في تصعيد دراماتيكي للصراع بين مدينة نيويورك والإدارة الفيدرالية، أقدم عملاء من إدارة الهجرة والجمارك (ICE) يوم الثلاثاء على اعتقال براد لاندر، المراقب المالي لمدينة نيويورك وأحد المرشحين الديمقراطيين البارزين لمنصب العمدة، داخل محكمة الهجرة الفيدرالية في مانهاتن. هذه الحادثة، التي وُصفت بأنها “إساءة استخدام للسلطة” من قبل العديد من المسؤولين ، لا تسلط الضوء فقط على التكتيكات العدوانية لـ “آيس”، بل تكشف أيضًا عن الانقسامات العميقة حول كيفية التعامل مع سياسات الهجرة في خضم سباق انتخابي محتدم.
تفاصيل المواجهة داخل المحكمة
وقع الحادث في مبنى “26 فيدرال بلازا” الفيدرالي، وهو مركز حيوي لإجراءات الهجرة في المدينة. كان لاندر متواجدًا هناك كجزء من برنامج “صديق المحكمة” (Friend of the Court)، وهي مبادرة تشجع المواطنين والمسؤولين على حضور جلسات استماع المهاجرين لتقديم الدعم المعنوي وضمان شفافية الإجراءات. أثناء محاولته مرافقة أحد المهاجرين خارج قاعة المحكمة بعد انتهاء جلسته، تم اعتقاله من قبل عملاء “آيس” بتهمة “عرقلة عمل الضباط الفيدراليين”. اللافت في الأمر هو أن التهم أُسقطت بسرعة وتم إطلاق سراح لاندر في غضون ساعات، مما دفع المحللين القانونيين إلى التشكيك في شرعية الاعتقال من الأساس، مشيرين إلى أن “آيس” لم يكن لديها سبب وجيه لاحتجازه.
أبعاد سياسية: “استفزاز متعمد”
يرى لاندر أن اعتقاله لم يكن مجرد إجراء روتيني، بل خطوة سياسية متعمدة من قبل إدارة ترامب. وقال في تصريح له: “إنهم يحاولون… ‘تحرير’ المدن الديمقراطية من مسؤوليها المنتخبين. هذا جزء مما يفعله المستبدون: بث الخوف في نفوس العائلات والمجتمعات المهاجرة ومحاولة تقويض سيادة القانون والديمقراطية الأساسية من خلال إثارة الصراع”. وأضاف لاندر أنه كان هناك “للدفاع عن سيادة القانون وحماية سكان نيويورك”. وقد أثارت هذه الحادثة ردود فعل متباينة، حيث انتقد عمدة المدينة الحالي، إريك آدامز، تصرف لاندر ووصفه بأنه “حيلة سياسية”، قائلاً: “أعتقد أنه كان يتعلق بالسياسة أكثر من حماية الناس”] هذا التباين في المواقف يعكس الخلاف الأيديولوجي داخل الحزب الديمقراطي حول أفضل السبل لمواجهة سياسات الهجرة الفيدرالية.
صراع قانوني: المذكرات الإدارية مقابل المذكرات القضائية
تثير هذه القضية مسألة قانونية دقيقة وحاسمة بالنسبة لحقوق المهاجرين. تعتمد “آيس” في عملياتها غالبًا على “مذكرات إدارية”، وهي أوامر تصدرها الوكالة بنفسها. لكن سياسة محاكم ولاية نيويورك تتطلب “مذكرة قضائية” – أي أمر صادر عن قاضٍ – لتنفيذ اعتقال داخل مبنى محكمة. هذا الصراع بين القوانين الفيدرالية وسياسات الولاية يخلق حالة من الفوضى والغموض يستغلها عملاء “آيس” لاعتقال المهاجرين الذين يحضرون جلساتهم بشكل قانوني. وقد وصف لاندر في وقت سابق هذه الممارسات بأنها “قسوة تعسفية مصممة لشيطنة وبث الخوف وتقويض سيادة القانون”. إن اعتقال مسؤول رفيع المستوى مثل لاندر يبعث برسالة مخيفة إلى الجاليات المهاجرة، مفادها أنه لا يوجد مكان آمن، حتى داخل قاعات المحاكم التي من المفترض أن تكون ملاذًا للعدالة.