كشفت تقارير صحفية أمريكية عن توجيهات داخلية مرتبطة بإدارة ترامب تطلب من مكاتب دائرة خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية (USCIS) تجهيز ما بين 100 و200 ملف شهريًا لما يُعرف بإجراءات “سحب الجنسية بعد التجنّس” (Denaturalization) خلال عام 2026، في خطوة قد تعني توسيعًا كبيرًا لاستخدام أداة قانونية كانت تُستخدم تاريخيًا في نطاق محدود للغاية.
ما المقصود بسحب الجنسية بعد التجنّس؟
سحب الجنسية بعد التجنّس (Denaturalization) يعني إلغاء الجنسية الأمريكية لشخص حصل عليها عبر “التجنّس” (Naturalization)، أي بعد أن كان مهاجرًا ثم أصبح مواطنًا. هذه الخطوة لا تتم بقرار إداري عادي، بل ترتبط عادة بإجراءات قضائية، وتستند إلى ادعاء حكومي بأن الجنسية تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية، غالبًا عبر “احتيال أو تضليل جوهري” (Material Misrepresentation) خلال طلب التجنّس أو ما قبله.
ماذا تقول التوجيهات الجديدة داخل أجهزة الهجرة؟
وفق ما نُقل عن توجيهات داخلية، طُلب من مكاتب (USCIS) تزويد “مكتب التقاضي في شؤون الهجرة” بوزارة العدل (Office of Immigration Litigation) بعدد كبير من الملفات شهريًا خلال 2026، وهو ما اعتبره منتقدون “هدفًا رقميًا” قد يغيّر طبيعة التعامل مع هذا النوع من القضايا. ونقل تقرير أن متحدثًا باسم (USCIS) أكد أن التركيز سيكون على من “كذبوا أو قدّموا معلومات مضللة” في مسار التجنّس، وأن الوكالة تعمل مع وزارة العدل (DOJ) “لاستعادة نزاهة نظام الهجرة”.
لماذا تُعد هذه الأداة نادرة تاريخيًا؟
لأن سحب الجنسية إجراء ثقيل قانونيًا وسياسيًا، ولأن إثباته يحتاج ملفًا قويًا وأدلة واضحة. وتشير منظمات قانونية متخصصة إلى أن عدد القضايا تاريخيًا كان محدودًا جدًا مقارنة بحجم المجنّسين في الولايات المتحدة؛ ففي الفترة من 1990 إلى 2017 كان المتوسط نحو 11 قضية سنويًا، مع زيادات محدودة في بعض الفترات. وفي المقابل، فإن الحديث عن 100 إلى 200 ملف شهريًا يعني قفزة كبيرة في عدد الإحالات مقارنة بما اعتادته المحاكم والجهات الحكومية خلال العقود الماضية.
ما دور وزارة العدل في هذه الملفات؟
وزارة العدل الأمريكية (DOJ) هي الجهة التي ترفع كثيرًا من قضايا سحب الجنسية في المحكمة، عبر وحدات مختصة داخلها. وسبق أن أصدرت “الذراع المدنية” في الوزارة (Civil Division) مذكرة توجيهية تتحدث عن “إعطاء أولوية” لقضايا سحب الجنسية “في كل الحالات التي يسمح بها القانون وتدعمها الأدلة”، مع التركيز على فئات تقول الحكومة إنها تمثل خطرًا أو ارتبطت بمخالفات جسيمة، أو حصلت على الجنسية عبر تضليل أو إخفاء معلومات مهمة.
لماذا يحذّر خبراء ومسؤولون سابقون؟
انتقد مسؤولون سابقون وخبراء فكرة وضع “حصص شهرية” في هذا الملف، باعتبار أن ذلك قد يخلق ضغطًا مؤسسيًا للبحث عن قضايا بالعدد قبل الجودة، ويزيد من مخاوف “تسييس” سحب الجنسية. ويشير منتقدون إلى أن تحويل أداة نادرة إلى مسار واسع قد يرفع القلق لدى ملايين الأمريكيين المتجنّسين، حتى لو كانت الحكومة تقول إن الهدف هو مكافحة الاحتيال فقط.
ماذا يعني ذلك للمجنّسين عمليًا؟
عمليًا، لا يعني هذا تلقائيًا أن كل مجنّس مهدد، ولا أن سحب الجنسية سيتم بسهولة، لأن المسار القانوني يتطلب إجراءات وإثباتات ويخضع لرقابة قضائية. لكن التوسع في الإحالات قد يزيد التدقيق في ملفات قديمة، خصوصًا في الحالات التي ترى السلطات أنها تضمنت بيانات غير دقيقة أو إخفاء وقائع مؤثرة. وينصح محامون مختصون عادةً بالاحتفاظ بنسخ منظمة من مستندات الهجرة والتجنّس، وعدم الاستهانة بأي استدعاء رسمي أو مراسلات حكومية، وطلب استشارة قانونية فورًا عند ظهور أي مؤشرات على فتح مراجعة لملف التجنّس.






