في تطور عاجل، تمكنت السلطات الأمريكية من إلقاء القبض على المشتبه فيه الرئيسي في قضية اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك، وذلك بعد عملية بحث مكثفة استمرت لثلاثة أيام وحشدت فيها أجهزة إنفاذ القانون الفيدرالية والولايات موارد هائلة لتعقب القاتل الذي نفذ هجومه في وضح النهار أمام آلاف المشاهدين في جامعة وادي يوتاه.
الكشف عن هوية المشتبه فيه: تايلر روبنسون
أعلن الرئيس دونالد ترامب خلال مقابلة مباشرة على قناة فوكس نيوز صباح يوم الجمعة: « بدرجة عالية من اليقين، لدينا الرجل ». وأكد مسؤولون فيدراليون أن المشتبه فيه هو تايلر روبنسون البالغ من العمر 22 عاماً، المقيم في واشنطن، يوتاه، والذي تم إلقاء القبض عليه في سانت جورج بولاية يوتاه فجر يوم الجمعة.
وفقاً لحاكم يوتاه سبنسر كوكس، فقد تم القبض على روبنسون بعد أن تعرف والده عليه من الصور التي نشرتها السلطات، مما دفعه لتسليم ابنه للشرطة. وأوضح كوكس أن « أحد أفراد عائلة تايلر روبنسون تواصل مع صديق للعائلة في مساء 11 سبتمبر، والذي بدوره اتصل بمكتب عمدة مقاطعة واشنطن مع معلومات تفيد بأن روبنسون قد اعترف أو أشار إلى أنه ارتكب الجريمة ».
تفاصيل عملية القبض الدرامية
كشف الرئيس ترامب تفاصيل مثيرة عن كيفية القبض على روبنسون، موضحاً أن « شخصاً كان قريباً جداً منه قال ‘همم، هذا هو’ ». وأضاف أن الشخص الذي سلم المشتبه فيه إلى السلطات كان « راعياً كنيسة يشارك أيضاً في إنفاذ القانون »، والذي نصح الوالد بأن يقوم الابن بتسليم نفسه.
في البداية، رفض روبنسون تسليم نفسه عندما طلب منه والده ذلك، لكنه غير رأيه لاحقاً. وقال ترامب: « الأب أقنع الابن، ثم قادوا السيارة إلى مقر الشرطة، وهو هناك الآن ». وتم القبض على روبنسون بعد أن تمكن المحققون من ربط سيارته دودج تشالنجر الرمادية وملابسه بلقطات المراقبة من يوم الحادثة.
الأدلة المدانة: رسائل ديسكورد والطلقات المنقوشة
في كشف صادم، أعلن حاكم يوتاه أن زميل روبنسون في السكن ساعد المحققين من خلال تقديم رسائل ديسكورد حيث « تحدث روبنسون عن الحصول على بندقية وإخفائها، ولفها في منشفة، ومراقبة موقع الإسقاط، ونقش الرصاصات ». هذه الرسائل تكشف عن مستوى التخطيط المفصل الذي قام به روبنسون قبل تنفيذ الهجوم.
كما كشف كوكس أن الطلقات الثلاث غير المستخدمة التي عُثر عليها في البندقية كانت منقوشة برسائل تشمل « مرحباً أيها الفاشي! امسك! » مع رموز أسهم، بالإضافة إلى « شعارات سياسية وإشارات ثقافية ونكات خشنة ». هذه النقوش تُظهر الدافع الأيديولوجي وراء الجريمة والتخطيط المسبق لها.
وفقاً لموقع Wired، فإن روبنسون كان طالباً في جامعة ولاية يوتاه لفصل دراسي واحد فقط في عام 2021، وكان له حضور محدود على الإنترنت. كما أن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لأقاربه تم إلغاؤها بسرعة بعد تحديد هويته.
التسلسل الزمني المفصل للجريمة
كشف المحققون عن تسلسل زمني دقيق لتحركات روبنسون يوم الجريمة. وصل إلى حرم جامعة وادي يوتاه في سيارته دودج تشالنجر الرمادية في الساعة 8:29 صباحاً يوم 10 سبتمبر، أي قبل أكثر من ثلاث ساعات من بداية الفعالية. ثم عاد مرة أخرى في الساعة 11:52 صباحاً، قبل ثماني دقائق فقط من بداية خطاب كيرك.
تمكن المحققون من تتبع مساره عبر الحرم الجامعي « من خلال الأدراج إلى السطح، عبر السطح إلى موقع الإطلاق ». وفي الساعة 12:20 ظهراً، بعد حوالي 20 دقيقة من بداية كيرك في الإجابة على أسئلة الحضور حول موضوع إطلاق النار الجماعي، أطلق روبنسون رصاصة واحدة قاتلة أصابت كيرك في الرقبة من مسافة تقدر بحوالي 175 ياردة.
مسار الهروب والأدلة المتبقية
بعد تنفيذ الجريمة مباشرة، قفز روبنسون من السطح وفر من الحرم الجامعي إلى حي سكني مجاور. وقد تمكنت كاميرات المراقبة من توثيق مسار هروبه بالتفصيل، حيث شوهد وهو يجري عبر السطح ثم ينزل إلى منطقة عشبية قبل أن يمشي بجانب موقف للسيارات نحو شارع مزدحم.
