في خطوة وصفت بأنها “متهورة”، أدت التخفيضات الكبيرة في الميزانية الفيدرالية إلى إلغاء منحة بحثية حيوية في كلية لاغوارديا المجتمعية في كوينز، مما يمثل ضربة قاسية للجهود المبذولة لدعم الطلاب من الأقليات والخلفيات المحرومة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). الحادثة تسلط الضوء على كيفية تأثير القرارات السياسية المتخذة في واشنطن بشكل مباشر ومؤلم على الفرص التعليمية في الأحياء المحلية، بما في ذلك تلك التي يقطنها عدد كبير من أبناء الجاليات العربية والمهاجرة.
المنحة، التي تم إلغاؤها الشهر الماضي دون سابق إنذار، كانت ممولة من “مؤسسة العلوم الوطنية” (National Science Foundation – NSF)، وهي وكالة فيدرالية أمريكية رائدة تدعم البحث والتعليم في جميع المجالات غير الطبية للعلوم والهندسة. كانت المنحة تهدف إلى معالجة الفجوات طويلة الأمد في الوصول إلى تعليم العلوم والتكنولوجيا، خاصة وأن معدل التخرج الوطني لطلاب البكالوريوس في هذه المجالات يبلغ 40% فقط. وكانت الدكتورة ريم جعفر، أستاذة الرياضيات في كلية لاغوارديا، هي التي حصلت على المنحة لتطوير نماذج تعليمية مبتكرة لدعم الطلاب.
شرح السياق: دور مؤسسة العلوم الوطنية وجامعة مدينة نيويورك
تعتبر “مؤسسة العلوم الوطنية” (NSF) محركًا رئيسيًا للابتكار في الولايات المتحدة. الحصول على منحة منها يعد إنجازًا مرموقًا يتطلب عملية مراجعة صارمة. تمثل هذه المنح استثمارًا في المستقبل العلمي للبلاد. من ناحية أخرى، تعد “جامعة مدينة نيويورك” (CUNY)، التي تنتمي إليها كلية لاغوارديا، أكبر نظام جامعي عام حضري في البلاد. لطالما كانت CUNY بوابة للطبقة العاملة والمهاجرين لتحقيق الحراك الاجتماعي، حيث توفر تعليمًا عالي الجودة بتكلفة معقولة. إن استهداف منحة في كلية مجتمعية مثل لاغوارديا يعني حرمان الطلاب الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم من فرصة حقيقية للنجاح.
حجم التخفيضات وتأثيرها المدمر
لم يكن إلغاء هذه المنحة حادثًا معزولًا. إنه جزء من تخفيض هائل بنسبة 75% في ميزانية تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في مؤسسة العلوم الوطنية، حيث انخفض التمويل من أكثر من مليار دولار إلى 288 مليون دولار فقط. ووفقًا لمنظمات سياسة العلوم، يمثل هذا انكماشًا تاريخيًا في ميزانية المؤسسة، مما يعرض للخطر ما يسمى بـ “الخط الأنابيبي العلمي” (scientific pipeline) في الولايات المتحدة، أي نظام إعداد وتأهيل الجيل القادم من العلماء والمهندسين. كتبت الدكتورة ريم جعفر في مقال رأي: “تم إلغاء المنحة كفكرة لاحقة – تم التخلص منها دون مراجعة جادة كجزء من تخفيض شامل وعشوائي للميزانية”.
بالنسبة للعائلات العربية والمهاجرة التي ترى في التعليم، وخاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، مفتاحًا لمستقبل أفضل لأبنائها، فإن هذا الخبر مقلق للغاية. إنه يوضح أن الطريق إلى النجاح يمكن أن تعرقله قرارات سياسية بعيدة. وتدعو الدكتورة جعفر، وغيرها من الأكاديميين، المواطنين إلى التواصل مع ممثليهم في الكونغرس ومجلس المدينة للمطالبة بإعادة تمويل هذه المنح الحيوية، مؤكدة أن الدفاع عن التمويل العام للبحث والتعليم هو دفاع عن مستقبل الطلاب ومكانة الأمة كقائدة عالمية في الابتكار.