رصدت صحيفة ذا هيل الأمريكية عواقب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والذي أنهى رسميًا أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة – في تقرير أوردته عبر موقعها الإلكتروني اليوم الإثنين – أنه رغم ذلك، فإن نهاية وجود الولايات المتحدة الذي استمر 20 عاما في أفغانستان – والطريقة الفاشلة إلى حد كبير التي نفذت بها إدارة الرئيس جو بايدن الانسحاب – رافقتها مخاطر جسيمة، وجعلت أهداف الديمقراطية العالمية ومكافحة الإرهاب تتكبد تكاليف باهظة .
وأضافت الصحيفة أن هذه المخاطر تتجلى في ثلاث قضايا منفصلة ألا وهي: حتمية انتشار الإرهاب في الشرق الأوسط والتهديدات التي تواجهها الجبهة الشرقية لأوكرانيا، والأهم من ذلك كله، تصرفات بكين غير الديمقراطية في تايوان.
وقالت الصحيفة إن القوات الأمريكية المتبقية من أفغانستان انسحبت في 31 أغسطس بعد أسبوعين من الفوضى والدمار حيث شاهد العالم مقاتلي طالبان وهم يطيحون بالحكومة المدنية في أفغانستان بينما فر الرئيس المدعوم من الولايات المتحدة، أشرف غني. وبعدها -تحديدا في يوم الخميس الماضي- أعلن الفرع الإقليمي لتنظيم داعش المسؤولية عن هجوم إرهابي خارج مطار كابول أسفر عن مقتل 13 جنديا أمريكيا وأكثر من 170 أفغانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في أعقاب هذا الهجوم، رضخ الرئيس بايدن بشكل أساسي لشروط الانسحاب التي حددتها طالبان، وهو ما يشكل سابقة خطيرة تمثلت في أن الولايات المتحدة سوف تتفاوض مع حركة دعمت الإرهابيين في الماضي في محاولة لحماية أرواح الأمريكيين المهددة من جانب مجموعة أكثر ضراوة من الإرهابيين.
وتحقيقا لهذه الغاية، فإن الخطر الأكثر وضوحا لانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بات يتعلق بانتشار الإرهاب في الشرق الأوسط.
كما سيطر مسلحو طالبان -الذين لا يزالون على صلة بالجماعات الإرهابية العابرة للحدود- الآن على أفغانستان. في حين لا يوجد بالبلاد حكومة معترف بها دوليا فضلا عن أنها تواجه أزمات اقتصادية وإنسانية خطيرة. ناهيك عن حقيقة أن طالبان يتضح أن لديها أسلحة متطورة وأسلحة صغيرة بقيمة مليارات الدولارات -وبالنظر إلى الحالة الاقتصادية القاتمة للبلاد، فإن طالبان بات لديها حافزا ودافعا واضحا لبيع الأسلحة لأي مجموعة تطرق بابها، حتى وإن كانت المنظمات الإرهابية العالمية.
وعلاوة على ذلك، ثمة فراغ واضح في السلطة في أفغانستان مما يجعل من المحتمل أن تصبح البلاد مرة أخرى ملاذا للجماعات الإرهابية التي يتمثل هدفها الوحيد في تدمير الولايات المتحدة والغرب.
وفي هذا السياق، أوضحت الصحيفة أن إيران -التي من المحتمل أنها قدمت مساعدات سرية لمقاتلي طالبان ضد القوات الأمريكية في الماضي- قد تعهدت بالفعل بالعمل مع حكومة طالبان. وفي الواقع، تستعد إيران لبناء علاقة أكثر قربا مع طالبان.
ورأت ذا هيل كذلك، أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان يحمل في طياته مخاطر محتملة على الجبهة الشرقية لأوكرانيا. فعلى مدار سبع سنوات، دعمت الولايات المتحدة الجيش الأوكراني في جهوده الرامية إلى محاربة الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق البلاد. ومع ذلك ، فإن الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان أثار قلق الحكومة الأوكرانية بشأن التزام الولايات المتحدة بدعم أوكرانيا في جهودها لاحتواء روسيا واستمرار استقلالها عن موسكو.
ومضت الصحيفة تقول إنه علاوة على ذلك، استغل المسؤولون الروس قضية الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان لانتقاد أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة ، وعلى نطاق أوسع ، الجهو الأمريكية لنشر الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة: وأخيرا ، والأهم من ذلك كله، يجب أن نفكر في الكيفية التي شجع بها الانسحاب بكين فيما يتعلق بتايوان.
ففي الأسبوع الماضي ، نشرت صحيفة جلوبال تايمز الصينية التي تديرها الدولة افتتاحية تلمح إلى أن الولايات المتحدة ستتخلى عن تايوان بالسرعة نفسها التي انسحبنا بها من أفغانستان. واقترح المقال أن واشنطن كانت قوة لا يمكن الاعتماد عليها، وأن هذا الانسحاب سيكون “نذير شؤم لتايوان في المستقبل” إذا غزت بكين الجزيرة.
ومن المؤكد أن بكين قد شجعها بشكل واضح بسبب إخفاقات أمريكا في أفغانستان ، فضلا عن حقيقة أنها كانت فعالة إلى حد كبير في وقف الاحتجاجات المناهضة للصين في هونج كونج ، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي عن البر الرئيسي الصيني، على غرار تايوان.