الجالية العربية

كاميرات خفية في شقة إيجار بأمريكا: أسرة أردنية تكتشف أن خصوصيتها كانت تحت المراقبة لشهور

لم تتوقع أسرة أردنية تقيم في بروكلين بنيويورك أن الشقة التي ظنّوها بداية جديدة بحياة أكثر استقرارًا ستتحول إلى مصدر كابوس حقيقي، بعدما اكتشفوا بالصدفة أن صاحب العمارة زرع كاميرات خفية داخل أجهزة «كاشف الدخان» في الصالة وغرفة النوم، تسجّل صورهم وحياتهم اليومية دون علمهم.

شقة مناسبة السعر… وصاحب عمارة «لطيف أكثر من اللازم»

بدأت القصة عندما انتقل «سامي» وزوجته «رنا» وطفلاهما إلى شقة صغيرة في طابق أرضي بإحدى عمارات بروكلين. الإيجار معقول بالنسبة لمستواهم المادي، وصاحب العمارة بدا في البداية متعاونًا ولطيفًا؛ يتصل كثيرًا ليطمئن أن كل شيء على ما يرام، ويدخل الشقة أحيانًا بحجة «فحص التدفئة» أو «تغيير الفلتر» أو «تفقد كاشف الدخان».

مع الوقت، بدأت رنا تشعر أن الزيارات المتكررة ليست مريحة. فحص كاشف الدخان تم أكثر من مرة خلال شهور قليلة، مع أنه جهاز جديد مركّب حديثًا، لكن الأسرة فضّلت عدم الاصطدام؛ فهم لا يريدون خسارة شقة نادرة بهذا السعر في نيويورك.

لمعة غريبة في سقف غرفة النوم

في إحدى الليالي، لاحظت رنا وهي تستعد للنوم أن هناك «لمعة» صغيرة تأتي من كاشف الدخان في سقف غرفة النوم عندما تسلط عليه ضوء هاتفها. ظنّت في البداية أنه انعكاس عادي، لكن الشك بدأ يتسلل إلى ذهنها، خاصة وأن الجهاز تبدو عليه فتحة دائرية صغيرة في المنتصف.

في اليوم التالي، بحث سامي على الإنترنت عن شكل الكاميرات الخفية الشائعة في شقق الإيجار، فوجد أن أشهرها تكون داخل أجهزة كاشف الدخان، وأن العدسة تظهر كدائرة سوداء صغيرة إذا تم تسليط ضوء مباشر عليها. قرر ألا يلمس الجهاز بمفرده حتى لا يتهمه أحد بإتلاف ممتلكات صاحب العمارة، فاستدعى صديقًا من الجالية ليكون شاهدًا، وقاموا معًا بتصوير الجهاز من أكثر من زاوية.

عندما استخدم سامي ضوء الهاتف عن قرب، ظهرت العدسة بوضوح داخل الجهاز، ومعها نقطة ضوء صغيرة تشبه ضوء جهاز يعمل بالواي فاي. في هذه اللحظة أدرك أن الأمر يتجاوز «الشك» وأن خصوصية الأسرة ربما تم انتهاكها فعلاً.

اتصال بـ 911 وتدخّل الشرطة

خرجت الأسرة من الشقة وجلست في السيارة أمام العمارة، ثم اتصل سامي برقم الطوارئ 911 وأبلغهم أنه يشتبه في وجود كاميرات مخفية داخل شقة الإيجار. طلب منه الموظف ألا يلمس أي شيء حتى وصول الشرطة، وأن يبقى خارج الشقة قدر الإمكان.

خلال وقت قصير، حضرت دورية شرطة ومعها فريق مختص. دخل الضباط مع سامي إلى الشقة، وقاموا بفكّ كاشف الدخان في غرفة النوم والصالة. داخل الجهاز الأول وجدوا دائرة إلكترونية وعدسة واضحة، وفتحة صغيرة لكارت ذاكرة، بينما احتوى الجهاز الثاني على قطعة إلكترونية متصلة بوحدة واي فاي صغيرة.

تم التحفظ على الأجهزة كأدلة، وسُجّلت إفادات سامي ورنا بالتفصيل، ثم تواصلت الشرطة مع صاحب العمارة واستدعته إلى القسم. حاول الرجل في البداية الادعاء أن «هذه أجهزة أمان عادية» وأنه ركّبها «لحماية السكان من السرقة»، لكن الضابط أوضح له أن وجود كاميرات داخل شقة يسكنها مستأجرون دون علمهم وموافقتهم يعدّ انتهاكًا جسيمًا للقانون.

ما يقوله القانون عن التصوير الخفي داخل المنازل

في ولايات مثل نيويورك، تصوير الأشخاص داخل منزلهم أو داخل شقة الإيجار في أماكن يتوقعون فيها الخصوصية (كغرف النوم وغرف المعيشة والحمامات) دون موافقة صريحة، يمكن أن يُعتبر جريمة «مراقبة غير قانونية» وإساءة استخدام لأجهزة التصوير، وقد ترتقي في بعض الحالات إلى مستوى الجناية إذا كان التصوير بغرض الاستغلال أو نشر المقاطع.

