خلال الفترة الحالية تصنف هجمات الحادي عشر من شهر أيلول/سبتمبر سنة 2001 كأكبر حادثة دموية في تاريخ مدينة نيويورك، حيث أسفرت الأخيرة عن مقتل أكثر من ألفي شخص من سكان المدينة.
لكن قبل هجمات الحادي عشر من شهر أيلول/سبتمبر سنة 2001 كانت حادثة غرق الباخرة الدولابية الجنرال سلوكم (General Slocum) سنة 1904 أسوأ كارثة بشرية في تاريخ نيويورك حيث حافظت هذه الفاجعة على هذا التصنيف لأكثر من 97 سنة.
منذ تاريخ صنعها سنة 1891 اعتمدت الباخرة الدولابية الجنرال سلوكم والتي جاءت تسميتها نسبة للجنرال الأميركي، هنري فارنر سلوكم (Henry Warner Slocum)، في مجال الرحلات المستأجرة فضلا عن ذلك قضت الأخيرة سنوات عملها الثلاثة عشر بمدينة نيويورك قبل أن تعرف نهاية تراجيدية أودت بحياة عدد هائل من المسافرين.
وقبل مأساة غرقها سنة 1904 كانت الباخرة الدولابية الجنرال سلوكم على موعد مع العديد من الحوادث الأخرى، ولعل أبرزها سنة 1894 والتي عرفت خلالها أزمتين كانت أولهما عندما علقت بالمياه الضحلة. أما الثانية فلم تكن سوى واقعة اصطدامها بسفينة أخرى خلال إبحارها بالنهر الشرقي.
خلال شهر يونيو/حزيران سنة 1904 استأجرت كنيسة سانت مارك الإنجيلية اللوثرية (St. Mark’s Evangelical Lutheran Church)، الواقعة بالقرب من الأحياء الألمانية بمانهاتن، الباخرة الدولابية الجنرال سلوكم مقابل سعر رمزي قدّر بحوالي 350 دولارا للقيام برحلتها السنوية نحو جزيرة لونغ آيلند (Long Island) حيث اعتادت هذه الكنيسة وبشكل سنوي تنظيم رحلة لأتباعها نحو ذلك المكان لتناول طعام الغداء بشكل جماعي تحت أشعة الشمس.
في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا يوم الخامس عشر من شهر يونيو/حزيران سنة 1904 غادرت الباخرة الدولابية الجنرال سلوكم الميناء وعلى متنها ما يزيد عن 1400 راكب كان جلّهم من النساء والأطفال.
بادئ الأمر، سارت الأمور على ما يرام لكن في حدود الساعة العاشرة صباحا قام الكابتن فان شايك (Captain Van Schaick) بتحذير باندلاع حريق على متن السفينة الجنرال سلوكم، وبدل الاقتراب من اليابسة لإنزال الركّاب وإنقاذهم فضّل الأخير الإبحار ومواصلة الرحلة ليتسبب على إثر ذلك في واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخ نيويورك.
وبالتزامن مع انتشار الحريق ظل طاقم السفينة عاجزا عن إنقاذ الركّاب حيث لم يتمكن هؤلاء من استخدام قوارب النجاة بسبب افتقارهم للخبرة لمجابهة الكوارث فضلا عن ذلك كانت أطواق النجاة مهترية ومليئة بالثقوب مما جعل عملية الاعتماد عليها مستحيلة. وبدل الموت حرقا داخل السفينة، فضّل كثيرون القفز نحو مياه النهر الشرقي بنيويورك ليلقوا بذلك مصرعهم غرقا، حيث كان أغلبهم غير قادر على السباحة.
أسفرت حادثة احتراق وغرق الباخرة الدولابية الجنرال سلوكم عن مقتل ما يزيد عن ألف شخص وعلى حسب العديد من المصادر اندلع الحريق على متن هذه السفينة بسبب عقب سيجارة، تسبب في التهاب كمية من القش والوقود التي كانت موجودة بغرفة المصابيح.
وخلال الفترة التالية عاش الأميركيون ذوو الأصول الألمانية المقيمون بنيويورك على وقع صدمة حقيقية، حيث كان أغلب الضحايا من أقاربهم فضلا عن ذلك مثل الكابتن فان شايك، والذي نجا من الموت، أمام القضاء بعد توجيه تهمة إهمال التحذيرات والتسبب في كارثة بحرية إليه، وبناء على ذلك حكم على الأخير عام 1906 بعشرة سنوات سجن قضى منها 5 سنوات فقط خلف القضبان قبل أن يحصل على عفو من الرئيس وليام هوارد تافت (William Howard Taft) سنة 1911