في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، استخدم الرئيس الأمريكي جو بايدن حق النقض “الفيتو” لمنع تمرير مشروع قانون كان سيضيف 63 منصبًا قضائيًا دائمًا جديدًا إلى المحاكم الفيدرالية. كان الهدف من المشروع هو تخفيف العبء الكبير عن بعض المحاكم التي تعاني من تراكم القضايا.
ولكن لماذا رفض بايدن المشروع؟ وهل الأمر مجرد خلاف قانوني أم أن هناك دوافع سياسية أعمق؟
ما هو الفيتو؟
في النظام الأمريكي، يتمتع الرئيس بصلاحية رفض أي مشروع قانون أقرّه الكونغرس من خلال ما يُعرف بالفيتو. إذا استخدم الرئيس هذا الحق، يعود المشروع للكونغرس، ولا يمكنه أن يصبح قانونًا إلا إذا تمكنت أغلبية كبيرة (ثلثي الأعضاء) من تجاوز الفيتو.
لماذا رفض بايدن مشروع القانون؟
في بيانه الرسمي، أوضح بايدن أن المشروع يفتقر إلى إجابات واضحة حول كيفية تحديد الحاجة الفعلية لهذه المناصب القضائية، وكيفية توزيعها بين الولايات. وأشار إلى أن أي قرار يتعلق بالقضاء الفيدرالي يجب أن يعتمد على دراسة دقيقة لضمان الكفاءة والعدالة، وليس على اعتبارات سياسية.
وأضاف بايدن أن المشروع يبدو أنه صُمم بطريقة تمنح بعض الولايات – التي يميل أغلبها للجمهوريين – النصيب الأكبر من هذه المناصب. وهذا يعني أن التأثير السياسي قد يكون الدافع الحقيقي خلف هذا المشروع.
الخلفية السياسية: ماذا وراء الكواليس؟
ما يجعل هذا المشروع حساسًا للغاية هو أن الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، سيصبح هو المسؤول عن تعيين حوالي ثلث هؤلاء القضاة في حال إقراره. ترامب سبق وأن قام خلال فترة رئاسته السابقة بتعيين عدد كبير من القضاة المحافظين، ما أثر على التوازن داخل القضاء الأمريكي.
الديمقراطيون يرون أن أي خطوة تمنح ترامب فرصة لتوسيع نفوذه القضائي ستؤدي إلى تعميق الاستقطاب السياسي، خاصة أن القضاة الفيدراليين يتم تعيينهم مدى الحياة، مما يعني أن تأثير هذه التعيينات سيستمر لعقود.
لماذا يعتبر القضاء مهمًا في أمريكا؟
القضاء الفيدرالي هو أحد أعمدة النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة. القضاة الفيدراليون لديهم صلاحيات كبيرة تشمل البت في القضايا الوطنية الكبرى مثل الحقوق المدنية، قوانين الهجرة، والاقتصاد. لذلك، فإن أي تغييرات في عدد القضاة أو طريقة تعيينهم تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس.
رفض بايدن للمشروع يعكس حالة الاستقطاب الشديد التي تعيشها الولايات المتحدة. المحاكم التي كانت تُعتبر سابقًا مكانًا للعدالة بعيدًا عن السياسة، أصبحت الآن ساحة صراع بين الحزبين. الجمهوريون يرغبون في استغلال فوز ترامب لتوسيع تأثيرهم القضائي، بينما الديمقراطيون يحاولون منع أي تغييرات قد تؤثر على توازن القوى.
هل هناك حل للمشكلة؟
القضاة من مختلف الاتجاهات السياسية حذروا من أن نقص القضاة يؤدي إلى تأخير القضايا وتكدسها. ولكن الحل لا يجب أن يكون عبر قرارات مثيرة للجدل سياسياً. يجب أن تتفق الأحزاب على خطة شاملة تعتمد على دراسة موضوعية لحاجة المحاكم دون أن تكون القرارات مدفوعة بمصالح سياسية قصيرة المدى.