وكالات/ الشرق
شنّت جامعة ولاية نيويورك ، هجوماً على سياسات منظمة الغذاء والدواء الأميركية، واتهمتها “بمراعاة أصحاب المصالح والأعمال في مجال الغذاء” على حساب صحة المواطنين، كما اتهمت وسائل التواصل الاجتماعي، وكليات الطب، والحكومة الفيدرالية الأميركية بالتواطؤ وتضليل المستخدمين، وإخفاء معلومات أساسية بشأن الأطعمة التي يتناولها الأميركيون.
وأصدرت الجامعة بالتعاون مع مركز سياسة الغذاء في نيويورك، تقريراً ضخما يقع في 335 ورقة تحتوي على أكثر من 2500 استشهاد من أبحاث علمية بعنوان “الغذاء كدواء: كيف يؤثر الغذاء والنظام الغذائي في علاج وإدارة الأمراض”، اعتبرت فيه أن هناك أدلة دامغة تثبت تأثير الغذاء والنظام الغذائي على الصحة، وتحديداً في الأمراض المرتبطة بالغذاء.
وأشار التقرير إلى أنه لا ينبغي بعد الآن مناقشة ما إذا كان النظام الغذائي السيء، يمكن أن يسبب ضرراً للجسم أم لا، إذ تدعم الأدلة العلاقات السببية المحتملة بين العوامل الغذائية والأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي مثل أمراض القلب الإقفارية والسكري، وأنواع معينة من السرطان.
وذكر التقرير: “في حين أن النظام الغذائي لديه القدرة على التسبب في المرض، إلا أنه قادر أيضاً على بناء الصحة والحفاظ عليها واستعادتها، والهدف من ذلك التقرير هو سد الفجوة بين الطب التقليدي واستخدام الغذاء كدواء في الوقاية من الأمراض وعلاجها”.
5 أجزاء
وينقسم التقرير إلى 5 أجزاء، أولها يحوي معلومات أساسية عن تاريخ استخدام الطعام لعلاج الأمراض، ويعرض الجزء الثاني التحديات الحديثة للاستخدام على نطاق واسع وقبول الغذاء كممارسات طبية، ويتحدث الجزء الثالث عن الأدلة الحالية حول الطعام المعاصر كممارسات طبية (مثل الوجبات المصممة طبياً، وإنتاج الوصفات الطبية، والأطعمة الوظيفية)، ويراجع الجزء الرابع الدراسات الخاصة بالأغذية كعلاج لحالات مرضية معينة، فيما يعرض الجزء الخامس توصيات لأصحاب المصلحة بما في ذلك صناع السياسات، والمتخصصون في الرعاية الصحية، والأكاديميون للمساهمة في نظام رعاية صحية أكثر صحة وإنصافاً.
قصور تعليمي
واعتبر التقرير أن هناك قصوراً في التعليم الطبي بالولايات المتحدة الأميركية، فالعديد من كليات الطب في جميع أنحاء أميركا لا تتطلب أن يتلقى الطلاب دورات التغذية الأساسية، ما يؤدي إلى نقص الثقة والمعرفة بين مقدمي الرعاية الصحية عند التحدث إلى المرضى بشأن استخدام الطعام كعلاج لإدارة المرض.
ورأى التقرير أن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت “اختطاف” الطعام كعلاج للمرض، وضمه إلى الطب البديل الذي وصفه التقرير بـ”العلم الزائف”، وأدى هذا بشكل فعال إلى نفور العديد من مقدمي الرعاية الصحية من تبني الغذاء كبرامج وسياسات طبية.
وأوضح التقرير أن العديد من المواقع على الانترنت تحتوي على موضوعات علمية قائمة على الأدلة جنباً إلى جنب مع الموضوعات التي تحتوي على معلومات غير دقيقة أو غير كاملة أو مضللة، ما يجعل من الصعب على الجمهور فك تشفير المعلومات المتعلقة بدور الطعام في الوقاية من الأمراض وعلاجها.
وتسببت زيادة شعبية المكملات الغذائية، مقترنة بنقص التنظيم من الحكومة الفيدرالية في ما يتعلق بما تحتويه العديد من المكملات، في حدوث ارتباك بين المستهلكين والمرضى بشأن تأثير عاداتهم على المرض، بحسب التقرير.
واتهم التقرير إدارة الغذاء والدواء الأميركية بالتواطؤ مع بعض الشركات، بقوله: “لطالما تأثرت المبادئ التوجيهية الغذائية الأميركية بشركات الأغذية الكبيرة ومجموعات المصالح، وهي لا تعكس دائماً حالة العلم في ما يتعلق بالعلاقة بين النظام الغذائي والصحة”.
تشويش المستهلكين
وتوقع التقرير أن تؤدي المطالبات التسويقية والصحية المطبوعة على الأطعمة المعبأة المتوفرة في المتجر، إلى تشويش فهم المستهلكين لتأثير الطعام والنظام الغذائي على المرض، مشيراً إلى أن البحث الممول من قبل صناعة الأغذية، أدى إلى انحراف فهم الجمهور لتأثيرات بعض الأطعمة على صحة الفرد.
ويقول التقرير: “لطالما كان الطعام جزءاً من الممارسة الطبية منذ آلاف السنين، ومع ذلك، ومع ازدياد تطور الإجراءات والعلاجات الطبية، بدأت المجتمعات الحديثة تتجاهل دور الغذاء في علاج المرض، وأصبح يُنظر إلى استخدام الطعام لعلاج المرض على أنه نهج غير حضاري، وهو ما أدى إلى فجوة بين الطب الحديث واستخدام الغذاء لعلاج الأمراض، وعدم قبول التدخلات القائمة على الغذاء في خطط العلاج الحديثة”.
