في واحدة من أكبر الحملات التي نفذتها سلطات الهجرة مؤخرًا، اعتقلت عناصر من وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) بالتعاون مع إدارة تحقيقات الأمن الداخلي (HSI) والجمارك وحماية الحدود (CBP)، صباح الأربعاء، 37 عاملاً من شركة Mt. Baker Roofing في مدينة بيلينغهام بولاية واشنطن، بدعوى مخالفتهم قوانين العمل والإقامة.
وبحسب إفادات شهود عيان، وصلت القوات الفيدرالية إلى مستودع الشركة الواقع في شارع توماس حوالي الساعة 7:30 صباحًا، مسلحين بأسلحة نارية، وأمروا جميع العاملين بالتجمع في غرفة خلفية، حيث قاموا بتحديد الأشخاص غير الحاصلين على وثائق قانونية باستخدام قوائم وصور كانت بحوزتهم.
شهادات مؤثرة من العمال
وقال العامل توماس فويرتي، الذي يعمل في الشركة منذ 12 عامًا، إن السلطات تعاملت مع الجميع كما لو كانوا مجرمين، قبل أن يتم نقل المعتقلين في حافلتين إلى منشآت احتجاز تابعة لـ ICE في مدينتي تاكوما أو توكويلا. وأضاف: “لم أشهد شيئًا كهذا من قبل”.
التحقيقات تشير إلى وثائق مزورة
المتحدث باسم وكالة ICE، ديفيد يوست، صرّح بأن العملية جاءت تنفيذًا لأمر تفتيش فيدرالي ضمن تحقيق جنائي جارٍ بشأن توظيف مهاجرين لا يحملون تصاريح عمل قانونية، واتهم المعتقلين بتقديم وثائق أو معلومات مزيفة خلال عملية التوظيف.
الشركة: نتعاون مع السلطات وملتزمون بالقانون
وفي بيان رسمي صدر عن شركة Mt. Baker Roofing، أكدت الإدارة أنها تتعاون بشكل كامل مع السلطات المعنية، مشيرة إلى أن أولويتها القصوى هي “ضمان معاملة موظفينا بعدالة واحترام بموجب القانون”. وأضافت: “نحن ملتزمون بممارسات عمل أخلاقية، والامتثال التام للقوانين المحلية والفيدرالية”.
وفي تعقيب له، قال المدير التنفيذي للشركة مارك كوسكي إن العديد من المعتقلين عملوا في الشركة لسنوات طويلة، وساهموا في بناء المنازل ودفع الضرائب، مؤكدًا أن مثل هذه الإجراءات تُلحق ضررًا كبيرًا بالشركات الصغيرة وتؤدي إلى زيادة التكاليف على المستهلكين.
أسر العمال تنتظر بلا إجابات
على جانب الطريق خارج المستودع، تجمّعت أسر المعتقلين في انتظار معلومات حول مصير أحبائهم. ديوسيلينا نونيز، والدة أحد المعتقلين، قالت وهي تبكي: “أخذوا ابني، وهو في الخامسة والثلاثين، يعيش هنا منذ 11 عامًا، بينما أنا مقيمة بشكل قانوني بموجب اللجوء”. وأضافت أن زوجة ابنها حامل، ولم تحصل على أي إجابة من السلطات حول وضعه أو مكان احتجازه.
أما لورا بالدوفينوس، فكانت برفقة أسرة صديق شاب يبلغ من العمر 19 عامًا تم اعتقاله، وهو لا يزال في طور إجراءات طلب اللجوء بعد أن فرّ من العنف في ولاية غيريرو المكسيكية.
الخطوة التالية: جلسات أمام محكمة الهجرة
وبحسب المحامي غيب هاريسون، فإن المعتقلين يُرجَّح أنهم الآن في طور الإدخال إلى نظام محاكم الهجرة، حيث ستُعقد جلسة تُعرف باسم “جلسة التقويم الأساسية” لمراجعة التهم وتحديد طلباتهم. وأضاف أن المعتقلين يمكنهم التقدّم بطلب كفالة، لكن احتمال قبولها ضعيف بالنظر إلى الممارسات القضائية في محكمة تاكوما.
ردود فعل من المجتمع المدني
إدغار فرانكس، مدير الشؤون السياسية في اتحاد عمال المزارع المحلي Familias Unidas por la Justicia، عبّر عن قلقه من تصاعد الإجراءات القمعية، قائلًا: “الأمر لم يعد يستهدف فقط البالغين العاملين، بل أصبحت هناك عائلات وأطفال سيتأثرون بغياب أحد الوالدين”.
من جانبها، قالت ليز دارو، من منظمة Community to Community، إن التصعيد في إجراءات ICE “يثير حالة من الذعر”، مضيفة: “من المحزن أن الناس لم يعودوا يشعرون بالأمان عند الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو حتى السوبرماركت”.
دعوات لتدخل سياسي
طالب فرانكس حكام الولايات والمدعين العامين والمشرعين بالتدخل، مؤكدًا أن الأمر “سياسي بامتياز ويحتاج إلى قيادة حكومية حقيقية لحله”.
يُذكر أن شركة Mt. Baker Roofing واجهت في عام 2023 احتجاجات من بعض العمال بسبب مزاعم بعدم توفير حمامات أو فترات استراحة أو مياه في مواقع العمل، وهي اتهامات نفتها إدارة الشركة آنذاك.
