مقال للكاتب الصحفي/ رامي فايز
لا يمر شهر تقريبا دون أن تصدمك الصحف والمواقع الإخبارية العربية بخبر بعنوان «نيزك ضخم يقترب من الأرض.. وناسا تحذر».
وتحدد هذه المواقع الإخبارية تاريخا محددا لما يزعمون أنه موعد اصطدام النيزك مع الأرض، وكالعادة يمر هذا التاريخ دون حدوث أي شئ، فما القصة إذن؟!.
القصة وما فيها أنه للأسف صحفنا العربية تعاني من نقص الكوادر المؤهلة للترجمة، فيسارع أصحاب «النصف مهارة»، بترجمة خبر مثير بعنوان «نيزك يقترب من الأرض»، وغالبا ما يكون هذا الخبر منقولا عن صحيفة «express» البريطانية، والتي تحتكر هذه الأخبار وتنشرها بصفة يومية، لما تجده فيها من سلعة رائجة تجلب زوارا بالملايين.
ولا يلاحظ المترجم الصحفي للصحف العربية أسلوب صحيفة «إكسبريس» أبدا، ويقع في نفس الخطأ يوميا، إذ أن نهج الصحيفة البريطانية في هذه الأخبار أنه يبث الرعب في النفوس في بداية الخبر ويتحدث عما سيحدث إذا اصطدم الكويكب بالأرض، ولكن في السطر الأخير يكتبون دائما عبارة «ولحسن الحظ فرص أن يضربنا هذا الكويكب منعدمة»!، والتي لا يراها صحفيونا العرب نظرا لإكتفائهم بترجمة خمسة أسطر بالكثير من المقال!.
وتظلم هذه الصحف الأجنبية والمواقع العربية الناقلة عنها «وكالة ناسا»، إذ تزج بإسمها زاعمة أنها تحذر من اصطدام النيزك المزعوم بالأرض، ما يجعل مصداقيتها على المحك، وهذا على خلاف الحقيقة، فوكالة ناسا أعلنت بكل وضوح أنه لا يوجد أي نيزك في مسار تصادمي مع الأرض خلال القرنين القادمين على الأقل.
ولكن ناسا لديها مشروع يسمى مشروع «الكويكبات القريبة من الأرض» أو near-Earth objects” (NEOs)، وهو مشروع رصدوا فيه 90% من الأجسام الفضائية التي تدور حول الأرض وقادرة على تحقيق دمار حال اصدامها به، وتعلن ناسا بالتفصيل عن هذه الكويكبات ومساراتها وتصنفها «كخطر محتمل» وذلك نظرا لحجمها الكبير، فحين تقول الوكالة الأمريكية أن كويكب «محتمل الخطورة» يمر بالأرض فهذا أمر عادي وسيتكرر دائما، لأنهم لا يقصدون بذلك أي اصطدام في المستقبل القريب، بل ينبهون العلماء لدراسة هذه الكويكبات عند مرورها بجوار الأرض في مسافات آمنة، لمعرفة أكبر قدر من المعلومات عنها ودراسة مساراتها المستقبلية بدقة.
لذلك عزيزي القارئ ننصحك بعدم الإكتراث بمثل هذه الأخبار مرة أخرى، وتحرى الأمور من مصادرها، فيمكنك الذهاب لموقع www.spaceweather.com الموثوق وستجد في نهاية الموقع جدول للنيازك القريبة من الأرض وستجد هذه العبارة بوضوح «None of the known PHAs is on a collision course with our planet» والتي معناها أنه لا يوجد أي نيازك أو أجسام معروفة في مسار تصادم مع الأرض، إذا لم تجد هذه العبارة يوما ما حينها عليك أن تقلق، أما غير ذلك «شكليات».