خلال هروبه، تخلص روبنسون من بندقية ماوزر عيار 30-06 في منطقة غابات قريبة، حيث عثر عليها المحققون ملفوفة في منشفة مع طلقة مستهلكة لا تزال في الحجرة وثلاث طلقات غير مستخدمة في المخزن. كما ترك وراءه في موقع الجريمة بصمة كف وبصمة ساعد وبصمة حذاء، والتي ساعدت جميعها في تأكيد هويته.
شهادة عامل البناء الحاسمة
في شهادة مهمة، كشف عامل كهرباء يُدعى ديلان هوب أن زميلاً له كان يشغل حفارة أثناء إطلاق النار اعتقد أنه تفاعل لفترة وجيزة مع روبنسون بعد الجريمة مباشرة. وقال هوب أن العامل أوقف الرجل لأنه « لا يُسمح لنا بوجود مشاة في الموقع »، وأن الشخص أخبر العامل أنه « يحاول الوصول إلى المنزل بأمان » بعد الحادث.
وصلت الشرطة لاحقاً مع وحدة الكلاب البوليسية لتتبع المشتبه فيه عبر موقع البناء وإلى الممتلكات المجاورة، مما ساعد في رسم خريطة دقيقة لمسار هروب روبنسون من موقع الجريمة.
ردود الفعل السياسية والرسمية
أعرب الرئيس ترامب عن ارتياحه للقبض على روبنسون، قائلاً: « الجميع قام بعمل رائع. سمعت عن الأمر قبل خمس دقائق فقط من دخولي. وبينما كنت أدخل، قالوا ‘الأمور تبدو جيدة جداً’. لديهم الشخص الذي يريدونه ». كما أكد ترامب أنه سيحضر جنازة كيرك في أريزونا، وأنه سيمنح كيرك وسام الحرية الرئاسي بعد وفاته.
من جانبه، وصف حاكم يوتاه سبنسر كوكس الجريمة بأنها « اغتيال سياسي »، مضيفاً أن المشتبه فيه « أصبح أكثر سياسية وكان يعارض معتقدات كيرك ». وشدد على أن « أمتنا محطمة » وأن هناك حاجة ماسة لوقف تصاعد العنف السياسي في البلاد.
التحقيق في الدوافع والخلفية
أشار مدير FBI كاش باتيل إلى أن الوكالة « ستقف مع شركائها لتحقيق العدالة لعائلة كيرك وتكريم ذكراه ». وأكد أن عملاء FBI وصلوا إلى موقع الحادث في غضون دقائق من إطلاق النار، وقاموا بتأمين المنطقة مع الشرطة المحلية ونقل الأدلة فوراً إلى مختبرات FBI في كوانتيكو للفحص.
رغم القبض على روبنسون، لم تكشف السلطات بعد عن الدوافع الكاملة وراء الجريمة أو ما إذا كان يعمل بمفرده أم بالتعاون مع آخرين. كما لم يتم الكشف عن تفاصيل خلفيته السياسية أو الأيديولوجية بشكل كامل، رغم أن النقوش على الطلقات تشير إلى دوافع سياسية معادية للمحافظين.
تأثير القضية على الأمن السياسي
تُعد هذه الجريمة أحدث حلقة في سلسلة من أعمال العنف السياسي المتصاعد في الولايات المتحدة، مما أثار مخاوف جدية بين المسؤولين السياسيين من كلا الحزبين حول سلامتهم الشخصية. وقد ألغى العديد من الأعضاء في الكونغرس فعاليات خارجية مجدولة في أعقاب اغتيال كيرك.
قال النائب جاريد موسكوفيتز، وهو ديموقراطي كان هدفاً لمحاولة اغتيال العام الماضي: « الناس مرعوبون في هذا المبنى. لن يقول الكثيرون ذلك علانية، لكنهم يتوجهون إلى المتحدث بشأن مخاوف الأمن – وهذا يشمل العديد من الجمهوريين. هناك خوف حقيقي ».
الخطوات القادمة في التحقيق
مع القبض على روبنسون، ستركز السلطات الآن على التحقيق التفصيلي في دوافعه وخلفيته، بالإضافة إلى التأكد من أنه تصرف بمفرده. كما ستعمل على فحص جميع الأدلة الرقمية، بما في ذلك رسائل ديسكورد وأي اتصالات إلكترونية أخرى قد تلقي الضوء على تخطيطه للجريمة.
من المتوقع أن يواجه روبنسون تهماً فيدرالية خطيرة تتضمن القتل العمد من الدرجة الأولى، والتي قد تجعله مؤهلاً لعقوبة الإعدام في ولاية يوتاه. وقد أشار الرئيس ترامب إلى أنه يأمل في تطبيق عقوبة الإعدام في هذه القضية، مؤكداً أن « يوتاه تستخدم عقوبة الإعدام ».
كما يُتوقع أن تعقد السلطات مؤتمرات صحفية إضافية في الأيام القادمة للكشف عن المزيد من التفاصيل حول القضية والتحقيق المستمر، خاصة فيما يتعلق بالدوافع الكاملة وراء هذه الجريمة الشنيعة التي هزت الأوساط السياسية الأمريكية.