط الزلزالي المحتمل. يقول كيم: “بالقرب من مركز الزلزال، كان التأثير أقل بكثير مما نتوقعه عادة لزلزال بقوة 4.8 درجة، وهذا الأمر مثير للاهتمام”.
ما تأثير ذلك على المجتمع المحلي؟
أدى زلزال أبريل الماضي إلى أضرار طفيفة في نحو 150 مبنى في مدينة نيويورك، وأجبر إحدى مدارس بروكلين على إغلاق صالة الألعاب الرياضية لأعمال إصلاحية. ومع أن الأحداث الزلزالية بهذا الحجم نادرة في المنطقة، إلا أن اكتشاف خط الصدع الجديد يعيد تسليط الضوء على الحاجة للاستعداد وتوعية المجتمع المحلي حول المخاطر المحتملة. فقد تشكل هذه الصدوع خطرًا على المباني والبنية التحتية، خاصةً في المدن الكبرى مثل نيويورك، مما يتطلب من السلطات مراعاة هذه المعلومات في التخطيط العمراني واتخاذ تدابير السلامة اللازمة.
إن اكتشاف خط صدع جديد في ولاية نيوجيرسي يذكرنا بأن النشاط الجيولوجي يمكن أن يكون أكثر تعقيدًا مما نتصور، حتى في المناطق التي يُعتقد أنها مستقرة جيولوجيًا. وعلى الرغم من أن بركان بيمرفيل منقرض، فإن التكوينات الجيولوجية القديمة لا تزال تؤثر في النشاط الزلزالي، مما يعني أن المنطقة قد لا تكون بمنأى عن تأثيرات جيولوجية مستقبلية نادرة، ولكنها ممكنة.