في حي بنسونهيرست جنوب بروكلين، يُسدل الستار على فصل من تاريخ الجالية الإيطالية بنيويورك مع إعلان إغلاق متجر «باري بورك ستور» الشهير بعد أكثر من خمسين عامًا من الخدمة. هذا المتجر المتخصص في بيع اللحوم الباردة والمنتجات الإيطالية الأصيلة كان وجهة رئيسية للأمريكيين الإيطاليين للحصول على بضائع من وطنهم الأم، وقد شكّل جزءًا من الهوية الغذائية والثقافية للحي لعقود طويلة.
صدمة الزبائن ومشاعر الحنين: أثار خبر الإغلاق حزنًا عميقًا لدى الزبائن المخلصين الذين اعتادوا ارتياد المتجر منذ عقود. يقول بيتر ملنديز، أحد الزبائن: “أرتاد هذا المكان منذ 28 عامًا، إنّه أشبه بعائلة لي”. كثير من الرواد يعتبرون المتجر «قطعة من إيطاليا» في قلب نيويورك، ومع سماع نبأ الإقفال عمّت مشاعر الأسى وكأن الجميع يفقد جزءًا من ذكرياته وحنينه.
أسباب الإغلاق وتغيّر المجتمع: أوضح مالكا المتجر، توني توريجيانو وجورج فيرانتيلو، أنهما بعد 26 عامًا من إدارة العمل لم يعودا قادرَين على تحمل تكاليف الاستمرار. أحد الأسباب الرئيسية هو تغيّر التركيبة السكانية للحي؛ فالجيل القديم من الإيطاليين الذين كانوا عماد زبائن المتجر انتقل كثير منهم إلى أحياء أو مدن أخرى. يقول توريجيانو: “الناس الذين يتذوقون هذا الطعام لم يعودوا موجودين هنا؛ لقد غادروا الحي”، في إشارة إلى تقلّص عدد السكان من أصول إيطالية في المنطقة.
حكاية متجر عريق: افتُتح هذا المحل الإيطالي التقليدي عام 1969، وقد تعلّم صاحبا المتجر فن تحضير النقانق الإيطالية الطازجة وجبن الموتزاريلا منذ أن كانا في سن 14 و15 عامًا. عبر السنين، صمد المتجر في وجه كل التحديات والركود والأزمات الاقتصادية، لكنه لم ينجُ من «العاصفة التي لم تكن في الحسبان» كما وصفها أصحابه، في إشارة إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة التي عصفت بالحي .
حنين وافتخار محلي: بالنسبة لسكان بنسونهيرست، خسارة هذا المتجر ليست مجرد اختفاء محل تجاري، بل فقدان معلم اجتماعي يحمل ذكريات أجيال. تقول دونا جيفورد، إحدى الزبونات: “إغلاقه يسلب الحي جزءًا من روحه… لقد كان امتدادًا لمطبخي”. ويعبّر كثيرون عن امتنانهم لعقود من الخدمة والذكريات الجميلة التي وفرها «باري بورك ستور»، آملين أن تُحفظ قصته كجزء من تراث بروكلين الغني بالتنوع الثقافي.