في الوقت الذي يتصاعد فيه الجدل حول سياسات الهجرة في الولايات المتحدة، يكتسب برنامج فيدرالي غامض ولكنه مؤثر زخماً متزايداً، وهو برنامج 287(g). هذا البرنامج، الذي يحمل اسم قسم من قانون الهجرة والجنسية لعام ١٩٩٦، يمنح سلطات إنفاذ القانون المحلية والولائية صلاحيات فيدرالية للعمل كوكلاء لهيئة الهجرة والجمارك (ICE). ومع التوسع المستمر للبرنامج، تزداد المخاوف من تأثيره على المجتمعات المهاجرة وثقتها في الشرطة المحلية.
ما هو برنامج 287(g) وكيف يعمل؟
لفهم هذا البرنامج، من المهم أن يعرف المهاجرون أنه يطمس الخطوط الفاصلة بين الشرطة المحلية، التي من المفترض أن تخدم وتحمي جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن وضعهم القانوني، وبين هيئة الهجرة الفيدرالية، التي تتمثل مهمتها في إنفاذ قوانين الهجرة. يتم ذلك من خلال اتفاقيات رسمية (تُعرف بمذكرات التفاهم) بين ICE والوكالات المحلية.
تاريخياً، كان للبرنامج نماذج مختلفة، لكن النماذج الحالية الرئيسية هي:
- نموذج إنفاذ السجون (Jail Enforcement Model – JEM): هذا هو النموذج الأكثر شيوعاً. يسمح لضباط السجون المحليين الذين تم تدريبهم من قبل ICE بالتحقق من الوضع القانوني للمحتجزين في السجون المحلية. إذا تم تحديد شخص على أنه قابل للترحيل، يمكن لهؤلاء الضباط بدء إجراءات الترحيل.
- نموذج ضابط خدمة أوامر الاعتقال (Warrant Service Officer – WSO): يمنح هذا النموذج ضباط السجون المحليين سلطة تنفيذ أوامر الاعتقال الإدارية الصادرة عن ICE ضد الأفراد المحتجزين لديهم بالفعل.
كان هناك نموذج ثالث وأكثر إثارة للجدل يُعرف بـ “نموذج فرقة العمل” (Task Force Model)، والذي كان يسمح للشرطة المحلية بالعمل كوكلاء هجرة في الشارع، على سبيل المثال أثناء توقيف حركة المرور. تم إيقاف هذا النموذج رسمياً في عام ٢٠١٢ بسبب مخاوف من أنه يؤدي إلى التنميط العنصري، لكن إرثه لا يزال يثير القلق.
توسع مثير للقلق
تُظهر أحدث الإحصائيات الصادرة عن ICE في ٣ يوليو ٢٠٢٥، أن البرنامج في حالة توسع كبير. حتى الآن، وقعت ICE على ٧٧٧ اتفاقية مع وكالات إنفاذ القانون في ٤٠ ولاية. بالإضافة إلى ذلك، هناك ٤٧ طلباً جديداً قيد المراجعة. هذا التوسع يعني أن المزيد والمزيد من أقسام الشرطة المحلية في جميع أنحاء البلاد تشارك بنشاط في إنفاذ قوانين الهجرة الفيدرالية.
الجدل والتأثير على المجتمعات المهاجرة
يجادل مؤيدو البرنامج، بما في ذلك ICE، بأنه يعزز السلامة العامة من خلال تحديد وإزالة “الأجانب المجرمين”. ومع ذلك، يرى منتقدو البرنامج، بمن فيهم منظمات الحقوق المدنية مثل ACLU، أنه يمثل خطراً كبيراً على الحقوق المدنية والعلاقات المجتمعية.
تتمثل المخاوف الرئيسية في:
- تآكل الثقة: عندما يرى المهاجرون أن الشرطة المحلية تعمل كوكلاء لـ ICE، فإنهم يصبحون أقل ميلاً للإبلاغ عن الجرائم أو طلب المساعدة أو الشهادة في المحاكم، خوفاً من أن أي اتصال مع الشرطة قد يؤدي إلى استجواب حول وضعهم القانوني وترحيلهم. هذا يجعل المجتمعات بأكملها أقل أماناً.
- التنميط العنصري: يجادل النقاد بأن البرنامج يشجع على التنميط العنصري، حيث قد تستهدف الشرطة الأفراد بناءً على مظهرهم أو لغتهم.
- التركيز على الجنح البسيطة: بدلاً من التركيز على المجرمين الخطرين، أظهرت البيانات التاريخية أن البرنامج غالباً ما يستهدف الأشخاص الذين ارتكبوا مخالفات بسيطة، مثل القيادة بدون رخصة، ويضعهم في مسار الترحيل.
بالنسبة للمهاجرين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، فإن فهم وجود برنامج 287(g) في منطقتهم أمر حيوي. إنه يعني أن مخالفة مرورية بسيطة أو أي احتكاك آخر مع الشرطة المحلية يمكن أن يتصاعد بسرعة إلى قضية هجرة فيدرالية، مما يغير بشكل جذري طبيعة العلاقة بين المجتمع وسلطات إنفاذ القانون المحلية.