بيع أكثر من ثلثي المنازل في نيويورك نقدا خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهي نسبة قياسية، في وقت تردع فيه أسعار الفائدة المرتفعة على الرهن العقاري الجميع، باستثناء أغنى المشترين.
وبينما تحوم معدلات الرهن العقاري حول 6 % حالياً، قالت رئيسة شركة كوركوران للوساطة العقارية، باميلا ليبمان، إن نحو 70% من المنازل التي بيعت في حي مانهاتن بنيويورك خلال الربع الأخير من 2023 تم شراؤها نقداً، مقارنة بـ 55% في الفترة نفسها العام 2022.
وأضافت أن ارتفاع أسعار الفائدة تشكل تحدياً كبيراً للراغبين في شراء منزل ولا يملكون الموارد المالية الكافية للدفع نقداً. وهذا يحول مشتري المنازل المحتملين في نيويورك إلى مستأجرين.
وأظهر تقرير لشركة كوركوران، زيادة بنسبة 4% في عقود الإيجار الجديدة في مانهاتن وبروكلين في يناير 2024، مقارنة بالعام الماضي، كما ارتفعت الإيجارات إلى أعلى مستوى متوسط لها على الإطلاق عند 3950 دولاراً. وقالت ليبمان، إن هذا يظهر أن الناس لا يرغبون في تحمل مستوى معين من الديون في الرهن العقاري.
وأضافت أن ارتفاع تكلفة الاقتراض لمشتري المنازل، خلق فراغاً في قلب سوق العقارات، حيث يزداد الأغنياء ثراء، بينما يضطر المشترون الذين لا يملكون القدرة على الشراء نقداً إلى تأجيل خططهم، في الوقت الذي تشهد فيه إيجارات المدينة ارتفاعاً مستمراً.
وأشارت إلى أن جزءاً مما يحدث يعود إلى عوامل نفسية لأن الجميع يعتقدون أن أسعار الفائدة ستنخفض، لذا يفضلون دفع ثمن العقار نقداً الآن وإعادة تمويله لاحقاً.
ووفقاً لشركة دوجلاس إليمان للوساطة العقارية، بلغ متوسط سعر بيع شقة في مانهاتن 1.15 مليون دولار في الربع الرابع من 2023، وهذا يمثل ارتفاعاً بنسبة 5 % مقارنة بالفترة ذاتها من 2022، ويقترب من متوسط سعر البيع القياسي البالغ 1.25 مليون دولار في الربع الثاني من 2022، الذي تزامن مع بدء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة. ونتيجة لذلك تباطأت عمليات شراء العقارات في المدينة.
وقارنت ليبمان، السوق بالمدن ذات الأسعار المعقولة، مثل مدينة شارلوت بولاية كارولينا الشمالية، حيث ذكرت أن المنازل تباع خلال أيام، وغالباً في حرب مزايدات. أما في نيويورك فإن بعضاً من أفضل العقارات التي تطرح في السوق تظل معروضة للبيع لأشهر.
ووفقاً لليبمان، شهدت الولايات المتحدة العام الماضي أقل من 4 ملايين صفقة عقارية، انخفاضاً من ذروة جائحة كورونا البالغة 6 ملايين، وهو ليس بالأمر الجيد.
وقال توماس رايان، الخبير الاقتصادي في العقارات بشركة كابيتال إيكونوميكس، إنه رغم الارتفاع الطفيف في المعاملات العقارية في يناير، إلا أن سوق الإسكان في جميع أنحاء الولايات المتحدة لا يزال متجمداً عملياً، مع انخفاض المعاملات إلى أقل بكثير من متوسط 5.1 ملايين معاملة، الذي شهده العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأوضحت إيرين سايكس، وهي سمسارة عقارات في نيويورك وميامي وخبيرة اقتصادية لدى شركة نيست سيكرز، أن الشراء النقدي ارتفع بالفعل في بعض الأسواق التنافسية بالولايات المتحدة قبل أن تبدأ أسعار الفائدة في الارتفاع.
وأضافت سايكس: «كان الكثير منهم يملكون أموالاً نقدية من قبل لأنهم كانوا بحاجة للفوز في حروب العطاءات، ولم يكن بإمكانك الفوز بقروض الطوارئ»، لذلك كانوا يضطرون للشراء نقداً ثم الحصول على القرض لاحقاً، إلا أن عمليات الشراء النقدي في ظل بيئة أسعار الفائدة المرتفعة الحالية أصبحت أكثر انتهازية، وفق قولها. وأوضحت: المشترون الجادون لإتمام صفقات عقارية الآن هم الأشخاص الذين لديهم سيولة أو يتحركون عكس السوق، إنهم غير قلقين لأنهم يرون فرصة لإبرام صفقات والحصول على عقارات بأسعار أقل.
وتفاقمت التحديات التي تواجه المشترين في نيويورك بسبب النقص المزمن في الوحدات السكنية، والذي يلقي المطورون باللوم فيه بطرق مختلفة على اللوائح التي حدت قدرة الملاك على زيادة الإيجارات، وكذلك انتهاء العمل بحافز ضريبي دعم تشييد العديد من المباني الجديدة.
كما انخفضت تصاريح مشاريع البناء السكني الجديدة بشكل حاد العام الماضي، وفقاً لمنظمة الشراكة من أجل نيويورك، بانخفاض 55% في الربع الأخير من عام 2023 مقارنة بالربع ذاته من 2022، ومن بين محاولات علاج الموقف، دعم عمدة المدينة إريك آدامز فكرة تحويل المباني المكتبية القديمة إلى أبراج سكنية، إلا أنه مسعى مكلف ويشوبه صعوبات تقنية، وسيؤدي إلى توفير عدد محدود فقط من الشقق الجديدة، وفقاً للمهندسين المعماريين والمطورين.
وأدت أزمة المعروض من العقارات في نيويورك، إلى انخفاض معدلات الشواغر من نحو 4.5% في العام 2021 إلى 1.4 %، أي أقل من معدل ما قبل الجائحة البالغ 3.6% وفقاً للمراقب المالي لمدينة نيويورك. وقال ليبمان، إن القدرة على تحمل التكاليف في نيويورك صعبة في الوقت الحالي، إنها تخرج الكثير من الناس من السوق.