في خطوة قانونية مهمة للدفاع عن الحريات الدينية، أعلن فرع لوس أنجلوس الكبرى لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) واتحاد القانون الآسيوي (ALC) عن رفع دعوى قضائية فيدرالية ضد مقاطعة أورانج، وشريف المقاطعة دون بارنز، وضباط فرديين في قسم شرطة المقاطعة. وتتهم الدعوى السلطات بانتهاك الحقوق الدستورية لامرأتين مسلمتين بعد إجبارهما على خلع حجابهما أثناء احتجازهما عقب مظاهرة سلمية.
تعود وقائع الحادثة إلى ١٥ مايو ٢٠٢٤، عندما كانت المدعيتان، سلمى نصر الدين وشيناي عيني، تشاركان في مخيم طلابي سلمي مناهض للإبادة الجماعية في جامعة كاليفورنيا، إيرفاين (UCI). وعلى الرغم من الطبيعة السلمية للاحتجاج، استدعت إدارة الجامعة أعداداً كبيرة من قوات إنفاذ القانون، بما في ذلك شرطة مقاطعة أورانج، التي قامت بتفريق المخيم بالقوة واعتقال العشرات من الطلاب والناشطين، من بينهم السيدتان.
انتهاك للكرامة والحرية الدينية
أثناء وجودهما في عهدة الشرطة، تعرضت كل من نصر الدين وعيني لتجربة وصفتها محامياتهن بأنها “مهينة وغير إنسانية”. فقد أُجبرتا على خلع حجابهما، وهو رمز ديني أساسي وممارسة عبادة بالنسبة لهما، والتقاط صور حجز رسمية بدونه، وذلك على مرأى من ضباط ذكور. هذا الإجراء لا يمثل فقط انتهاكاً لمعتقداتهن الدينية الراسخة، بل أيضاً اعتداء على كرامتهن الشخصية.
وقالت سلمى نصر الدين في بيان: «لقد صُدمت عندما طُلب مني خلع حجابي… إن التزاماً صادقاً قطعته على نفسي أمام الله وحافظت عليه لمدة ١٨ عاماً قد سُرق مني». وأضافت شيناي عيني: «بعد مرور عام، ما زلت متأثرة بشدة. أرى ذكريات متكررة وأسمع توسلاتي للسماح لي بتغطية شعري، مما يذكرني بأن ديني لم يُحترم وأنني تعرضت لأذى روحي وكُشفت عوراتي عندما تم بث اعتقالي».
شرح السياق: الحجاب والحقوق الدستورية في أمريكا
يحمي التعديل الأول للدستور الأمريكي حرية ممارسة الدين. وقد أقرت المحاكم في جميع أنحاء البلاد بأن هذا يشمل حق الأفراد في ارتداء الملابس الدينية، مثل الحجاب للمسلمات، أو الكيباه لليهود، أو العمامة للسيخ. ولا يفقد المواطنون هذه الحقوق عند اعتقالهم. وفي حين أن للسلطات مخاوف أمنية مشروعة، إلا أنه يجب عليها الموازنة بين هذه المخاوف وبين الحقوق الدستورية للفرد، وإيجاد طرق لاستيعاب الممارسات الدينية. إجبار امرأة على خلع حجابها في مكان عام أو أمام رجال غرباء يعتبر انتهاكاً خطيراً لهذا الحق.
أهمية القضية للمجتمع العربي والمسلم
تكتسب هذه الدعوى القضائية أهمية كبرى لأنها لا تسعى فقط لتحقيق العدالة للمدعيتين، بل تهدف إلى إحداث تغيير منهجي في سياسات وممارسات شرطة مقاطعة أورانج لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. إنها تمثل استخداماً استراتيجياً للنظام القانوني الأمريكي من قبل منظمة حقوق مدنية مسلمة رائدة للدفاع عن حقوق المجتمع. إنها تبعث برسالة واضحة مفادها أن الجالية المسلمة لن تقف صامتة في وجه ما تعتبره معاملة تمييزية، وأنها ستستخدم كل الأدوات المتاحة في الديمقراطية الأمريكية للمطالبة بحقوقها وكرامتها. هذه القضية هي مثال حي على النضج المدني والسياسي للمجتمع، وتؤكد على أن النضال من أجل الحقوق الدينية هو جزء لا يتجزأ من النضال الأوسع من أجل العدالة للجميع.