الغذاء كدواء
وطالب التقرير بزيادة التمويل الحكومي والدعم لتدخلات وبرامج الغذاء كدواء، بهدف تعظيم أثرها الإيجابي على انعدام الأمن الغذائي والصحة العامة، مشدداً على ضرورة وجود وجبات مصممة مع مراعاة الاحتياجات الغذائية للمرضى، لأن ذلك يساعد أصحاب الأمراض المزمنة على مكافحة انعدام الأمن الغذائي، وضمان أن الأطعمة التي يتناولونها مناسبة لمرضهم أو حالتهم المحددة.
وحضّ التقرير على إنتاج برامج الوصفات الطبية، وهي مجموعة من البرامج التي توفر حافزاً مالياً (مثل الخصم أو المكافأة أو الائتمان) لزيادة الوصول إلى الفاكهة الطازجة في الخضار واستهلاكها بين المرضى المستهدفين.
10 توصيات
وحدد التقرير 10 توصيات لأصحاب المصلحة لتعزيز الغذاء كممارسات طبية في الوقاية من الأمراض وعلاجها.
وتشمل ضرورة زيادة التمويل للأغذية كأبحاث طبية، موضحاً أنه يجب أن يوافق الكونجرس على زيادة التمويل للمعاهد الوطنية للصحة لتقديم منح للباحثين تركز بشكل خاص على استخدام الغذاء في الوقاية من الأمراض وعلاجها، خصوصاً في المواضيع العلمية التي تبحث في الأنماط والتدخلات الغذائية للوقاية من الأمراض وعلاجها وممارسات الطب التقليدي من جميع أنحاء العالم في الوقاية والعلاج من الأمراض، وتلك التي تطمح لدمج الأطعمة والأنماط الغذائية من العديد من الثقافات المختلفة لضمان أن التدخلات الغذائية مناسبة ثقافياً لجميع المشاركين.
وحث التقرير على إنشاء وصيانة أرشيف مركزي يحدد جميع الأطعمة الحالية كبرامج طبية وتدخلات تعمل في الولايات المتحدة (بما في ذلك برامج الحوافز الغذائية والقسائم، وبرامج الوجبات المصممة طبياً، وإنتاج برامج الوصفات الطبية، والطهي)، وإنشاء وتنظيم وتحديث الأغذية اليومية الخاصة بمرض معين كأدلة لأبحاث الطب والموارد لترجمة ونشر البحوث المستندة إلى الأدلة والمراجعة، من قبل الأقران للأكاديميين والباحثين والأطباء والصحة مقدمو الرعاية والأفراد ومقدمو الرعاية وأفراد أسر أولئك الذين تم تشخيصهم وكذلك عامة الناس.
وحض التقرير على ضرورة تطوير بنية تحتية قوية للخبراء (على سبيل المثال في كليات الطب والمراكز الأكاديمية والمنظمات غير الربحية المخصصة للأغذية مثل المعاهد الوطنية للصحة) الذين يمكنهم مراقبة البحث الغزير الذي تم إجراؤه بالفعل في ما يتعلق باستخدام الطعام كدواء.
وقال التقرير إنه يجب على كليات الطب والتمريض، تنظيم دورات إجبارية لمقدمي الرعاية الصحية ضمن المناهج لرفع التثقيف بشأن التغذية ودور النظام الغذائي في الوقاية من الأمراض، وتوفير خلفية لجميع طلاب الطب عن دور النظام الغذائي في الوقاية من الأمراض وعلاجها، مع تطوير وطلب دورات التعليم الطبي المستمر التي تركز على الغذاء كموضوعات طبية.
وشدّد التقرير على ضرورة أن تكون المستشفيات نموذجاً لتقديم الغذاء كدواء ودمج الأدلة الغذائية للوقاية من الأمراض وعلاجها في الممارسات والبرامج المؤسسية، مطالباً الوكالات الحكومية الفيدرالية بتقديم حوافز مالية وإرشادات للمستشفيات العامة والخاصة وأماكن الرعاية الصحية التي تطور وتحافظ على الطعام كبرامج طبية، بما في ذلك الوجبات المصممة طبياً وإنتاج الوصفات الطبية.
الفاكهة والخضراوات
وحض التقرير على زيادة وصول المجتمع إلى الفواكه والخضراوات، وقال إنه “يجب أن يتمتع جميع الأفراد بإمكانية الوصول إلى الأطعمة المناسبة ثقافياً وغير المصنعة والطازجة كبرامج طبية للوقاية من الأمراض وعلاجها مع دعم التوسع في مصادر الفواكه والخضراوات الطازجة في المجتمعات التي تفتقر إلى البيع بالتجزئة للفواكه والخضراوات”.
واعتبر التقرير أنه يجب على شركات التأمين الصحي أن تقدم تغطية لمجموعة متنوعة من الأطعمة كبرامج طبية واستشارات غذائية فردية في علاج الأمراض المزمنة، وضرورة توسيع البرامج الفيدرالية لدعم مجموعة متنوعة من الأطعمة كبرامج طبية، بما في ذلك الوجبات المصممة طبياً، وإنتاج الوصفات الطبية، وحوافز التغذية مع دمج الغذاء كدواء في السياسات الصحية التي تعزز الغذاء والنظام الغذائي في الوقاية من الأمراض وعلاجها.