هز التحقيق الروسي الذي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه ”ملف طوي“، أمس الأربعاء، واشنطن مع الإعلان فجأة عن استدعاء نجله الأكبر للإدلاء بإفادة في الكونغرس، وتصويت أول ضد أحد وزرائه ورفض البيت الأبيض غير المسبوق تقديم بعض المعلومات الحساسة.
وقال جيري نادلر، رئيس اللجنة القضائية التي تتمتع بنفوذ كبير في مجلس النواب ”أصبحنا في خضم أزمة دستورية“.
وكان نادلر يتحدث بعد تصويت نادر جدًا في إطار لجنة، لإعلان أن وزير العدل ”بيل بار“ عرقل صلاحيات الكونغرس في التحقيق.
والخطأ الذي ارتكبه بار، هو رفضه تسليم اللجنة النسخة الكاملة من تقرير المدعي الخاص روبرت مولر حول التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في 2016.
وهذا الإجراء الذي لم يتخذ إلا بحق وزير آخر للعدل إيريك هولدر في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، لن يكون مبرمًا إلا بعد التصويت عليه في جلسة عامة سيحدد موعدها في وقت لاحق.
وقال نادلر، إن التصويت في اللجنة الذي جاءت نتيجته مطابقة لتوزيع مقاعدها بين الديمقراطيين والجمهوريين، يشكل ”مرحلة خطيرة جدًا وأساسية“. لكن وزارة العدل ردت بوصف هذه الخطوة بـ“المسرح السياسي“.
وبعد دقائق، أفادت وسائل إعلام أمريكية، أنّ مجلس الشيوخ استدعى الابن البكر للرئيس دونالد ترامب للاستماع لإفادته بشأن التحقيق الروسي.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مصادر لم تسمّها، أنّ لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تريد الاستماع للمرة الثانية لـ“دونالد ترامب جونيور“ في إطار هذا التحقيق الذي انتهى في آذار/مارس، ولم يخلص إلى أدلّة على حصول تآمر بين موسكو وفريق المرشح الجمهوري خلال حملة الانتخابات الرئاسية في 2016.
وهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الكونغرس صلاحياته لاستدعاء أحد أفراد عائلة ترامب، الذين أدلى بعضهم بمحض إرادتهم بإفاداتهم في إطار هذا التحقيق.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الشيوخ يسيطر عليه الجمهوريون – الذين أعطوا بذلك ضوءهم الأخضر في إطار اللجنة لهذا الإجراء – خلافًا لمجلس النواب الذي يشكل فيه الديمقراطيون أغلبية.
وذكرت صحيفة ”وول ستريت جورنال“، أن دونالد ترامب الابن رفض الحضور طوعًا إلى مجلس الشيوخ للإدلاء بإفادته أمام لجنة الاستخبارات وعرض بدلاً من ذلك الردّ على أسئلة اللجنة خطيًا، الأمر الذي رفضته اللجنة.
عزل الرئيس
وفي تقريره الواقع في حوالى 450 صفحة، برأ مولر ترامب من الشبهات بالتواطؤ مع موسكو، لكنه تحدث عن ضغوط مارسها الرئيس على التحقيق.
وبعدما اعتبر أن التقرير برأه بالكامل، لا يكف ترامب عن إدانة ”حملة اضطهاد“ مكلفة.
في المقابل، يريد الديمقراطيون المقتنعون بأنه ”عرقل عمل القضاء“، مواصلة التحقيق على أساس التقرير الكامل من أجل تحديد ما إذا كانت الوقائع الواردة فيه تبرر بدء إجراءات لعزل دونالد ترامب.
وردت وزارة العدل بالقول إن ”الأمر غير وارد“، بينما رفض الديمقراطيون عرضها الاطلاع، في إطار لجنة مصغرة، على نسخة أقل تنقيحًا من تلك التي وزعت في 18 نيسان/أبريل.
في مواجهة ”تهديد“ الديمقراطيين لبيل بار، طلبت الوزارة من دونالد ترامب أن يستخدم صلاحياته الرئاسية لرفض تسليم الوثائق حتى بموجب أمر برلماني.
وهذا ما فعله ترامب الأربعاء للمرة الأولى منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
وقال نادلر تعليقًا على ذلك ”إنه هجوم على جوهر ديمقراطيتنا“. لكن الناطقة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز رأت عكس ذلك.
وقالت إن ”الأمريكيين يرون بوضوح أن المناورات اليائسة“ للديمقراطيين ”تهدف إلى إشغالهم عن النجاحات التاريخية للرئيس“.
واعتبر مجلس النواب في تصويته النهائي، أن بيل بار عرقل صلاحيات التحقيق التي يملكها الكونغرس، وهذا يؤدي إلى إعداد ملف اتهام.
وسيكون على القضاء بعد ذلك أن يبت في مسألة التحقيق على هذا الأساس، وهذا ما لم يحدث في ملف هولدر.
وبمعزل عن قضية التدخل الروسي، يتواجه البيت الأبيض والمعارضة في حرب مفتوحة على جبهات أخرى في الكونغرس، وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى معارك قضائية شرسة.
ويطالب الديمقراطيون أيضًا معتمدين على صلاحيات التحقيق الواسعة التي يملكونها، بالبيانات الضريبية للرئيس ترامب ووثائق أخرى عديدة.
لكن الإدارة ترفض ذلك منذ أسابيع، معتبرة أنها ”طلبات غير مبررة“.
وقالت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، إن ترامب يمكن أن يسعى بذلك إلى ”استفزاز“ الديمقراطيين لبدء إجراءات عزل لا تلقى شعبية، ضده.
وتعتمد بيلوسي على حسابات انتخابية دقيقة. فإطلاق هذه الإجراءات مع العلم أن مجلس الشيوخ سيبرئه على الأرجح، يمكن أن يلحق ضررًا بالديمقراطيين مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2020.
لكن ديمقراطيين آخرين بينهم عدد من المرشحين لانتخابات الرئاسة، يرون أنه بعد تقرير مولر لم يعد لديهم خيار آخر.