حتى لو كان صاحب العمارة هو مالك الشقة قانونًا، فهذا لا يعطيه الحق في تركيب كاميرات خفية داخل مساحة معيشة المستأجرين. أقصى ما يسمح به القانون عادة هو تركيب كاميرات واضحة في الممرات المشتركة أو عند مدخل المبنى، مع وجود لافتات تشير إلى ذلك. أما وضع كاميرا مخفية داخل كاشف الدخان فوق سرير الأسرة أو في غرفة المعيشة، فهو تجاوز صريح للحدود.

في حالة أسرة سامي، فتحت الشرطة تحقيقًا أوليًا يمكن أن يتحول إلى قضية جنائية، بالإضافة إلى احتمال رفع دعوى مدنية للحصول على تعويض عن الأضرار النفسية وانتهاك الخصوصية.

صدمة نفسية وشعور بالانتهاك

تقول رنا في إفادتها إن أصعب ما شعرت به لم يكن الخوف من القضية بقدر ما هو الإحساس بأن أحدًا ما كان يراها في بيتها، وهي تتحرك بحرية بملابس المنزل، وتلعب مع أطفالها، وربما تصلي أو تبكي أو تتحدث في مكالمات خاصة مع أهلها في الأردن.

اضطرت الأسرة لمغادرة الشقة بسرعة والانتقال مؤقتًا إلى بيت أحد الأقارب، بينما يتابعون مع الشرطة والمحامي مجريات التحقيق. وعلى الرغم من تعاطف كثير من الجيران معهم، إلا أن الشعور بعدم الأمان داخل أي شقة جديدة أصبح هاجسًا يرافقهم في كل زيارة لمكتب عقارات أو مشاهدة لشقة للإيجار.

علامات تثير الشك: متى تقلق من وجود كاميرات خفية؟

هذه القصة ليست سببًا للهلع، لكنها تذكير بأن الحذر واجب. من العلامات التي قد تثير الشك في شقة الإيجار:

  • أجهزة كاشف دخان أو شواحن أو ساعات حائط أو لمبات تبدو مختلفة أو جديدة بشكل غير مبرر عن باقي تجهيزات الشقة.
  • ثقوب صغيرة في الجدران أو السقف أو الأثاث في أماكن غير معتادة مثل مواجهة السرير أو الكنبة.
  • صاحب عمارة يصرّ على دخول الشقة كثيرًا بحجج غير واضحة، خصوصًا إذا كان يركّز على الأجهزة الموجودة في السقف أو زوايا الغرف.
  • ظهور شبكات واي فاي غريبة الأسماء داخل الشقة، خاصة إذا كانت تحمل أسماء مثل «camera» أو «security» دون وجود نظام أمان معروف.

وجود واحدة من هذه العلامات لا يعني بالضرورة وجود كاميرا، لكن اجتماع أكثر من علامة مع إحساس داخلي بعدم الراحة يستدعي الانتباه والتحقق.

ماذا تفعل لو اشتبهت في وجود كاميرات تجسس؟

إذا شعرت أن هناك شيئًا غير طبيعي في شقة الإيجار أو غرفة الفندق:

  • لا تحطّم الجهاز ولا تحاول إتلافه؛ لأنه قد يكون دليلًا مهمًا في أي تحقيق لاحق.
  • صوّر الجهاز والمكان المحيط به صورًا واضحة، ويفضّل وجود شاهد معك من أفراد الأسرة أو الأصدقاء.
  • غادر المكان إذا كنت تشعر بعدم الأمان، واحتفظ بأغراضك الأساسية معك.
  • اتصل برقم الطوارئ في ولايتك واطلب الشرطة، واشرح لهم بهدوء أنك تشك في وجود كاميرا مخفية داخل شقة الإيجار.
  • تجنّب مواجهة صاحب العمارة بمفردك أو الدخول في جدال حاد قبل حضور الشرطة.
  • بعد ذلك، استشر محاميًا مختصًا في قضايا السكن أو الحقوق المدنية لمعرفة خياراتك القانونية للحصول على حماية أو تعويض.

رسالة إلى الجالية العربية في أمريكا

قصة أسرة سامي ليست سوى نموذج واحد من مواقف حقيقية ومتكررة في أمريكا، حيث يستغل بعض أصحاب العقارات ضعف المستأجرين الجدد وعدم درايتهم بالقوانين. كثير من الأسر العربية تهتم بسعر الإيجار وقرب المدرسة والعمل، لكنها لا تفكّر كثيرًا في سؤال بسيط: هل هذه الشقة مكان آمن لخصوصيتنا فعلًا؟

في النهاية، البيت في الغربة هو آخر مساحة نشعر فيها بالأمان. لذلك لا حرج في أن تسأل صاحب العمارة عن أي جهاز غريب، أو تطلب عقدًا واضحًا يحدد حقوقك، أو ترفض أن يدخل الشقة دون إشعار مسبق، أو تتصل بالشرطة إذا شعرت أن هناك انتهاكًا لخصوصيتك. القوانين هنا – مهما بدت معقدة – قد تقف في صفك إذا امتلكت الشجاعة لتقول: «خصوصيتي ليست مباحة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى