ارتفعت حصيلة ضحايا الفيضانات الكارثية التي اجتاحت وسط ولاية تكساس الأمريكية إلى ٧٨ قتيلاً، فيما لا يزال ٤١ شخصاً في عداد المفقودين، وفق ما أعلنته السلطات المحلية يوم الأحد، وسط تحذيرات من موجة أمطار جديدة قد تعرقل جهود الإنقاذ المستمرة منذ ثلاثة أيام.
وتتركز المأساة الأكبر في مقاطعة كير، حيث لقي ٦٨ شخصاً مصرعهم، بينهم ٢٨ طفلة، بعد أن غمرت مياه نهر غوادالوبي مخيماً صيفياً مسيحياً مخصصاً للفتيات يُعرف باسم “كامب ميستيك”. ولا تزال عشر فتيات ومشرفة في عداد المفقودين.
وقال حاكم الولاية غريغ أبوت، عقب جولة تفقدية في المنطقة المنكوبة: “ما مرت به هؤلاء الأطفال كان مروعاً بكل معنى الكلمة، وسنواصل البحث بلا هوادة حتى العثور على كل المفقودين”.
بدأت الفيضانات في الساعات الأولى من فجر الجمعة، عندما ارتفع منسوب نهر غوادالوبي إلى ٢٦ قدماً (نحو ٨ أمتار) خلال أقل من ساعة، بينما كانت معظم الفتيات نائمات في المخيم الواقع على ضفاف النهر. وأسفرت الكارثة عن تدمير أجزاء كبيرة من المخيم، ومقتل عدد من الأطفال إلى جانب مدير المخيم ريتشارد “ديك” إيستلاند.
وقال غريغ فرويليك، المتطوع في مجموعة الإنقاذ “300 جاستيس” وأحد قدامى قوات البحرية الأمريكية، في تصريح لـ”بي بي سي”، إن فرق البحث عثرت على جثث ضحايا على بعد ما يصل إلى ثمانية أميال من موقع المخيم، مشيراً إلى أن ملابس ومقتنيات الفتيات لا تزال متناثرة على طول ضفاف النهر.
وأضاف أن عمليات الإنقاذ تواجه تحديات صعبة، بينها كثافة الطين والحطام، وانتشار الثعابين السامة، ما يهدد سلامة فرق الإنقاذ التي تحوّلت مهمتها تدريجياً إلى عملية انتشال للجثث بدلاً من البحث عن ناجين.
ولا يزال الغموض يلف عدد الأشخاص الذين كانوا يخيمون في المنطقة للاحتفال بعطلة الرابع من يوليو، وسط مخاوف من أن يكون آخرون قد جرفتهم المياه.
الطريق السريع الذي يربط مدينة كيرفيل بمخيم ميستيك ويحيط بنهر غوادالوبي، تحوّل إلى مشهد دمار شامل، حيث تحطمت المنازل، وسقطت الأشجار، وتناثرت الأثاثات، فيما انهارت الأسوار وانقطعت خطوط الكهرباء في عدة مناطق.
وفي استجابة عاجلة، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأحد إعلاناً يعتبر مقاطعة كير منطقة كوارث كبرى، مما يسمح بتفعيل المساعدات الفيدرالية عبر وكالة إدارة الطوارئ الأمريكية (FEMA). وقال ترامب: “إن ما حدث مأساة فظيعة، ونحن نعمل عن كثب مع المسؤولين في تكساس”. كما أشار إلى نيته زيارة الولاية يوم الجمعة المقبل.
في المقابل، أظهر سكان المنطقة تضامناً لافتاً، حيث هرع العشرات للمساعدة في جهود الإغاثة، وتقديم المساعدات الغذائية والمأوى للمشردين. فقد قدمت ألما غارسيا من مدينة سان أنطونيو وجبات منزلية للمحتاجين، وأعطت قميصها لإحدى الناجيات التي كانت مبللة بالكامل.
وقالت بيرلا، وهي موظفة في وولمارت، إنها بدأت منذ الجمعة بجمع الملابس والأحذية، وسلمتها صباح السبت لأحد الملاجئ المحلية. وأضافت: “لم أشهد شيئاً كهذا في حياتي”.
وامتدت التعازي إلى خارج الولايات المتحدة، حيث أعرب البابا ليو الرابع عشر من روما عن تعازيه القلبية لعائلات الضحايا، قائلاً: “نصلي من أجل الأرواح التي فقدت، خاصة الفتيات اللاتي كن في المخيم الصيفي عندما جرفتهم فيضانات نهر غوادالوبي”.
مع استمرار سوء الأحوال الجوية، واستعداد المنطقة لأمطار جديدة خلال الـ٤٨ ساعة المقبلة، تتسابق فرق الإنقاذ مع الزمن وسط تضاؤل الأمل في العثور على ناجين. وقد تم حتى الآن التعرف رسمياً على عدد محدود فقط من الضحايا، فيما لا يزال ١٠ أطفال و١٨ بالغاً في مقاطعة كير دون هوية مؤكدة.