نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للصحافية غيل كولينز، قالت فيه إن هناك كلاما كثيرا حول محاكمة ترامب، فكيف سيكون شعور الناس حين يتعرفون على الرجل الذي سيخلفه في حال إقالته؟
وقالت في المقال، إنه ربما لم يفكر الكثير من الأمريكيين من الذي سيخلف ترامب إن تمت محاكمته وطرده من الرئاسة، فخليفته الذي سيكون رئيسا (بحسب الدستور) هو نائبه مايك بنس، وهو شخص يسمّي زوجته “أمي”، ولديه قاعدة بألا يشرب في غرفة فيها جمع مختلط من النساء والرجال دون أن تكون زوجته معه، أو أن يتناول وجبة طعام مع امرأة وحدهما ما لم يكن متزوجا بها.
ولو قلنا إن تفسير قواعد نائب الرئيس بشأن الفصل بين الجنسين هو أن هذا الرجل لا يستطيع السيطرة على نفسه، إلا إن كان هناك شخص يحمي الأنثى القريبة منه، لكان الأمر هينا.
ولكن علينا أن نفترض أن بنس يعيش في عالم يعتمد على النظام القديم، حيث لم يكن يُنظر للنساء على أنهن موظفات أو ربات أعمال أو زميلات، ولكن كجنس مختلف تماما يُعرفن بجنسهن، ولهن معاملة خاصة وتمييز خاص.
فمن الناحية العملية -إن أصبح رئيسا- هل يعني أنه لا يمكنه أن يتناول غداء خاصا مع نانسي بيلوسي (زعيمة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب)، إلا إذا كان معهما تشاك شومر (زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ) أيضا؟ وإن أرادت تيريزا ماي أن تجلس معه وتتداول ملف “بريكسيت”، فهل يمكن أن يقدم لها وجبة خفيفة؟
إن هذه ليست بداية جيدة.
لقد كانت الأخبار الكبيرة المتعلقة ببنس هذا الأسبوع أن “الأم” (زوجته) كارين بنس تسلمت وظيفة في التعليم في مدرسة تحظر الطلاب المثليين، وتطلب من الموظفين الإقرار بأن الله لا يقر الزواج من الجنس ذاته.
وكان ذلك مذكّرا بأن بنس قضى معظم حياته السياسية يناهض حقوق المثليين. وذلك أيضا جزء من معارضة الجنس خارج دائرة الزواج التقليدي. وفي إنديانا، حاول بنس أن يتسبب بإغلاق عيادات تنظيم الحمل. وفي إحدى المقاطعات تسببت محاولاته هذه بعدم وجود خدمات مجانية للقيام بفحص فيروس نقص المناعة (الإيدز)، وتسبب ذلك بوباء.
ولكن، شعور بنس وزوجته مسألة إيمان، وأنا متأكدة من أنهم يشتركون في قناعاتهم مع زملائهم وجيرانهم وصديقهم المقرّب الذي تزوج ثلاث مرات (الرئيس دونالد ترامب). وربما بينما يشاركونه هذه المعتقدات، يسليهم ترامب بقصص حول كيفية تشجيعه للصحف الشعبية في نيويورك عبر استخدام عناوين مثيرة حول علاقاته خارج إطار الزواج، ومقدرته العجيبة على التحرش الجنسي بالنساء.
ولو وضعنا الدين جانبا، فإن بنس جمهوري محافظ عادي، وهو صديق جيد للإخوة كوتش (عائلة أمريكية من أصحاب الأعمال). ولا يُتوقع أنه يريد فعل شيء تجاه التغير المناخي أكثر من رئيسه.
وعندما كان حاكما لإنديانا، أثبت مشاعره تجاه المهاجرين، من خلال محاولته منع أي عائلة سورية من السكن في الولاية.
ومن الناحية الإيجابية، فإن لدى بنس حيّة وكلبا وقطة وأرنبا. فإن أصبح رئيسيا ستكون تلك نهاية بيت أبيض خال من الحيوانات الأليفة.
ولقد مرّ على كونه نائبا للرئيس عامان، وليس كما هو الانطباع العام؛ لم تقتصر واجباته على المشي خلف الرئيس وهز رأسه. مع أنه يميل للانفعال عند ذكر اسم رئيسه. ويمكن للقارئ أن يتذكر لقاء الحكومة في نهاية عام 2017، عندما ألقى خطابا مؤيدا لترامب تضمن 14 ثناء عليه (كما حسبها آرون بليك من واشنطن بوست)؛ بمعدل ثناء كل 12.5 ثانية تراوحت ما بين: “لقد قمت بإعادة مصداقية أمريكا على المسرح العالمي”، إلى: “أشعر بالتواضع الشديد، كنائب للرئيس، أن أكون في هذا المنصب”.
ومن بين إنجازات بنس كنائب للرئيس، هناك الطيران إلى إنديانابوليس على حساب دافع الضرائب؛ كي يتمكن من حضور مباراة لاتحاد كرة القدم الأمريكي. وغادر المباراة عندما قام بعض اللاعبين بالركوع على ساق ونصف عندما عزف السلام الوطني الأمريكي.
كما أنه نظّم قراءة في الإنجيل لأعضاء الحكومة يقوده قسيس وصف الكاثوليكية بأنها دين “كاذب”، ويُعتقد بأن المرأة التي يكون لديها أطفال وتعمل خارج بيتها ترتكب ذنبا.
فماذا تظن إذن إن تمت محاكمة ترامب؟ هل سنكون في الوضع الأسوأ في تاريخنا؟ البعض يعتقد أن تلك الخلافة ستكون جيدة، مثل آن كولتر (“إن لم نحصل على جدار، أفضّل الرئيس بنس”).
وإذا قمنا بدراسة علمية عميقة للحوارات حول طاولة الطعام في أمريكا المؤيدة لمحاكمة ترامب، فإنه عندما يذكر بنس سيقول الثلثان: “حسنا، على الأقل لن يقوم بقصف أحد”.
وهذه نقطة مهمة، ولكن كان دونالد ترامب في منصبه لمدة الآن، ولم يكن عدوانيا جدا. وفي الوقع يبدو أنه ينظر بالاتجاه الآخر، بسحبه للقوات من سوريا والتشدق أحيانا، مع أنه غير منطقي، بأنه أنهى الخطر النووي من كوريا الشمالية.
وأعلن بنس للعالم هذا الأسبوع بأن “الخلافة تداعت، وأن داعش هُزمت”، وقد اعتدنا على التبجح من هذه الإدارة، ولكن كانت غريبة، حيث أتت بعد ساعة من خبر مقتل أمريكيين في هجوم لتنظيم الدولة.
ولذلك، فإن محاكمة ترامب ليست بالضرورة بابا لحياة أفضل، ولكنها ستعني اتخاذ موقف ضد فكرة أن يعيق الرئيس العدالة ويبقى جالسا في البيت الأبيض.