كشف تحقيق استقصائي لمجلة أمريكية عن ارتباط رئيس الولايات المتحدة “دونالد ترامب” بعصابات المافيا الإجرامية، منذ نشأته في مدينة نيويورك، وقيامه بالاستعانة بها في بناء عقاراته السكنية، واستثماراته، في بدايات أعماله خلال عقد الثمانينيات.
وأشارت مجلة “نيوزويك”، في تحقيقها المطول، الذي أعده الصحافي “جيف” ونشر، أمس السبت، إلى أن “ترامب” نشأ في حي كوينز في مدينة نيويورك، حيث تنتشر منظمات المافيا، وهو ما ساعد في تكوين شخصيته كرجل عصابات.
وكشف معد التحقيق أن “ترامب” حين بلغ 30 سنة من عمره، بات محط اهتمام مكتب التحقيقات الاتحادي “FBI” كشخص تلجأ إليه عصابات المافيا في الأوقات الصعبة طلباً لمساعدته.
سلوكات المافيا.. واستعانة بأحد محامييها
ويوضح التقرير أن “ترامب”، بعد وصوله سن 70 سنة، اتسمت أعماله التجارية بكثرة أفراد العصابات فيها؛ حيث دفع رشاوى لنساء من أجل شراء صمتهن في ادعاءات بإقامته علاقات جنسية معهن، كما يعرض صفقة سرية مزعومة على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لبناء فندق في موسكو.
ويكشف التحقيق أن أول المؤشرات على تورط “ترامب” في عالم الجريمة هو تصريف شؤون شركته العقارية في نيويورك، من خلال الاستعانة بمحاميه مايكل كوهين، الذي كان وكيلاً في سبعينيات القرن الماضي لكبار أفراد عائلة “فيتو جينوفيسي”، أكبر عائلة مافيا إجرامية في نيويورك.
ويؤكد التحقيق أن كوهين عمل مع عصابات المافيا، الذين يتحكمون بنقابات عمال البناء في نيويورك، التي كان “ترامب” بحاجة إلى دعمها لكي يكمل إنجاز مشاريعه العقارية في ذلك الوقت.
كما يشير التقرير إلى أن “كوهين استأجر شركات مرتبطة بالمافيا لتشييد برج “ترامب”، ومبنى “ترامب” بلازا للشقق السكنية في حي مانهاتن بنيويورك، حيث اشترى الخرسانة بسعر غال من شركة يديرها زعيما المافيا “أنتوني ساليرنو”، و”بول كاستيلانو””.
كما يبين التحقيق أن “ترامب” ازدرى محاميه الخاص السابق “مايكل كوهين”، حينما وصفه بالجرذ، وندد بالمحققين بسبب ضغطهم على معاونيه “لتغيير” مواقفهم.
ويقول معد التحقيق إن الرئيس الأمريكي استعار لفظة “جرذ” من العامية، التي يتداولها أفراد عصابات المافيا، في وصفهم لمن يتعاون من زملائهم مع مكتب التحقيقات الاتحادي.
فساد وعمل خارج القانون
ونقل “ستاي”، في تحقيقه عن تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في عام 2017، أن ترامب ظل ينكر لسنوات عديدة معرفته باستخدام شركته العقارية عمالاً غير نظاميين، قدموا من بولندا، وكوريا الجنوبية.
وبين أن ترامب دفع سراً مبلغ 1.38 مليون دولار لتسوية القضية المرفوعة ضده في 1998، منها 500 ألف لصندوق الضمان الاجتماعي لنقابات البناء، والباقي أتعاب للمحامين.
وفي هذا الصدد، قال “وولت ستوي”، عميل سابق لمكتب التحقيقات الاتحادي، والذي أصبح الآن مقرباً من ترامب: “إن الفساد كان مستشرياً في نيويورك، التي كانت تحت قبضة المافيا في ثمانينيات القرن الماضي، حتى إذا أراد رجل أعمال ما أن يكون ناجحاً، فإن عليه أن يتعاون بطريقة أو بأخرى مع ذلك العالم”.
وانتقلت نيوزويك إلى إماطة اللثام عن أسرار أخرى في حياة ترامب، حيث أوردت أنه والجمعيات التابعة له استعانوا بشخصيات من عالم الجريمة، والرذيلة، في افتتاح صالات القمار الفخمة، المملوكة له، والتي أفلست فيما بعد.
ومن بين تلك الشخصيات رجل يُدعى “دانيال سوليفان”، البالغ ن العمر 42 سنة، وذو سجل إجرامي، ساعد ترامب في التصدي لمشاكل العمال في مواقع مشاريع له قيد الإنشاء.
وامتثالاً لنصيحة الوكالة المعنية بتنظيم عمل صالات القمار بأن علاقة “سوليفان” بالمافيا قد تضر فرص منح “ترامب” تراخيص لكازينوهاته، تخلى هذا الأخير عنه وأبلغ مكتب التحقيقات بأنه قطع صلته به. وعلى الرغم من ذلك، ظل “ترامب” على اتصال بالرجل طبقاً للدعوى المدنية، التي أقامها سوليفان عام 1983 ضد سلطات ولاية نيوجيرسي.
وفي إحدى المرات عرض ترامب على “سوليفان” وظيفة كبير مفاوضي العمال في شركته براتب 75 ألف دولار.
دور المافيا الروسية
كما تطرق تحقيق المجلة إلى جانب من ملابسات قضية التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية، ورد فيه أن المحققين الاتحاديين، ومسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إي) لم يبرزوا أي دليل على وجود مؤامرة تدين “ترامب”.
وكشف التحقيق أن المافيا الروسية حققت نجاحاً هائلاً باختراقها عالم الجريمة الأمريكي، بل إنها أقامت في بعض الأحيان تحالفات مع “كوزا نوسترا”، وهي مافيا من صقلية.
وبحسب تقرير لموقع بازفيد الإخباري، فإن “مايكل كوهين”، محامي “ترامب” الخاص آنذاك، عرض على بوتين عبر شخصيات “مريبة غير معروفة” شقة في أعلى البناية، التي أراد ترامب بناءها في موسكو.
ونسبت “نيوزويك” إلى “كريغ أونغر”، وهو مؤلف كتاب عن عائلتي “ترامب”، و”بوتين”، قوله إن مؤسسة “ترامب” ظلت ممولة لزمن طويل بأموال روسية غير مشروعة.
ويشير المؤلف في كتابه إلى أن الأمور كلها بدأت بعملية بسيطة لغسل الأموال ببرج ترامب في عام 1984، عندما جاء أحد أفراد المافيا الروسية إلى البرج حاملاً معه مبلغ ستة ملايين دولار نقداً، واشترى خمس شقق في البناية.
وأضاف المتحدث نفسه أن ما لا يقل عن 1300 شقة في الولايات المتحدة بيعت بالطريقة نفسها، ودُفعت المبالغ النقدية كلها عبر مصادر مجهولة.