القاهرة – رامي فايز
قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) اليوم الأربعاء، رفع معدلات الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وهو أكبر رفع للفائدة بالولايات المتحدة منذ عام 2000، وذلك بهدف كبح الضغوط التي يتعرض لها اقتصاد البلاد بسبب معدلات التضخم المتزايدة وتراجع فائدة السندات الفيدرالية، وهي خطوة يراها أغلب خبراء الاقتصاد حول العالم بأنها «تاريخية».
ويترتب على ذلك أن يصبح سعر الأموال غاليًا، فيتراجع الاقتراض للأشخاص والأعمال ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التضخم.
فكلما ارتفع سعر الفائدة الذي يضعه البنك المركزي، تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة.
ومن المرجح أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة نصف نقطة أخرى في اجتماعه المقبل في يونيو، وربما يتكرر ذلك في الاجتماع الذي يليه في يوليو، حيث يتوقع الاقتصاديون استمرار ارتفاع أسعار الفائدة خلال الأشهر التالية.
ماذا يعني رفع أسعار الفائدة؟
رفع أسعار الفائدة، هو معيار يحدد أسعار الفائدة على القروض التي تحصل عليها البنوك من البنك المركزي، وبناء عليها تضع البنوك خططها في آلية احتساب جديدة لأسعار الفائدة على القروض التي تقدمها للعملاء.
وكلما ارتفع سعر الفائدة الذي يضعه البنك المركزي، تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة، بالعملات المقومة بعملة المركزي أو المرتبطة بها.
في حالة الدولار الأمريكي، فإن كلفة الإقراض سترتفع اعتبارا من اليوم على البنوك، وبالتالي على العملاء، وهذا مؤشر سلبي على الاقتصادات الباحثة عن تحفيز الأسواق من خلال وضع نسب فائدة منخفضة.
إذ سيدفع رفع كلفة الإقراض إلى تراجع وتيرة الإقدام على طلب التسهيلات الائتمانية في الأسواق العالمية، خصوصا بعملة الدولار والعملات المرتبطة به.
أثر رفع الفائدة على الودائع
إذا كان قرار رفع سعر الفائدة له أثر سلبي على الاقتراض، فإن القرار يحمل جانبا إيجابيا بشكل نسبي على أصحاب الودائع المصرفية لدى البنوك العاملة في الأسواق، إذ إن قرار رفع أسعار الفائدة يعني أيضا أن المودع يحصل على عوائد أعلى.
أي أن المودع بعملة الدولار على سبيل المثال، سيكون أمام فرصة تعزيز ودائعه للحصول على فوائد أعلى مقابل إيداعها لدى البنوك، بسبب قرار رفع أسعار الفائدة.
وفي مثل هذه الحالات، تشهد عديد الأسواق ارتفاعا متسارعا في ودائع العملاء لدى القطاعات المصرفية، للاستفادة من نسب الفوائد الصاعدة، في المقابل تتراجع فرة السيولة داخل الأسواق.
ويعني ذلك، أن الودائع المصرفية أصبحت من أحد أشكال الاستثمار للأفراد والمؤسسات، من خلال وضعها داخل حسابات مصرفية، وتقاضي فوائد عليها بشكل شهري أو ربع سنوي أو سنوي.
وهذا هو المغزى من كبح جماح التضخم عبر زيادة أسعار الفائدة، من خلال تقليص حجم الكتلة النقدية داخل الأسواق، وبالتالي يتراجع الاستهلاك والاستثمار، وتعيد الأسواق برمجة القوة الشرائية بناء على السيولة المتوفرة.
وجاء القرار بعد أن تباينت تكهنات المحللين بشأن الخطوة، حيث توقع البعض بنسبة كبيرة أن يقوم المجلس برفع الفائدة بمقدار نصف نقطة لاسيما عقب التصريحات الأخيرة لرئيس المجلس جيروم باول والتي قال خلالها «إن زيادة الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية ستكون معقولة ومقبولة»، فيما مالت بعض الآراء الأخرى إلى أن الفيدرالي قد يتمهل في رفع الفائدة بهذه النسبة، ويعتمدون في ذلك على تخوفات من أن يتسبب رفع أسعار الفائدة في حدوث ركود للاقتصاد الأمريكي وأن نتائجه السلبية ستكون أكبر من الإيجابية.
كان الاحتياطي الفيدرالي قرر في اجتماعه الأخير في شهر مارس الماضي رفع معدل الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وهي المرة الأولى التي يقرر فيها رفع الفائدة منذ عام 2018، متوقعا رفع الفائدة 6 مرات هذا العام.
وبالنسبة لمعدلات التضخم، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي مؤخرا قفزتها إلى أعلى مستوياته منذ أربعة عقود على أساس سنوي خلال مارس الماضي مقارنة بمستواها في مارس 2021، حيث ارتفع مؤشر التضخم في أسعار المستهلكين بنسبة 8.5 في المائة خلال الإثنى عشر شهرا المنتهية في مارس الماضي، وهي أعلى وتيرة منذ عام 1982.
وأشارت البيانات إلى أن معدل التضخم ارتفع بنسبة 1.2 في المائة خلال شهر مارس الماضي بعد زيادته بنسبة 0.8 في المائة في فبراير السابق له.
وأوضحت أن مؤشر أسعار البنزين ارتفع بنسبة 18.3 في المائة خلال مارس الماضي بعد ارتفاعه 6.6 في المائة في فبراير السابق له، فيما ارتفعت أسعار الغذاء بنحو واحد في المائة.